.. والحديث عن الحج والحجاج سيظل موصولا فما أكثر المسئوليات المنوطة لوزارة الحج والأوقاف..
وحديثنا اليوم عن أوضاع المساجد والأئمة والخطباء فما نظن أحدا يخالفنا الرأي أنه بات محتوما إعادة النظر في أوضاع المساجد عموما بما فيها المسجد الحرام.. نعم المسجد الحرام..
فهذا المسجد رغم ما يتمتع به من قدسية ومكانة عند المسلمين ما زال بعض الحجاج ينتهكونه بالنوم والسكنى وتخزين أمتعتهم وكأنه خان أو فندق أو مستشفى بصورة لا مثيل لها في أي مسجد من مساجد الدنيا حتى المقام منها في غير أرض الإسلام.
وهذا المسجد أيضا ينتهكه المتسولون من كل أنحاء العالم يضايقون المصلين والطائفين والعاكفين إلى درجة تسئ إلى البلاد إساءة بالغة فقد رأينا أمثال هؤلاء ممنوعين من ارتياد المساجد في بلاد ليس دينها الإسلام وحسبهم الوقوف على أبواب المساجد دون ولوجها.
وهذا المسجد تقلصت منه حلقات الدرس والوعظ والتوجيه حتى خلت أو كادت حصباؤه من الوعاظ والمدرسين والدعاة إلى الله إلا فيما ندر وفي أضيق الحدود والمجالات..
وما يقال عن المسجد الحرام يقال عن بقية المساجد على نطاق أوسع وبزيادات تتعلق بالنظافة والفرش وخفض مستوى الأئمة والخطباء إلى درجة أن بعضهم ما زال يمسك يوم الجمعة بكتاب قديم من الخطب المنبرية الأثرية ليقرأها على المصلين والله يحب المحسنين..
والذي أريد أن أرجوه من سعادة وكيل الوزارة لشئون الحج والأوقاف هو التفاتة كريمة وحازمة إلى هذه الأوضاع والقيام بجولة مفاجئة وبدون سابق إنذار على المساجد للوقوف على واقعها من جميع النواحي واتخاذ ما يراه كفيلا لتغيير هذه الأوضاع.
أما الخطوة الهامة والجديرة بالاهتمام والتنفيذ العاجل هي إنشاء معهد لتخريج الخطباء والوعاظ والأئمة على مستوى يليق بهذه البلاد الجديرة بالصدارة في هذا المجال مع وضع كادر خاص لمرتبات هؤلاء الأئمة والخطباء يتناسب مع درجتهم العلمية فمرتبات الأئمة الحالية لا تشجع على الإقبال على هذه الوظائف.
وإلى أن يتم إنشاء هذا المعهد وتخريج الأئمة والخطباء والوعاظ في وسع الوزارة أن تلجأ إلى وضع مكافآت مجزية لأئمة وخطباء غير متفرغين تقوم الوزارة باختيارهم من كل محلة بعد دعوتهم لديها وعرض قيامهم ببعض الصلوات وخاصة الجمعة وخطبتها مقابل مكافأة شهرية مع استبقاء الأئمة الرسميين لبقية الصلوات.
أما خطبة الجمعة بالمسجد الحرام والتي تذاع على الهواء إلى جميع أقطار العالم الإسلامي فإننا نقترح أن يتناوب عليها عدد من أحسن الخطباء لا في مكة وحدها بل من جدة والطائف ما دام بهما خطباء ممتازون يعالجون أدواء المجتمع ويتناولون واقعه بعد أن تضع الوزارة جدولا شهريا بموعد كل خطيب لإعطاء المستمع في المملكة وخارجها صورا متجددة مختلفة بدلا من هذه الصور المكرورة والأساليب المعادة والتي لم تعد تنفذ إلى نفوس المصلين من كثرة الاستماع إليها..
إن الهدف الأساسي من خطب الجمعة هو الدعوة والتذكير ومعالجة أدواء المجتمع ومشاكل الزمان فلو أحسنا أداء هذه الخطب أسبوعيا وفي جميع المساجد لأصبحنا في غنى عن كل موعظة أو إرشاد أو توجيه.
فهل ننتظر هذا من وزارة الحج والأوقاف في عهدها الجديد؟
هذا ما نرجوه والله الموفق..