الخميس, 08 سبتمبر 2011 12:54

المرور في مكة المكرمة هل يصبح قضية

قييم هذا الموضوع
(1 vote)

المرور.. واختناقاته في مكة المكرمة في مثل هذه الأيام يعتبر قضية، من المهم جداً الوقوف على خلفياتها ومسبباتها ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها.

إن تحميل أي مسئول مروري في العاصمة المقدسة مسئولية الإخفاق في تنظيم الحركة.. وفك الاختناقات يعد ضرباً من ضروب الخطأ..

فالصورة واضحة المعالم ولا تحتاج إلى أية رتوش – الضغط يفوق الطاقات – وقصور التعاون من قبل المواطن مع جندي المرور أمر وارد وهذه من الظواهر السيئة مع الأسف.

إذن. فجندي المرور أو ضابطه لا يملك عصا سحرية أو معجزة يستطيع تفجيرها ليضبط شيئا من الصعب جدا ضبطه..

لقد طرحنا هذه القضية للنقاش وحاولنا من خلال طرحنا لها أن نجعل من المرور شماعة خطأ.. مع أننا مقتنعون تماما بأن الإيجابية هي السمة الغالبة على أداء المرور ورجاله.

طرحنا – قضية سحب السيارات – على أساس أنها ظاهرة تولد بعض المشاكل.. وكان هدفنا من هذا الطرح هو الدخول إلى عمق القضية.. فالسيارات المنسوبة مسألة ناجمة عن عدم وجود أماكن مخصصة للوقوف وعدم سحبها يكون رد فعله اختناق الحركة وتجمدها في بعض الأحيان.

لذلك كان طرحنا لهذه القضية على أساس أن هناك أزمة مرورية (اختناق حركة، سحب سيارات، شدة وحدة في تعامل جندي المرور مع المواطن).

توجهنا بالقضية برمتها إلى كل من معالي أمين العاصمة المقدسة الأستاذ فؤاد محمد عمر توفيق ورئيس المجلس البلدي الأستاذ صالح محمد جمال.

والمقدم يحيى الزايدي مدير مرور العاصمة (كثلاثي مسئول) فالأستاذ محمد أحمد حساني الكاتب المعروف.. حيث أشرنا في طرحنا لهذه القضية إلى وجود ازدحام مروري وسحب للسيارات وعدم تسليمها لأصحابها حتى ولو وجدها معلقة على الرافعة.. وكمشكلة. ما هي الحلول المناسبة لها؟!

أمين العاصمة

كان أول لقاء لنا مع المهندس فؤاد محمد عمر توفيق أمين العاصمة المقدسة حيث قال: إن الحل لهذه المشكلة يتوقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بإنشاء مواقف للسيارات بحيث تهيأ الاعتمادات الخاصة بها بصورة عاجلة.. كما أن من الممكن في تصوري أن تحل هذه المشكلة حلا جذريا إذا ما تم إنشاء أنفاق تحت الأرض حول الحرم لسير السيارات بحيث لا تعترض سير المشاة لتصل إلى المناطق المخصصة لوقوفها بسهولة ويسر، إذ أن الوقوف في المناطق المحيطة بالحرم المكي ينجم أحيانا.. وخاصة في الليالي الأخيرة من شهر رمضان – عن ازدحام المشاة الأمر الذي يترتب عليه إيقاف أصحاب السيارات لسياراتهم حول الحرم ليتمكنوا من اللحاق – بالصلاة وأدائها مع الجماعة، لاسيما إذا ما عرفنا أن ليلة 27 من شهر رمضان وليلة العيد تشهد ضغطا مروريا مكثفا لا أبالغ إذا ما قلت أنه على مدى الـ 24 ساعة لليلة 27 من رمضان تدخل مكة حوالي مائة وعشرين ألف سيارة.. هنا يجب أن يكون هناك نوع من التعاون من قبل المواطن تجاه رجل المرور.. وكذلك في المقابل فإن المرونة مطلوبة من جانب رجل المرور.

أما من حيث سحب السيارات وعدم إنزالها إذا حضر صاحبها فإنه من الأفضل في رأيي أن تسلم السيارة لصاحبها بعد أن تؤخذ منه الغرامة النظامية.

وثمة نقطة مهمة أود الإشارة إليها ألا وهي أن توعية المواطن والمواءمة بينه وبين جندي المرور ودور كل واحد منهم تجاه الآخر، يجب أن تضطلع به وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية..

.. فاتني أن أشير إلى نقطة مهمة جدا يجب أن نراعيها جميعا فيما يختص وقوف السيارات في أحياء وسط البلد الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة الحركة وبالتالي تسبب إزعاجا لرجال المرور.

هذه النقطة تتلخص في أن العمائر الواقعة في وسط البلد لا تحتوي على مواقف لأنها أنشئت منذ زمن بعيد لم يكن قد وضع فيه الشرط الذي يقضي بإنشاء مواقف للسيارات تحت العمائر الكبيرة.

لذا فإنني أناشد مواطني العاصمة المقدسة الذين تقع منازلهم في وسط البلد بأن يقللوا من أعداد سياراتهم التي تقف تحت منازلهم وأعني بهؤلاء من يملكون أكثر من سيارتين.. وهم كثيرون جدا – فلو اكتفى صاحب أربع السيارات بسيارة واحدة لطلباته المهمة تحت منزله وأخرج الباقي لعدة أيام إلى الميادين البعيدة عن وسط البلد – لحققنا نوعا من المعاونة لرجال المرور وللقادمين إلى مكة من خارجها. ولما لجأ المرور إلى سحب المزيد من هذه السيارات.

الأستاذ صالح محمد جمال رئيس المجلس البلدي بمكة المكرمة:

أعتقد أن سحب المرور لأية سيارة يجب أن يرتبط بعرقلتها الفعلية للمرور ولا يكفي أن تكون في موقف ممنوع مبرر لما يترتب على السحب من أضرار.

وفي رأيي أن يطبق الجزاء فقط على السيارة المخالفة – أي التي تقف حيث يمنع الوقوف.

وإذا كان المثل الدارج يقول : "إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع" وطالما أن المواقف الآن متعذرة فإن المفروض هو المرونة أي السماح بالوقوف لحظات لقضاء حاجة ثم مواصلة السير، أما أولئك الذين يوقفون سياراتهم ويقفلونها ثم يتغيبون عنها ويعطلون مصالح الآخرين فإنهم أحق بالجزاء على الصورة التي أشرت إليها أعلاه.

أما اللجوء إلى هدم المساكن والمتاجر لإيجاد مواقف السيارات فأنا ضد هذه الفكرة ومهما هدمنا ومهما أنشأنا من مواقف للسيارات فإن المشكلة سوف تستمر طالما أن حبل تملك السيارات لمن هب ودب على الغارب لأنك سوف لا تصدق إذا قلت لك أن حارساً أجنبياً في مؤسسة يسكن في صندقة اشترى سيارة وهو يتدرب على سواقتها تمهيدا للسير بها في شوارع مكة والنزول بها مع العائلة الكريمة إلى المسجد الحرام وراتب هذا الحراس ألف ومائتا ريال وأكثر من نصف عمال هذه المؤسسة يملكون سيارات لذلك فإنني أرى أن نعالج مشكلة تكاثر السيارات معالجة جذرية فلا يصح أن يسمح هكذا لكل من هب ودب من غير السعوديين بتملك السيارات بل لابد من قصرها على أصناف محددة. مع زيادة خدمات المواصلات العامة وإيصالها إلى جميع المناطق بحيث تتاح لهؤلاء العمال انتقالات ميسرة.

كذلك أنا معك في وجوب اتسام معاملة رجال المرور للمواطنين والضيوف باللين والمرونة فإذا ما حضر المواطن صاحب السيارة المسحوبة وتحديد موقع معروف لنقل السيارات إليه وليكن أقرب موقف خارج العمران ليذهب إليه كل من سحبت سيارته ويدفع الجزاء ويتسلمها في الحال لئلا تتسم المعاملة بالانتقام والتشفي.

كذلك اقترح بأن يستفاد بنصف مساحة السوق الصغير مما يلي الشبيكة بحيث تضم أرضه مع النصف الثاني مما يلي المسجد الحرام وينشأ فوق النصف الموالي للشبيكة موقف متعدد الأدوار ولتكن عشرة وبهذا نتلافى المزيد من أبعاد الخدمات الضرورية للحجاج والزوار من المطاعم والمشارب والهدايا بالمزيد من الهدميات..

المقدم يحي الزائدي – مدير مرور العاصمة:

أما من يعنيه هذا الأمر وهو المقدم يحيى سرور الزائدي مدير مرور العاصمة المقدسة فقد قال في الحقيقة إننا في هذا العام قد استعدينا بما يتفق والإمكانات المتاحة لمواجهة الضغط المروري المتوقع فقمنا بتجهيز بعض المواقف حول الحرم الشريف وأبرز هذه المواقف (ميدان السوق الصغير) بالإضافة إلى مواقف مجاورة للحرم – وهي صغيرة خصصت لسيارات الضيوف – كما أنه قد تم تجهيز موقف حجز السيارات في كدى لاستقبال سيارات المعتمرين ورعايتها والاهتمام بها من قبل حراسة رسمية جهزت لهذا الغرض.. من هنا يبرز عنصر اهتمامنا كمسئولين بما يساعد على حل مشاكل الاختناق المرورية وأزمة المواقف.. أما فيما يتعلق بسحب السيارات من الشوارع العامة فهذا بلا شك شئ طبيعى – فأي سيارة يكون وقوفها غير نظامي ومعرقلا لحركة السير فإن سحبها هو الحل الوحيد وإيداعها في أقرب (منطقة حجز) من مكان سحبها.. وما لم نتخذ مثل هذا الإجراء فإن المشكلة سوف تتفاقم ولا أعتقد أن هناك إجراء أقل شدة من هذا طالما أن الوقوف غير نظامي كما سبق وأن أشرت إلى ذلك.. لكني هنا أستدرك بأن هذا الإجراء لا يتخذ إلا في المناطق المجاورة للحرم.. وكون السيارة لا تسلم لصاحبها إذا حضر وهي معلقة في (الونش) فهذا غير صحيح.. إذ أنه يتم تسليمها له.. وصدقني أن في هذا الإجراء تخفيفا على المسئولية في المرور من معاناتهم في هذا المجال..

نأتي هنا للحديث عن الحل لهذه المشكلة فأقول بأن إيجاد مواقف للسيارات حول الحرم شيء ضروري جدا لأن أعداد السيارات يتضاعف من عام لآخر.

.. وأود أن أشير إلى أننا من خلال تجربتنا هذا العام سوف تحدد ما إذا كان حجز السيارات القادمة من جدة والطائف خارج مكة – ضروريا – بحيث يتم تطبيقه في العام القادم.

إذ أننا لم نحاول تنفيذ هذه الفكرة في هذا العام لنرى جدوى المواقف المستحدثة داخل مكة المكرمة.. لكن إذا ما رأينا أن السيارات التي تدخل مكة من خارجها سواء من جدة – أو الطائف أو المدينة أو الليث هي السبب الرئيسي في حدوث الاختناق المروري في قلب البلد فإنه سوف يجري حجزها خارج مكة بشرط أن يتم توفير وسائل النقل الكافية لأصحاب هذه السيارات وركابها والتي تضمن وصولهم إلى الحرم ثم العودة إلى المناطق الموقفة بها سياراتهم.

الصحفي محمد أحمد الحساني

في الواقع أن قضية المعاناة التي يجدها الأخوة الذين يقصدون المسجد الحرام لأداء مناسك العمرة أو لأداء الصلاة وخاصة صلاة المغرب والعشاء، قضية هامة تستحق من رجال الفكر والأقلام العناية وأن توضع من قبلهم موضع البحث والمناقشة حتى تصل بحجمها الحقيقي إلى المسئولين في الحكومة الرشيدة الذين لن يبخلوا على مشاريع أم القرى بأي مبلغ تحتاجه، فقد عودونا على البذل السخي على أي مشروع يخدم ضيوف الله والمواطنين.

ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن من وسائل تخفيف هذه المعاناة القيام بإنشاء عدد من مواقف السيارات المتعددة الأدوار على الطرق المؤدية إلى الحرم تستوعب في مجموعها مما لا يقل عن عشرة آلاف سيارة، وعلى سبيل المثال فإن من الممكن استغلال المنطقة الواقعة تحت الساند الأيمن لطلعة الحفاير بالنسبة للقادم إلى الحرم الشريف والتحكم في قامة الارتفاع بين الشارع العام والمنطقة الواقعة تحت الساند لإنشاء موقف ضخم للسيارات يستوعب ما لا يقل عن خمسة آلاف سيارة وكذلك يمكن عمل موقف آخر في حارة الياس يستوعب الفي سيارة وثالث في حي الهجلة يستوعب ألف سيارة، ورابع في أجياد يستوعب ألف سيارة وآخر في السليمانية أو في القرارة عند مدخل الأنفاق وهكذا يمكن لهذه المواقف بالإضافة إلى موقفي القشاشية والمعلا أن تخفف كثيرا من المعاناة وتجعل المسافة بين موقف سيارة المعتمر والمسجد الحرام في حدود تقل عن كيلو متر واحد ومما يمكن طرحه من أفكار حول هذا الموضوع دراسة عمل مواقف أرضية ودورات مياه تحت منطقة السوق الصغير عن طريق الحفر إلى أعماق معينة وإقامة المواقف تحت الأرض مع دورات المياه ثم استغلال المنطقة العلوية للصلاة كجزء جديد يدخل ضمن الحرم الشريف الذي يزداد قاصدوه يوما بعد يوم.

إن الواقع المؤلم الذي يعيشه الذين يقصدون المسجد الحرام يوجب علينا جميعا أن نبحث عن الوسائل الكفيلة بإراحة هؤلاء الأخوة الكرام الذين يأتون قاصدين التعبد وأداء المناسك والذين يستحقون منا كمواطنين وكدولة كل اهتمام وهو ما حصل في أكثر من مرفق بذلت عليه الحكومة الرشيدة من أجل أن تجعل المرافق المتصلة بخدمة الحجاج والمعتمرين قادرة على تقديم أفضل الخدمات لهؤلاء الضيوف الكرام.

إن المرور يريد أن ينجح بأي طريقة ولذلك فهو لا يتردد في سحب السيارات التي يعتقد أن في وقوفها ما يقلل من النجاح الذي يسعى إليه، وهو أي المرور يعتذر بأنه لا وسيلة لديه إلا سحب السيارات وتنظيف الشوارع منها والغانم في هذه العملية هم قاصدو المسجد الحرام ولا حل كما أسلفنا إلا بإقامة عدد مناسب من مواقف السيارات بالإضافة إلى تكثيف خدمات النقل الجماعي حتى يستخدم كبديل للنقل الخاص للوصول إلى قلب العاصمة المقدسة والله الموفق إلى صالح الأعمال..

وماذا بعد..؟

هذه هي حصيلة الجولة التي قامت بها "المدينة" في أوساط من تهمهم العاصمة المقدسة.. حركة.. وتنظيماً.. بالنسبة للناحية المرورية حيث حاولنا من خلال هذه الجولة أن نستقطب آراء مسئول.. ونفكر معاً.. على أنه مهما اختلفت الآراء.. أو تباينت.. إلا أنها في النهاية تجتمع عند نقطة واحدة ولكنها مهمة بل هي صلب الموضوع.

هذه النقطة تتلخص في أن (المرور) كجهة معنية بهذا الأمر يواجه – ما هو أكبر من طاقاته.. وقدراته.. ومع هذا فإن أحداً لا ينكر الجهد الخارق المضاعف الذي يبذله كل مسئول في مرور العاصمة المقدسة وهو الأمر الذي قد لا يواجهه أي جهاز مماثل (في العالم) إذ أن أرتال الآلاف من السيارات التي تتجمع في منطقة محدودة لا تزيد مساحتها عن آلاف قليلة من الأمتار.. ألا وهي منطقة الحرم وذلك على مدى (خمسة عشر يوماً وليلة) على افتراض أن تضاعف إعداد السيارات تبدأ من عند النصف الثاني من شهر رمضان المبارك.

تبقى وجهة نظر محددة لنا في هذا الصدد.. وهي أنه لابد من أن يقوم مرور مكة المكرمة – إلزاماً – بتنفيذ الفكرة التي أشار إليها المقدم يحيى الزايدي في حديثه وهي أنه قد ينظر في موضوع حجز السيارات خارج مكة المكرمة في العام القادم فيما لو رؤي أن هناك جدوى من هذه الفكرة..

معلومات أضافية

  • العــدد: 6300
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة
الذهاب للأعلي