كانت سقاية الحاج من بئر زمزم الذي يقع وسط المسجد الحرام وبجوار الكعبة المشرفة من مفاخر العرب التي أقرها الإسلام وظلت هذه السقاية بتسلسل في أعقاب قريش منذ العصر الجاهلي وعبر العصر الإسلامي الأول مروراً بكل العصور الإسلامية المزدهرة وغير المزدهرة إلي يومنا الحاضر يحضر لهذه السقيا المسلمون من كل صوب يتضلعون من هذا الماء المبارك الذي قال عنه رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - ماء زمزم لما شرب له، طعام طعم وشفاء سقم" أو كما قال..
وتطور أسلوب السقاية بتطور الزمن فصنعت لذلك "الدوارق" التي اتخذت شكلاً خاصاً بسقاية زمزم واستعملت في السقيا الطاسات التي لا يشرب بها إلا ماء زمزم، وأصبحت سقاية زمزم داخل الحرم إحدى الحرف الشريفة اختصت بها بعض الأسر الحجازية يتوارثونها عبر السنين وللقائمين عليها سجل ونظام وهيئة كل ذلك من أجل تنظيم سقاية زمزم للحجيج داخل المسجد الحرام طيلة الليل والنهار وخاصة للقادم المحرم. الحاج أو المعتمر ، فإن أول ما يدخل جوفه ويختلط بلحمه ودمه في هذا البلد المقدس هو ماء زمزم يقبل عليه متلهفاً متلذذاً بشربه..
وفي رمضان بالذات يصبح لسقاية زمزم مظهر جديد ونكهة جديدة لسقيا الصائمين والعاكفين والركع السجود من المصلين للتراويح والتهجد حيث تصبح هذه السقاية حاجة ملحة وضرورة لازمة لا يمكن الاستغناء عنها ويزاولها ستزول صورة إسلامية كانت ولا تزال من الصور التي تتميز بها مكة المكرمة عن جميع المدن، وهي في الوقت نفسه صورة لم تتعرض لنقد أحد قط من الوافدين أو المقيمين رغم ما تعرضت له غيرها من الصور من مختلف أنواع النقد..
في مطلع هذا العام سنة 1400 فوجئ رواد المسجد الحرام بمنع محترفي سقاية زمزم من مزاولة هذه السقاية واختفت تلك الصورة الجميلة التي كان ينفرد بها المسجد الحرام، كما أسلفنا، وراح الحجاج والزوار والمقيمون يبحثون عما يطفئ ظمأهم فلا يجدونه، وبعد كلمة سابقة منا وجدت بعض البراميل الصغيرة التي سرعان ما تفرغ وبالتالي ساخنة المحتوى لخلوها من الثلج..
وإذا طال هذا المنع سيتسرب محترفوا السقاية إلى أعمال أخرى، وقد تسرب بعضهم فعلاً وقد لا نجدهم مطلقاً إذا استمر المنع طويلا، وبالتالي ستنقرض صناعة "الدوارق والشراب" التي لم تعد تستعمل عندنا إلا في هذه السقاية بعد أن عمت البرادات كل مكان..
إن سقاية زمزم وعلى صورتها المعروفة طيلة العام وفي رمضان بالذات صورة شعبية إسلامية تنفرد بها هذه البلاد ينبغي الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها ومحوها بجرة قلم.. بل ينبغي التفكير في ذلك كثيراً ولا بأس من إدخال بعض التنظيم الذي لا يفقد الصورة بهاءها وجمالها.
يا صاحب السماحة..
هذه مقدمة أردت سردها قبل أن أتوجه إليكم بهذا المطلب الذي أعتقد جازما أنه مطلب كل داخل المسجد الحرام من الطائفين والمصلين والعاكفين.. هذا المطلب هو السماح لمحترفي سقاية زمزم بالمسجد الحرام على الصورة المألوفة – ولا مانع من وضع الشروط والمواصفات التنظيمية التي ترونها للحفاظ على النظام والنظافة بالمسجد الحرام..
إن مواطني مكة المكرمة يفكرون من الآن ماذا سيكون عليه الوضع في المسجد الحرام في رمضان القادم؟! هل ستمحى تلك الصورة الروحية المعروفة عالمياً عن المسجد الحرام؟! وكيف يفطر الصائمون في رمضان وكيف يصلون التراويح والتهجد؟! وهل سيتجرعون من هذا الماء الساخن؟ أم يحمل كل واحد منهم حاجته من الماء أو لزومه ليمتلئ المسجد الحرام بالزمزميات (البرادات والزجاجات؟!).
إننا نرجو من سماحتكم دراسة الموضوع وإعادة الأمر كما كان ونسأل الله لكم التوفيق..
عمال أمانة العاصمة..
في الحديث الشريف ما معناه أدوا للعامل أجر عمله قبل أن يجف عرقه، ومن المؤسف أن عمال أمانة العاصمة منذ ثلاثة شهور لم تصرف لهم أجورهم الأمر الذي أدى إلى تسرب الكثير من عمال النظافة وسيؤدي ذلك حتماً إلى الإخلال بالنظافة في مكة المكرمة..
ونحن نعتقد أن المال موجود ومتوفر فالدولة عودتنا ألا تبخل بشئ فيه خير البلاد ولكن الذي يدعو إلى الأسف هو تباطؤ بعض الموظفين في إتمام الإجراءات في الوقت المناسب وبالتالي التطويل في إجراءات الصرف والتعقيدات التى تتخللها والتي يتخيلها بعض المسئولين عن الصرف إنها ضوابط وما هي ضوابط بل مجرد تعقيدات وتطويلات يأتي بعدها الصرف لا محالة بعد أن يقع الضرر.. والسؤال الذي يتردد على كل لسان، كيف يعيش هؤلاء العمال وأسرهم ثلاثة شهور بدون مرتبات؟! والجواب الله أعلم..