من من المسلمين كان يتوقع أن تنتهك حرمات الله أو يروع المؤمنون أو تراق الدماء البريئة؟! ولكنه أمر قد كتب وهو كره لنا ولكننا بإذن الله سنحصد من وراء ذلك خيرا كثيرا.
فمن يدري لو ظلت هذه الدعوة الخبيثة مستترة في أوكارها المظلمة تضلل الشباب وتردد على مسامعهم هذه الأفكار المسمومة الضالة التي هي في نظرنا أخطر من الشيوعية لأن الشيوعية صريحة في مبادئها وأهمها نبذ الأديان، والإنسان بطبيعته متدين إلا القليل، أما هذه الدعوة فإنها تلبس الحق بالباطل وتتحسس في النفوس كوامن التدين وتدس السم في العسل. وتشوب دعوة الإسلام الصافية بالخرافات والأحلام وتتصيد الأحاديث الضعيفة أو التي تحوي ألفاظا وعبارات يمكن تأويلها وتفسيرها بما يوافق أهواءهم وأضاليلهم وليس أدل على ذلك من استغلالهم للأحاديث الواردة عن خروج المهدي آخر الزمان ولم يفطنوا أو على الأصح أعماهم الدس للتناقض فقد كان خطيبهم بالحرم يورد حديث كون المهدي من عترة النبي أي من أهل بيته، يعلن أن اسم المهدي المطلوب مبايعته هو محمد عبد الله القحطاني، وأجهل الناس بالتاريخ والأنساب يعرف أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- من ذرية عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل وأن قحطان هو أخ عدنان فكيف يكون هذا القحطاني من عترة النبي؟! إنه التلبيس والتضليل السوء واستغلال الصحوة الدينية والعودة إلى الإسلام والتي نحمد الله عليها والتي أصبحت ظاهرة في محيطات الأجيال الجديدة من شباب وصبية حتى راحوا يؤمون المساجد في كل مكان لصلاة الجمعة الجماعة مع آبائهم وبدون آبائهم.
نعم استغلوا هذه النزعة واعتبروها نقطة ضعف ومدخلا إلى نفوس هؤلاء الشباب الأبرياء ليضلوهم عن سبيل الله.
ولكن كشف الله لأمرهم وإنزال هذه الهزيمة بهم هي النافعة، فرب ضارة نافعة كما يقول المثل – التي ستحذر من الانسياق وراء الضالين المضلين والبحث عن تعاليم الإسلام وأخلاق الإسلام عند أهل الذكر الذين يعيشون في النور وينادون بدعوة الإسلام جهارا نهارا ولا يتخذون الأوكار والمخابئ والبيوت السرية.
إن الدعاة إلى الله وإلى مبادئ الإسلام ومكارم الأخلاق يقفون على المنابر – أو هكذا يجب – لا أن يتواروا عن الأنظار ويختاروا أنماطا مخصوصة من البشر يلقنونهم دعوتهم وأباطيلهم المدسوسة الباطن ويستثيرونهم كي يسيروا وراءهم وهم مبهورين بالأباطيل والنزهات بعد أن يكونوا قد فقدوا كل مقاومة أو إدراك لخطورة ما هم قادمون عليه.
بقيت كلمة نود ملاحظتها وهي أن لهذه العصابة رءوسا وأتباعا هم المنظمون لهذه الفتنة.. خططوا ونظموا ونفذوا وهم مدركون لخطورة عملهم وأهدافهم ينبغي ألا تأخذنا بهم رحمة ليكونوا عبرة وموعظة.
الدين الصحيح – أو الفهم الصحيح للدين – هو السياج الذي يحمي النفوس من التردي في الضلال والانحراف.
فالحقد – الذي قد يكون باعثه الجهل – هما العنصران الأساسيان الدافعان لهذه الجريمة.. نعم الحقد والجهل ولا شيء غيرهما، والمسلم الحق لا يحقد لأن الحقد يؤدي إلى الظلم، والظلم في الإسلام ظلمات يوم القيامة ودولة الإسلام قامت وستظل على العدل.. العدل في الغضب والرضا.. العدل في الحب والكراهية.. وصدق الله العظيم الذي ركز على العدل ونهي عن الظلم في قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون".
أجل فلنستفد من هذه الفتنة بل في كل نقطة فيها فذلك صنيع العقلاء والله المستعان.