لا أدري كيف يمكن أن تقوم لنا صناعة وتصنيع ما دام الذين يخاطرون بأموالهم ويقومون بإنشاء مصانع ولو بسيطة تسد من حاجة البلاد وتغني عن الاستيراد لا يجدون الحماية الكافية من منافسة الخارج لهم.
ليس من شك أن تكاليف ما يصنع هنا أكثر من تكاليف ما يصنع بالخارج، وقد يبلغ الضعف نتيجة لاضطرار كل صاحب مصنع إلي استقدام العمال الفنيين من الخارج وارتفاع تكاليف الحياة هنا من أجور معيشة ولكن تشجيع الصناعة الوطنية واجب وطني ينبغي أن تتعاون الحكومة مع الشعب على أدائه.
أقامت مؤسسة الطباعة بجدة، ثم دار الأصفهاني بجدة أيضا، ثم دار الثقافة بمكة مصانع زنكوغراف لسد حاجة البلاد منها، وسدت الكثير فعلاً.
وفي هذا الشهر طرحت مناقصة عمل أختام لإحدي المصالح الحكومية فتقدمت الدور الثلاثة للمناقصة، وكانت عطاءاتها متقاربة بالنسبة لتكاليف العمل في نفس البلاد.
ولكن مناقصاً رابعا لا يملك مصنع زنكوغراف، وهو بالطبع يريد عملها بالخارج، تقدم بعطاء أقل معتمداً على خفض زيادة التكاليف في الخارج، فرسي عليه العطاء وخرجت الدور الوطنية الثلاثة "من المولد بلا حمص" كما يقولون.
إنني أستطيع أن أؤكد أن الدور الثلاثة ما تزال تعاني بعض الخسائر في مصانعها لضعف الاستهلاك، فكيف إذا سمحنا بدخول المنافسة الخارجية؟!
إنني لا أناشد الحكومة وحدها في وضع حد للمنافسة على أساس الاستيراد من الخارج، ولكن أناشد كل وطني يشعر في نفسه أن لهذا الوطن عليه واجباً أن ينافس على أساس العمل داخل الوطن ففي ذلك أداء لبعض الواجبات فإن من حق كل مواطن على أخيه المواطن تشجيعه وتأييده ومعاونته لا تحطيمه وإنزال الضرر به من أجل مكاسب بسيطة لا تعد شيئا بجانب الخسارة الوطنية التي ستحيق البلاد إن نحن عملنا على تحطيم كل صناعة وطنية مستغلين بساطة التكاليف في الخارج فهل نفعل؟!