روي الصحفي المصري على أمين في إحدى فكراته التي ينشرها في جريدة " الأخبار" قصة ذلك الفشار الذي اختلط عليه الصدق والكذب فوقع في سوء عمله نتيجة لكثرة فشره وكذبه واختراعه القصص والمغامرات وادعاء البطولات إلي درجة أن اعترافه بالفشر والكذب والاختلاق لم ينجه من سوء العاقبة.
ولقد ذكرتني هذه الفكرة بمن يعيشون بيننا - بل وفي كل مجتمع - ممن يحلو لهم دائما الفشر في بعض المواقف وادعاء محاسن الآخرين في بعضها واختلاق القصص، وتزييف الوقائع وتحويرها بما يناسب أغراضهم ومراميهم.
ذكرتهم وعجبت لمن يكشف فيهم هذه المزايا - إن صح هذا التعبير - ثم يسمح لنفسه بأن يصدق ما ينسجه خيال هؤلاء الناس وما يختلقه ضميرهم الميت، ثم يحاسب أولئك الأبرياء ذوى التاريخ الناصح على أساس ما وصمتهم به هذه الفريات الظالمة أو ألصقته بهم من تهم لا يمكن أن تتناسب مع أخلاقهم وما عرف عنهم من صفات وأعمال.
إننا لكي لا نؤاخذ البريء، ونسيء الظن بالنزيه، ونكره الجدير بالحب ونحتقر القمين بالاحترام ينبغي أن نحذر الفشارين والكذابين ونزن ما يبلغنا عن فلان أو يصلنا عن علان بميزان العقل والعدل.
نزن الروي ماضيه وحاضره وسوابقه ونزن المنسوب إليه بنفس الميزان.
فإذا التبس علينا الأمر فما علينا إلا أن نجابه المتهم بما قيل عنه لنكشف الحقيقة على الأقل.
يقول المثل العامي عندنا "كم في السجن من مظاليم" ونحن نقول: كم في المتهمين من أبرياء فاحذروا الكذابين والفشارين والنمامين تخل قلوبكم من البغضاء ونفوسكم من الحقد، ويا لكم من التعب وعيشكم من التنغيص.