الجمعة, 10 أغسطس 2012 15:37

مهاجرون منا.. ووافدون علينا

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

يغترب الناس عادة في سبيل لقمة العيش ويهاجرون من أوطانهم وقد ضاقت بهم فيها سبل العيش إلى بلاد أخرى تكون فيها الحياة أيسر ومجال العمل أوسع ثم يعودون إلى أوطانهم وقد أصبح فقرهم غنى وقفرهم خصباً وعيشهم رغداً.

ولكن العكس تماماً هو الواقع عندنا، ففي بلادنا مجال واسع للعمل من كل نوع وفي كل سبيل وهي مطمح كل عامل ومحط أنظار كل مكتسب يتسابق الناس من كل صوب للحصول على إذن بالإقامة والعمل فيها بل إن كثيراً ممن قذفت بهم البحار أصبحوا ولا مثيل لهم في الثراء والغنى ومنهم من عاد إلى وطنه مكتفياً بما اكتسب ومنهم من ينتظر جاهداً في نقل ما أمكن نقله إلى موطنه الأول ومع ذلك وهو أمر يحز في النفس ويثير الأسى في القلب – فإننا نجد فريقاً من أبناء هذا الوطن وقد كان بهم براً فأعطاهم بل كريماً فأغدق عليهم ورحيماً فأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة آثروا أن يخرجوا بخيرات هذا الوطن المجحود فضله ليستثمروها في مواطن أخرى لا تعتقد أنها أربح استثماراً ولا أوفر ربحاً ولكنه العقوق ونكران الجميل.

فهؤلاء الذين رضوا بالحياة في أحد الأقطار الشقيقة بعد أن نقلوا إليها ثرواتهم أو بعضها وقنعوا بشراء العمارات والحياة في ظل إيراداتها حياة خاملة هي إلى الموت أقرب منها إلى الحياة الحقة ماذا عليهم لو استثمروا أموالهم داخل بلادهم فأقاموا الشركات وأسسوا المؤسسات وأنشأوا المصانع بدلاً من هذه المؤسسات والشركات التي يؤسسها الأجانب ويفوزون بخبراتها؟!

وأولئك الآخرون الذين يقيمون الشركات ويؤسسون المؤسسات ويستثمرون خيرات هذا الوطن خارج حدوده ألا يشعرون بالدين الثقيل في أعناقهم لهذا الوطن الحبيب؟! ألا يحسون بالواجب الكبير الملقى على عاتقهم إزاء إخوانهم من المواطنين الذين هم أولى بإيجاد المصانع والمؤسسات والشركات لتوفير العمل لهم؟!

ألم يسمعوا أو يقرأوا عن أولئك الأبطال من رجال المال الذين ساهموا في نهضات أممهم الاقتصادية والعمرانية فخلدهم التاريخ فيمن خلد من أسماء وبقى اسمهم على كل لسان رغم طي القبور لهم منذ عشرات السنين؟!

أين هو العمل الوطني الشامخ الذي أقامه أحد هؤلاء ليذكره الناس به على مر الأجيال؟!

إن الصدقات وتوزيع الأموال على الفقراء والمساكين وغير الفقراء والمساكين لا تنضوي تحت لواء الأعمال الوطنية – وإن كانت من الأعمال الخيرية التي تستحق الثناء والشكر – وآثارها مؤقتة تنمحي بمجرد انتهاء الاستفادة منها.

فإقامة مصنع أو مؤسسة اقتصادية بمليون ريال خير ألف مرة من توزيع ملايين الريالات على الفقراء والمساكين فتلك يعيش في كنفها الآلاف على مر السنين عيشة كريمة وتظل أثراً باقياً ينطق بالبطولة والوطنية وهذه خيرات تتلقفها الأيدي ثم البطون ثم تصبح أثراً بعد عين ويطويها النسيان.

فإلى أولئك الذين آثروا الحياة خارج وطنهم الحبيب دون عذر قاهر سوى الركون إلى الدعة ولقمة العيش الباردة وضنوا على هذا الوطن بشيء من ثرواتهم الضخمة وراحوا يستثمرونها في غير بلادهم متجاهلين حقوق الوطن وواجبات المواطنين إلى هؤلاء جميعاً دون استثناء أسوق الحديث، وأسوقه أيضاً إلى أولئك الذين ما زالوا بيننا ولكنهم لم يعملوا شيئاً حتى الآن من أجل الوطن والمواطنين إذ ما تزال أعمالهم ومؤسساتهم تحمل طابع الفردية وأرجو أن يهتم أولو الأمر بضرورة مساعدة المؤسسات الكبرى والمصانع فإن ذلك واجباً كبيراً لتشجيع الصناعة والمؤسسات الوطنية وأعتقد أنه موضع الدرس الآن كما أرجو أن ينشر قريباً نظام الشركات ونظام الامتيازات وتكون في مواد هذين النظامين ما يكفل حماية الصناعات والمؤسسات الوطنية من المزاحمة الأجنبية وما يشجع رءوس الأموال الكبيرة والصغيرة على التعاون المثمر لخير البلاد والله الموفق.

شبكة مواصلات مكة

قرأت تعقيب أستاذي الفاضل محمد البناني على كلمة سابقة لي حول ما يبديه بعض الناس من عواطف على أصحاب السيارات التي تعمل الآن في خط البلدة ومصيرهم إذا أسند المشروع إلى شركة واحدة والذي جاءت فيه هذه العبارة.

ولكن ليس من الضروري أن تقوم بشبكة المواصلات شركة واحدة أو فرد واحد فالبلدان التي أصبحت المواصلات فيها سبباً لسعادة أبنائها وراحة بالهم أصبحت أيضاً مصدر رزق لشركات كثيرة وأفراد كثيرين..

ومع احترامي لرأي أستاذي الجليل أود أن أعقب عليه بأن البلدان التي تعددت فيها امتيازات شبكات المواصلات بلدان واسعة الأرجاء كمدينة القاهرة مثلا والتي يبلغ سكانها نحو نصف سكان هذه المملكة وكل اتجاهاتها ذات حركة دائبة.

أما مدينة كمكة مثلاً لا تحتاج لأكثر من خمسين سيارة وتختلف اتجاهاتها حركة وهدوء فأما الخط الذي يتجه إلى المسفلة مثلاً سيكون عمله ضعيفاً قد لا يغطي مصاريفه والخط الذي يتجه إلى المعابدة أقل ركاباً من الخط المتجه إلى جرول. والتنظيم عادة لا يأتي مع التوزيع والتفرقة.

وقوة الشركة كمال استعدادها يأتي نتيجة لانتظام. مواردها والمسئولية الموزعة ليست كالمسئولية المركزة. وشكاوى الجمهور من الخطوط الآن هي النتيجة المحتومة لهذه الفوضى في تسيير الخطوط.

وكلما كانت المؤسسة أو الشركة أو الجهة التي تتعهد بأي عمل من الأعمال الخاصة بالجمهور قوية مركزة كان ذلك في مصلحة الجمهور وأضمن لتحقيق مطالبه.

أما إذا عينا لكل شركة من الشركات عدداً محدوداً من السيارات ووجهة مخصوصة وشوارع معلومة لا تتعداها وعينا لها وقتا وسعرا ثابتا لا تخالفها استطعنا بذلك أن نشغل جميع الشركات وأن نساعد جميع الناس وكذلك كل فرد يريد أن يقوم بالنقل تعين له شارعا مخصوصا لا يشاركه فيه أحد، فإنني أراه وضعا غير عملي وليس في صالح الجمهور والله الملهم للصواب.

معلومات أضافية

  • العــدد: 162
  • الزاوية: يوميات الندوة
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي