حديث الذكريات
حوار: خالد تاج سلامة
ويتابع الأستاذ الأديب والصحفي صالح محمد جمال ذكرياته، ضمن ما طرحت من خلال اجتماعي الأخير معه من أسئلة قال عنها: أنها أعادته إلى الماضي الذي مازال يعتز به كاعتزازه بحاضره ومستقبله الذي يسعى من خلال تطلعاته إليه أن يكون الصلة الوثيقة التي تربطه بذلك الماضي. ولما كانت هذه الحلقة من اللقاء هي الأخيرة فإنني لابد أن أذكر أن الرجل فتح لي قلبه وتحدث بصراحة تامة وترك لي حرية طرح الأسئلة التي أرجو أن يكون في إجاباتها فائدة للقارئ بيد أن للوقت ثمنه والرجل بدوره كثير الأعمال فكان يوفق بين لقاءاتي معه وبين متابعة أعماله سيما وأن جزءاً من هذه اللقاءات كانت قد تمت في شهر رمضان الكريم.. وبدوري لم أشأ أن أرهقه بطرح المزيد من الأسئلة. وقبل سفره إلى ألمانيا للراحة والاستجمام كما يحرص على ذلك كل عام.
كان لقائي الأخير معه حيث طرحت عليه العديد من الأسئلة فأجاب عنها بلباقة رجل الصحافة والعمل المتمرس.. وبين فينة وأخرى.. يقول لي: أما انتهيت.. فأقول له: ليس بعد.. فيجيبني قائلاً.. هات.. ما عندك هات.. وطال لقائي معه.. ولكن خرجت بحصيلة إجاباته على أسئلتي التي طرحت عليه في حينه.. يبقى السؤال هل تكفي هذه الأسئلة لهذا الحوار..؟! أعتقد لا.. ولكن سيتجدد اللقاء معه يوماً إن شاء الله..
عزيزي القارئ مع الحلقة الأخيرة مع الأستاذ الأديب والصحفي صالح محمد جمال وحديث الذكريات..
رحلاتي.. الصحفية
o قلت له: للصحفي دائماً رحلات بحكم المهنة.. فما هي ذكرياتك عن الرحلات الصحفية؟!
- قال: لقد زرت أكثر دول العالم.. ولكنها رحلات مزدوجة منها الصحفية ومنها التجارية ومنها الترفيهية.. فأولى رحلاتي الصحفية كانت إلى بغداد بدعوة من حكومتها وبعدها رحلة هولندا بدعوة من شركة الخطوط الملكية الهولندية.. وبعدها رحلة إلى الهند بدعوة من حكومتها مع الصديقين السيد على حافظ والسيد ياسين طه.. ورحلة إلى القاهرة للمشاركة في احتفالات 23 يوليو ورحلة إلى ألمانيا بدعوة من حكومتها مع الصديق حامد مطاوع.. وكل مشاهداتي في هذه الرحلات منشورة في جريدتي الندوة وحراء.
أما رحلاتي التجارية وأعنى مشاركتي في المؤتمرات الاقتصادية فقد كانت إلى الجزائر وباكستان وتونس وليبيا ومصر والأردن وسوريا ولبنان والهند والكويت وأبو ظبي وقطر وإيطاليا وتركيا..
وأما رحلات الترفيه والاصطياف فقد كانت إلى بريطانيا وأمريكا والمغرب وأيرلندا وتركيا ومصر وسوريا ولبنان..
وبالمناسبة فأنا من المحافظين منذ شبابي على التمتع بالإجازة السنوية ولو شهراً واحداً كل سنة للراحة والاستجمام من عناء العمل واستعادة النشاط.
o بدأت حياتك موظفاً حكومياً.. ثم انتقلت إلى الصحافة.. وأنت الآن رئيس الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة حرسها الله.. فما هي المؤثرات والدوافع لهذه الانتقالات؟!
- نعم بدأت حياتي موظفاً إذ لم يكن أمامي غير ذلك.. وعندما أتيحت لي أول فرصة للعمل الحر وإنشاء مكتبة الثقافة، تركت الوظيفة وقد كان عملي التجاري بالمكتبة عوناً لي على عملي الصحفي واحتفظت بالعملين الصحفي والتجاري وكنت أعدل بينهما «كالضرتين» رغم ما في ذلك من عناء لأنهما كانا عندي «عينين في رأس» كما يقول المثل العامي وشهرتي في المجالين رشحتني لاختياري في عدة هيئات ومجالس.. فقد انتخبت عضواً في جمعية الإسعاف الخيري قبل أن تتحول إلى جمعية الهلال الأحمر السعودي.. وانتخبت عضواً في المجلس البلدي عن محلة الزاهر وانتخبت عضواً في الهيئة التأسيسية لجامعة الملك عبد العزيز عن مكة وانتخبت عضواً في الغرفة التجارية.. واختارتني وزارة التعليم العالي عضواً في المجلس الأعلى لجامعة أم القرى.. كما انتخبت رئيساً لجمعية البر بمكة المكرمة حيث كنت من مؤسسيها.. وأخيراً منذ عام 1380هـ انتخبت رئيساً للمجلس البلدي بمكة ومازلت وانتخبت رئيساً للغرفة التجارية الصناعية بمكة لدورتين متتاليتين ومازلت رئيساً لها.. وهكذا ترى لم انتقل إلا نقلة واحدة وهي من موظف إلى تاجر وصحفي في وقت واحد فلم أترك هذه ولا تلك يوماً واحداً ولا أظنني سأتركهما.
صحافة الأمس.. وصحافة اليوم
o قلت له: وما وجه الاختلاف بين صحافة الأمس وصحافة اليوم وأعنى بذلك صحافة الأفراد وصحافة المؤسسات؟!
- قال: لكل عهد من العهدين مميزاته.. غير أن صحافه الأفراد كانت أقوى مخبراً.. وصحافة المؤسسات أقوى مظهراً.. وقد سبق أن أشرت إلى بعض عناوين المقالات التي كانت تظهر في صحافة الأفراد ولم نعد نرى أمثالها في صحافة المؤسسات والرأي السائد عنها أنها صور طبق الأصل لأن مصادرها واحدة ونشرها بدون تصرف..
o يقال أن دمج المؤسسات الصحفية لتكون أقل عدداً سيجعلها أقوى عما هي عليه الآن.. فما رأيك في هذا الاتجاه؟
- يا أخي المسألة في نظري ليست مسألة تقليل أو زيادة.. بل أن النقص في نظام المؤسسات الصحفية الذي وضع قبل عشرين عاماً وأرى قبل التفكير في الدمج يجب إعادة النظر في نظام المؤسسات الصحفية.. وعلى ضوء ما يسفر عنه إصلاح النظام يمكن القول أيهما أفضل الدمج أم عدمه .
فكرة إنشاء المجلس البلدي
o قلت: هل لكم أن تحدثونا عن الفكرة التي تبلور عنها إنشاء المجلس البلدي بمكة المكرمة حرسها الله.. وما هي أهدافه والأعمال التي يقوم بها؟
- قال: الفكرة من إنشاء المجلس البلدي هو الإشراف على أعمال أمانة العاصمة وتوجيهها الوجهة الصحيحة والتشريع لها وتطويرها بما يخدم مصلحة الوطن.. وفي جميع الظروف التي مر بها المجلس منذ تأسيسه كان يلاقى من أمناء العاصمة شيئاً من المضايفة وسلب الاختصاصات والتجاهل تتفاوت بين أمين وأمين إلى درجة أن عبد الرؤوف صبان رحمه الله عندما كان أميناً للعاصمة استصدر أمراً بالجمع بين أمانة العاصمة ورئاسة المجلس البلدي فشل حركته وألغى مهمته.. حتى عين عبد الله بن خثلان رحمة الله عليه أميناً للعاصمة فأجرى انتخابات جديدة وشكل مجلساً جديداً كنت أنا عضواً فيه وانتخب حامد أزهر رئيساً له.. ولكن الخلاف الذي نشأ بين المجلس وأمين العاصمة أفضى إلى استقالة حامد أزهر قبل انتهاء مدته فجرى انتخابي رئيساً لإكمال مدة حامد ثم تكرر انتخابي للدورات التالية.. وظل المجلس في عراك مستمر مع أمناء العاصمة ينتزع اختصاصه منهم انتزاعاً ولكن بلطف وبين مد وجزر لم يصل إلى درجة الخلاف.. وأستطيع أن أقول أن المجلس البلدي بمكة هو الوحيد الذي مازال له نشاط ظاهر ومشاركة فعلية في أعمال أمانة العاصمة دون المجالس البلدية بالمملكة.
وقد اشتركت في لجنة لوضع نظام جديد للمجالس البلدية وانتهي وضعه وحاز على الموافقة من مجلس الوزراء الموقر منذ سنوات إلا أنه لم يوضع موضع التنفيذ في انتظار وضع اللائحة التنفيذية له.. لعل وزارة الشئون البلدية والقروية تنتهي من وضع هذه اللائحة فتخرجه إلى حيز التنفيذ.
لسنا في حاجة إلى حماية من الموجات الإعلامية المعادية
o كيف نستطيع أن نوصل الأفكار الرئيسية للإسلام إلى الفرد غير المسلم المثقف.. والفرد العادي على حد سواء؟! ثم كيف نستطيع أن نحمى المبادئ الإسلامية من الموجات الإعلامية المعادية؟ وكيف نستطيع إيجاد الفرد الكفء للعمل الإسلامي.
- الأفكار الإسلامية لا تحتاج إلى إيصال لأنها قوية ومغرية.. ولكن بعض المستشرقين بدافع من الحقد على الإسلام وتوجيه من الصليبيين شوهوا تلك الأفكار بتفسيراتهم ولو أن أبناء الإسلام طبقوا أفكار الإسلام في سلوكهم وتعاملهم لأقبل الناس من جميع الأديان على الإسلام من تلقاء أنفسهم دون حاجة إلى دعوتهم إليه وهذا ما حصل في صدر الدعوة الإسلامية وما نراه الآن ونسمعه من قصص على لسان من يسلمون.. وخير وسيلة لنشر الأفكار الإسلامية هي القدوة.. هي تطبيق هذه المبادئ والأخلاق الإسلامية وتيسيرها بدون تشدد ولا تعصب.. ولسنا بعد ذلك في حاجة إلى حماية من الموجات الإعلامية المعادية لأننا نكون قد حصنا الفرد المسلم بالمصل الواقي وربما دفعنا غير المسلم إلى اعتناق الإسلام بعد الاقتناع بأنه دين الحق والهدى..
وأهم خطوة في هذا السبيل هو بذر المبادئ والأفكار الإسلامية في مراحل التعليم وبالتدريج على قدر ما يتحمله عقل الطالب فلا نأتيه في المراحل الأولى من التعليم بموجبات الغسل أو شرح حديث «وفي بضع أحدكم صدقة» أو نفهمه الفرق الإسلامية وأفكارها كالجبرية والقدرية والمعتزلة.. إلخ.. أو ندرسه في الفقه أحكام الشفعة، ثم نقدم له كل هذه المعلومات مأخوذة من كتب وضعت قبل ألف عام وبأسلوب ذلك العصر فيغلق عليه فهمها ويكرهها وإذا اضطر لحفظها من أجل الامتحان فإنه يحفظها للسرد دون فهم أو علم.
o يحلو للبعض قضاء بعض الفترات في تأمل الذات ومعايشة الناس.. فهل يتسع الوقت لك لذلك.. ومتى؟؟
- من المؤسف أنني لا أجد الوقت لذلك.. وأنا أهوى القراءة وأنتهز أي لحظات من فراغي لأقرأ لأنني أجد في ذلك المتعة.
أصدقائي وأفكاري
o من هم أصدقاؤك.. وكيف تختارهم.. ثم كيف تقومهم؟
- أصدقائي كثير بحمد الله وأخشى النسيان أن سميت البعض فأقع تحت طائلة العتاب واللوم.. فأنا ممن يحتفظ بالصداقات مهما طالت شقة البعاد.
o يقال «وهذا استرسال للسؤال السابق» إذا أقبلت الدنيا على أى منا فالناس كلهم أصدقاء وإذا أدبرت.. فإنهم يتلاشون.. فمن هم خير الأصدقاء إذا أدبر الزمان عنك؟
- قال: الذين لا يدبرون معه وقليل ما هم..
o ما الشيء الذي يجعلك تحب الناس وتتودد إليهم، وما الشيء الذي يجعلك تنفر منهم؟
- المعروف وحسن الخلق.. والعكس بالعكس.
o قلت له: والنفس البشرية.. مليئة بالمتناقضات التي يصعب بها على الإنسان الفهم الكامل لذاته.. فهل يمكن الوصول إلى قدر معين من تقييم الذات على الرغم من هذه المتناقضات؟
- قال: في الأثر رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.. ومتى أخذ الإنسان بهذا المبدأ أو تبناه تلاشت أمامه المتناقضات.
o إذاً من الذين تركوا بصماتهم على حياتك.. ومازلت تذكرهم حتى يومنا هذا؟
- والداي بالدرجة الأولى فقد ربيانى تربية لا يمكن أن أنساها وإليهما يرجع الفضل في كل ما صادفني من نجاح في الحياة.. أما الذين مازلت أذكرهم فهم أساتذتي ورؤسائي الذين عملت معهم وبعض الزملاء وكل الأصدقاء..
o وأيضاً في رحلة كل إنسان مواقف معينة تغير من نظرته وأفكاره للأشياء.. فهل مررت بمثل هذه المواقف؟
- أجل.. صدمت في بعض من أحسنت إليهم.. وقوبل إخلاصي بالعقوق من البعض الآخر.. وكنت أضيق ذرعاً أحياناً بذلك ولكن الضيق يفارقني عندما أتذكر قول لبيد..
من يفعل الخير لم يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
o الناس معادن.. ولا تتبين حقيقة المعدن إلا إذا صهرته المشاكل والآلام والأحزان والمآسي والمهم أن يخرج الإنسان من تجربته بدرس، وأن تذوب الأفكار المألوفة والعواطف غير المدروسة تحت وهج تلك المواقف.. هل لكم أن تحدثونا عن بعض تلك المواقف.. وما هي النتيجة التي خرجتهم بها..؟
- يا أخي.. في معايشة الناس والتعامل معهم دروس كثيرة يجب أن يستفيد منها الإنسان.. والدرس الهام الذي خرجت به من هذه التجربة هو ما سبق أن قاله الشاعر بشار بن برد:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأى الناس تصفو مشاربه
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفي المرء نبلاً أن تعد معايبه
وهي في نظري دعوة للتسامح أراها جديرة بالاعتناق.. لأن الخصومات والأحقاد والتغاضب أثار سيئة على الصحة الجسدية والنفسية وفي التسامح راحة نفسية ونوم هادئ وراحة بال.
فاقد الشيء لا يعطيه
o قلت له: ما هي أسس التربية مع أولادك؟
- قال: التوجيه والإقناع والأسوة الحسنة طبعاً.. لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون أو لا تنه عن خلق وتأتى مثله كما يقول المتنبي مع مزج ذلك بالترغيب أحياناً والترهيب أحياناً أخرى..
o لكن.. هل تعتقدون بوجود فرق بين طرق وأساليب التربية التي اتبعها الأجداد.. وبين الطرق التي نتبعها نحن؟! وإن صح ذلك فأيهما في رأيك يتفق مع واقعنا؟
- الفرق شيء طبيعي فلكل زمان أساليبه وطرقه.. وما كان صالحاً في عصر الأجداد قد يتعذر تطبيقه الآن.. ولكن القواعد والأسس واحدة وهي الدين والأخلاق.. فأي أسلوب يوصل إلى الهدف مع الحفاظ عليهما يعتبر أسلوباً ناجحاً.
o ما حكمكم على الكتابات الأولية التي بدأت بها؟ وكم كان عمرك وقتها؟ ومن كان له الفضل في تثبيت خطواتك على طريق الإنتاج الأدبي؟
- ليس لي كتابات أدبية بالمعنى المتداول.. ولكنني كاتب صحفي أو كاتب اجتماعي كما يطلقون على كتاباتي.. وقد بدأت الكتابة في جريدة البلاد السعودية في أواخر الستينات.. وكنت يومئذ في العقد الثالث من عمرى.
مصادري الثقافية
o وما هي مصادرك الثقافية في هذا المجال؟ ومن هم الكتاب الذين تأثرت بهم؟ وإلى أي مدى أثروا في كتاباتك ومنهاجك الأدبي؟
- مصادر ثقافتى الأولى مجلتي الرسالة والثقافة المصريتين ومؤلفات العقاد وطه حسين والزيات وأحمد أمين ونهاية الأرب والكامل للمبرد.. وبعض الكتب التي كنت أشتريها أو أستعيرها ولا ألمس في كتاباتي أي تأثير خاص لأي مصدر من هذه المصادر ولكنه مزيج من هذا وذاك..
o قلت له: وهل الأدب العربي قديمه وحديثه.. يكفي لتكوين الأديب.. وما وسائل الاستزادة من العلوم والمعارف الحديثة؟
- قال في رأيي أنه كاف.. ولكن محاولة الإطلاع على آداب اللغات الأخرى وعلومها أفضل.
هل نحن فقراء في مطبوعاتنا الثقافية!!
o أستاذ صالح.. الثقافة لا ترتبط بزمان أو مكان.. سؤالي هل نحن فقراء في مطبوعاتنا الثقافية.. وما هي السبل الكفيلة بتنشيط الحركة الثقافية في مختلف مجالاتها؟
- قال: كنا فعلاً فقراء في مطبوعاتنا الثقافية.. أما الآن وبعد قيام تهامة للنشر بدورها الرائد في نشر الثقافة وقبلها المكتبة الصغيرة التي أسسها الصديق الأستاذ عبد العزيز الرفاعي.. وما تقوم به النوادي الأدبية بالمملكة في هذا المجال لم نعد فقراء.. والحاضر يبشر بمستقبل أفضل.. وعلى ذكر تنشيط الحركة الثقافية والنشر فقد حاولت مكتبة الثقافة في أول إنشائها وبالتحديد في سنة 1365هـ أن تدخل هذا الميدان وقامت بطبع ونشر كتاب تاريخ مكة للأستاذ السباعي وديوان «المهرجان» للأستاذ طاهر زمخشري ولكنها لم تستطع الاستمرار إذ كانت السوق السعودية غير قادرة على التصريف والتوزيع وإمكانيات المكتبة ضئيلة.
o وأيضاً دعني أطرح عليك السؤال التالي.. هل تعتقدون أن الإصدارات الثقافية في المملكة تلبى احتياجات القراء.. وهل تغطى بالتالي كل نوعيات الإنتاج.. وما رأيكم فيما يصدر عن الأقلام الجديدة من نتاج؟
- لا.. ولكنها خطوات على الطريق.. ومن سار على الدرب وصل.. أما رأيي فيما يصدر عن الأقلام الجديدة من نتاج فإنى لا أعطى نفسي حق النقد الأدبي.. لأنه هذا يقتضيني القراءة الدقيقة والمقارنة وذلك ما لا تساعدني عليه ظروفي ومشاغلي الحياتية.
o إذا.. في رأيكم.. ما هو دور المكتبات في الإسهام في خدمة العلم وزيادة المعرفة الإنسانية؟
- دور رائد وهام لا خلاف في ذلك.. وقد كنا قبل سنوات نشكو قلة القراء أما الآن فقد تواجدوا بكثرة وبقى علينا أن نؤمن لهم ما يقرأون.
ليس من اختصاصي؟!
o أستاذ صالح.. ألم تفكر جدياً وأنت صاحب دور للطباعة حالياً وصحفي وكاتب.. في عمل فهارس للكتب القديمة.. تاريخها، وفهارسها وتصنفيها وقيمتها الذاتية ومؤلفها.. وذلك للإسهام بدور فعال في تيسير عملية «البحث العلمي» في مختلف العلوم وجوانب المعرفة؟!
- لا.. لم أفكر.. لآن لهذا العمل رجاله المختصين وأنا لست منهم؟!
وذلك نتيجة للخواء الفعلي
o ماذا عن تأثير الحضارة الثقافية الغربية على عقلية المثقف في بلادنا.. كيف يمكن قياس مداه؟ وهل من الضروري إيجاد حواجز تحول دون استشراء هذا التأثير في النفوس؟ وكيف يتم ذلك؟
- لا شك أن تأثير ذلك نتيجة للخواء الفعلي الذي يعم الأكثرية من المثقفين.. والجهل بالحضارة الإسلامية والعربية.. لأننا لو ملأنا هذه العقول بمعلومات وأفكار من ثقافتنا وحضارتنا لما استطاعت الثقافة الغربية غزو عقول مثقفينا وجذبهم إليها والسيطرة على نفوسهم.
نعم.. نعم
o هل أنت راض عما قمت به من أعمال خلال مسيرتكم؟
- أقول نعم.. وإن كنت أرجو أن يكون في العمر بقية تسمح بالمزيد من الأعمال النافعة دنيا وآخرة.. وأدعو الله دائماً أن يكون آخر عمري أخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم لقائه.
o قلت له: وأخيراً.. كيف تنظر إلى الحياة بعد هذه المرحلة؟
- قال: أنظر إلى الحياة على أنها جسر أعيش فيها على قاعدة: أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.. وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا..