الأحد, 07 أغسطس 2011 22:50

(3) مهنة التطويف.. وأم المشاكل

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

وقبل أن نبحث أصناف السمسرة وتطوراتها وأضرارها أود أن أرد على الذين يرون إمكانية الاستغناء عن مهنة التطويف ذلك الارتباط بين المطوف والحاج، أود أن أرد عليهم مؤكداً أن المطوف خير لابد منه.. خير للحاج.. وخير للبلاد.. وخير للدولة، والذين ينادون بإلغاء الطوافة لا يعرفون مدى أهمية المطوف والأعمال  التي يقوم بها في سبيل رعاية الحاج والتخفيف من أعباء الدولة تجاههم وتوجيه الحجاج بالقدر المستطاع لسلوك الطرق الصحيحة للإقامة والتنقل وإلا تخبط الحاج وضاع وربما أضر بالبلاد أيضاً أو أساء إلى الدولة من حيث لا يدرى أو يقصد.

ومن يحاول أن يقارن بين الحاج وبين السائح ويراهما من صنف واحد يخطئ كثيراً فشتان ما بين الاثنين فبالإضافة إلى الفروق  التي ذكرها معالي وزير الحج في حديثه إلى وكالة الأنباء السعودية نجد أن الأكثرية الساحقة للحجاج بنقصهم الوعي الديني والاجتماعي مع البون الشاسع في المستويات الثقافية والمعيشية واختلاف الألسن والعقول..

ووباء السمسرة بدأ جرثومة صغيرة بجعل بسيط تتقاضاه الجمعية أو الفرد ممن تعودوا الحج مقابل الدعاية لمطوفه وحث الحجاج على السؤال عنه ثم استفحل حتى أصبح داء عضالاً أتى على الأخضر واليابس من مصلحة المطوف ولم يبق له منها إلا الفتات ثم أتى أيضاً على هذا الفتات فدفع المطوف إلى أن يقوم هو نفسه بدور السمسار على الوكيل والزمزمي والدليل يتقاضى منهم جعلا على إنزال حجاجه عندهم وهكذا امتد سرطان السمسرة إلى جميع الطوائف العاملة مع المطوف فالحق بهم فادح الضرر.

ووجد رؤساء قوافل السفر ومعاودي الحج ومكاتب السياحة وغيرهم مرتعاً خصباً يصولون فيه ويجولون بفضل من تخرج جديداً أو انفصل حديثاً من المطوفين واستغلوا ذلك التنافس أسوأ الاستغلال دون أي اعتبار لمصلحة الحاج أو رعايته.. فليسكن في الشارع.. وليضيع في الطرقات.. وليلق ما يلق من متاعب فإنهم قد أوصلوه إلى هذه البلاد وألقوا بمسئوليته على المطوف والحكومة وقبضوا حصتهم سلفاً ونفذوا بريشهم وعلى البلاد والمطوفين تلقى تبعات كل تقصير أو إهمال وبالأسلوب الشيطاني: يقول للإنسان أكفر ثم يقول له: إني برئ منك.. يقول له اسأل عن المطوف فلان ثم يستولى على المصلحة  التي تمكنه من خدمة الحاج ورعايته ثم يقول له: هذا مطوفك.. ألزم بتلابيبه فهو المسئول عنك وهو الذي تقاضى الأجر فوجب محاسبته على العمل.

وتسابق المطوفون للارتماء في أحضان السماسرة على مختلف أنواعهم، وراحوا يقدمون عروضاً أسخي، إذا كان فلاناً يعطيك عشرين فخذ ثلاثين.. وإذا كان يعطيك ثلاثين فخذ أربعين وهكذا حتى لم يبق إلا الحثالة أو دونها فكيف يمكن خدمة الحاج أو رعايته..

وخرجت من البلاد ثروة ضخمة، وضاعت على أبنائها موارد لا يستهان بها بل كانت كافية لرفع مستوى هذه الطوائف إلى أرفع المستويات بشرف وكرامة وأمانة..

وإذا قلت لأحدهم هات خمسة ريالات للفقير المحتاج والأرملة والعاجز من طائفتك صاح وناح وشكي وتظلم وتباكى على الهامل الذي يعطى شقي العامل..

وهكذا لم يقف ضرر السمسار عند حد المطوف بل تعداه إلى الطوائف الأخرى المتعاملة معه وبعد أن لجأ المطوف للسمسرة عليهم والانتقال بوكالته أو زمزميته أو تجزئتها على أساس مشاركتهم في مصالحهم بعد أن أضاع هو مصلحته..

أما الحاج فله الله فإنه لم يبق لدى المطوف ما يستطيع إكرامه أو رفع مستوى خدمته بعد أن استولى السمسار على نصيب الأسد ولم يبق له إلا الفتات يستجره طيلة عام قادم ريثما يحل موسم جديد..

ومعذرة وأرجو ألا يتأثر البعض من هذا النقد الذاتي لأنفسنا وأعمالنا فنحن أولى بمصارحة بعضنا ومعالجة نقائصنا وإصلاح أوضاعنا بدلاً من ترك ذلك للحاج يشهر بنا في بلاده ويعم الصالح والطالح بنقده ودفعه ويقولون: المطوفون.. المطوفون.. ولا يذكرون لهم حسنة أبداً.

لقد وصلت مشكلة السمسار والسمسرة إلى نقطة اللارجوع. ووقعت المهنة وأفرادها في مأزق شديد فهل إلى خروج من سبيل؟!

هذا ما سنعالجه في الكلمات التالية والله الملهم للصواب.

معلومات أضافية

  • العــدد: 23
  • الزاوية: كل خميس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة
الذهاب للأعلي