المتسولون بالمسجد الحرام وغير المسجد الحرام، في رمضان وموسم الحج – بصورة خاصة – مشكلة قائمة ومثيرة للملاحظة بل الاشمئزاز من المواطنين أنفسهم ومن الحجاج والزوار.
فمنظر أصحاب العاهات وهم يتطوفون حول الكعبة – لا بنية الطواف والتعبد ولكن لغرض التسول – منظر مؤلم إنسانيا قبل أن يكون مؤذيا اجتماعيا وخاصة عندما يتعثر الطائفون بهم.
ومنظر هؤلاء المتسولين يجوبون خلال صفوف المصلين يمدون أكف السؤال، أو يتعلقون بكل من وضع يده في جيبه – ولو كان لإخراج المنديل – ويطاردونه حتى تزهق نفسه، منظر هو الآخر غير مشرف لبلادنا المزدهرة اقتصادا وعملا وعيشا.
والدولة كما هو معروف ومشاهد قد أنشأت وزارة للشئون الاجتماعية ولم تدخر وسعا في مساعدة المعوزين والعاجزين.
ولقد نشطت الأقسام المختصة بوزارة العمل والشئون الاجتماعية أول تأسيسها لمكافحة التسول وجمعت المتسولين، وكفلت لهم العيش واختفى المحترفون ولكن هذا النشاط تقلص حتى لم يعد له أثر بل زاد الوضع سوءاً لدرجة لن يصدق معها أحد أن في البلد ضمانا اجتماعياً أو شبه ضمان اجتماعي مع أنه موجود وقائم.
والمتسولون الذين نشاهدهم فريقان: فريق يسأل عن حاجة وهم القلة القليلة من المرضى والشيوخ الفانين وذوى العاهات المقعدة عن العمل وهؤلاء لن تضيق بهم إمكانيات الشئون الاجتماعية ومن اليسر بمكان دراسة حالة كل منهم ومنح ذوى الأسر والبيوت منهم مخصصات شهرية أسوة بالمستفيدين من الضمان الاجتماعي وكفالة غيرهم من الأفراد في دار الرعاية الاجتماعية..
والفريق الثاني يسأل عن احتراف وطمع واستغلال للمواسم وكلهم قادرون على العمل، فالأعمال متوفرة للرجال منهم متى أرادوا العمل والبيوت في أمس الحاجة لاستقبال النساء والصبيان حيث يجدون العيش الكريم واللبس النظيف..
إن حملة مخلصة لفرز هذا الفريق عن هذا الفريق وكفالة الفريق الأول من المواطنين وترحيل غيرهم من الوافدين ثم زجر الفريق الثاني وسوقهم إلى العمل الشريف.. هذه الحملة كفيلة بإنهاء هذه المشكلة إلى الأبد ومحو هذه الصورة من مجتمعنا.
ليس في هذا الإجراء أية مخالفة للشريعة كما يتوهم بعض الناس بل هذا هو الإسلام: كفالة العاجز وسوق القادر إلى العمل "ولئن يأخذ أحدكم حبله ويحتطب خير له من أن يسأل الناس منعوه أو أعطوه" كما تقول تعاليم الإسلام، والأحاديث الشريفة في هذا الموضوع كثيرة.
إن مجتمعاً كمجتمعنا يتوفر فيه الضمان الاجتماعي للعاجزين والعمل الشريف للقادرين جدير بأن يحرم فيه التسول بجميع صوره وأشكاله.
على هامش التسول:
نشرت صحيفة المدينة الغراء خبراً مفاده أن شخصية معروفة تدرس فكرة افتتاح مكتب للاستخدام، الغرض منه توفير العاملين للمنازل والأسر المحتاجة إليهم..
وهي فكرة جميلة وجديرة بالتنفيذ ولكن.. ولكن سوق التسول التي اقتحمها الصبيان والنساء من الطبقة التي يمكن أن تؤدى هذا العمل غدت سوقاً مربحة أثيرة لا يريدون عنها بديلا، وما لم يحرم التسول على هذا الصنف من الناس فإن مثل هذا المكتب لن يكتب له النجاح لأنه سيظل فاقدا لأحدى دعامتيه فالمستخدمون – بكسر الدال –متوفرون بكثرة، أما المستخدمون – بفتح الدال – نادرون بفضل ازدهار سوق التسول بمختلف طرقه.
إن نجاح هذا المكتب يتوقف على منع التسول من القادرين.