الاثنين, 08 أغسطس 2011 01:02

كل خميس

قييم هذا الموضوع
(1 vote)

ما أكثر ما نقرأ عن اقتراحات وحلول لمشكلة ضيق مساحة أرض منى وحدودها عن استيعاب الحجاج الذين أصبحت أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.. اقتراحات وحلول تشرق فيها وطبيعة الإسلام الذي جاء باليسر ودعى إلى اليسر وأدار الأحكام على أساس مصلحة العباد..

اقتراحات تقول باستعمال خيام ذات دورين وأخرى تقول بإنشاء خيام هيكلية تنصب وترفع كل عام مع ان الاقتراح الصحيح والحل السليم قاب قوسين أو أدنى.

إن حدود منى الشرعية طولاً وعرضاً لا مجالاً للاجتهاد فيها فهي محدودة فقهياً وليس أمامنا إلا توسعتها بطريقة رأسية – إن صح هذا التعبير – وهي توسعة ممكنة وسهلة.

فالقول بمنع البناء في منى استناداً إلى حديث (منى مناخ لمن سبق) قول يحتاج إلى إعادة نظر لعدة أسباب:

أولها: أن سند هذا الحديث فيه ضعف لأن في روايته إمرأة مجهولة هي مسيكة أم يوسف كما أشار إلى ذلك الحافظ بن حجر في كتابه (تقريب التهذيب).

وثانيها: إن هذا الحديث لم يعمل به في عهد الخلفاء الراشدين إذ ثبت أن البناء في منى قد عرف منذ عهود الخليفة الراشد عثمان بن عفان وهذا دليل كاف على عدم ثبوت صحة الحديث أو إحتمال نسخه بحديث آخر وقيام هذا العمران في منى طيلة هذه القرون التي حج فيها مئات العلماء والفقهاء بدءا ً من الصحابة ومروراً بالتابعين وانتهاء بالسلف الصالح فلم يعترض أحد منهم على البناء أو ينهي عنه.

وثالثهما: إن البناء في منى أصبح ضرورة ملحة والضرورات تبيح المحظورات – كما تقول القاعدة الشرعية.

ورابعاً: إن المباني موجودة في منى والقول بجواز البناء على سفوح جبال منى ومنعه من أرضها قول لا يستند على أي دليل فحكم سفوح الجبال بل رؤوسها إذا كانت مطلة على داخل منى هي من منى وتنطبق عليها أحكامها ولا معنى للتفريق بين سفوح الجبال التي تقوم عليها المباني الحالية وباقي أرض منى.

وخامساً: إن حماية الخيام من الحرائق أخذت منذ سنوات تكلفنا الكثير من المال والرجال والإجراءات مما  يوجب إبدال هذه الخيام بالبناء الذي يريحنا من الكثير من هذه الأموال والجهود وذلك بحكم الضرورة بعد أن أصبحت منى لا تتسع لإعداد الحجيج التي تضاعفت أضعافاً مضاعفة عن عهود الإسلام الأولي.

وسادساً: إذا كان الهدف من إستبقاء شكل الخيام في أيام الحج هو الحفاظ على البيئة الطبيعية للمشاعر – فإنه يكفي اختيار جزء بسيط في منى وتخصيصها للخيام ثم تخطط باقي منى وإعادة بنائها في حدود دورين على الأقل: أرضي وفوقه دور واحد لتتسع منى ضعف سعتها الآن بالإضافة إلى فرق الاستيعاب بين وضع الخيام ووضع المباني، فالخيام كما هو معروف تقتطع أرضنا اكبر لسكان أقل.

وسابعها: إن الخيام لم تعد تحقق أمناً ولا سلامة في منى بحكم الكثرة والزحام وبالتالي طول الإقامة واضطرار الحجاج إلى استعمال المواد القابلة للاشتعال من خيام وفرش ومطابخ وسيارات مضافاً إلي ذلك اشتداد حرارة الجو في مواسم الحج القادمة لمصادفتها شهور الصيف والاضطرار إلي استعمال المكيفات التي ستكون خطراً على الخيام القماشية.

وثامنها: إن الخيام بالاقتراحات الجديدة كمعالجتها ضد الحريق ونصبها وفكها كل عام وتعرضها للتخريق والاستهلاك مكلفة للحجاج والحياة فيها صعبة خلال السنوات القادمة والبناء أكثر راحة والحج رحلة عبادة واستجلاء روحي وليس رحلة عذاب.

لذلك كله فإننا نكرر اقتراحنا الذي سبق أن افترضناه أكثر من مرة وهو البناء.. المخطط المنظم البسيط الذي يمكن للكفاءات الهندسية أن تجعله يحافظ لنا على البيئة الطبيعية.

ومن ثمة فإنني أتوجه بهذا الاقتراح رجاء دراسته من العلماء وتقرير ما يراه مجلس القضاء الأعلى أو هيئة كبار العلماء في الموضوع. والله الموفق.

 

معلومات أضافية

  • العــدد: 6926
  • الزاوية: كل خميس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة
الذهاب للأعلي