رأيي أننا نمضى في طريق تبعد بنا عن الأمانة فمنذ سنوات كنا لا نعدم الخادم الأمين والعامل الأمين والموظف الأمين.
أما الآن فإننا قلما نجد ذلك وأنا لا أعنى بغير الأمين من يسرق أو يختلس فحسب ولكني أعتبر الخادم الذي لا يرعى الله في خدمة مخدمه غير أمين، والعامل الذي لا يحافظ على حقوق أجره غير أمين، والموظف الذي لا يؤدى عمله كما يجب دون حاجة إلى رقيب أو حسيب غير أمين، والرئيس الذي لا يحاسب موظفيه على إهمالهم في واجباتهم غير أمين، والزوجة التي تخفي على زوجها أخطاء أولادهم غير أمينة، والرجل الذي لا يحسن تربية أولاده غير أمين، والمدرس الذي لا يفرض احترامه على طلابه غير أمين، والطبيب الذي لا يرعى مرضاه بدافع من إنسانيته غير أمين، والصديق الذي لا يصارح صديقه بعيوبه وأخطائه غير أمين، والعالم الذي يجبن عن الجهر بكلمة الحق غير أمين، والتاجر الذي لا يتورع عن خلط الجيد بالردئ أو يحتكر السلعة فيغليها استغلالاً للظروف غير أمين، والجار الذي لا يرعى حقوق الجوار غير أمين، وناظر الوقف أو الوصي يشترط شيئاً من خلف المستحقين لنفسه عمولة أو سمسرة أو مصلحة غير أمين، والوسيط يأخذ من الطرفين يدعى عند كل منهما أن الآخر لم يعطه غير أمين، إلخ هذه الصور الحية التي تطالعنا أو نطالعها صباح ومساء في غدونا ورواحنا وكلما مررنا بإحداها أو مرت بنا قلنا : إنا لله وإنا إليه راجعون..
فهل لهذه الحال من نابه؟ وإلى أين المصير.