الاثنين, 08 أغسطس 2011 21:14

الحق أحق أن يتبع

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

  عندما يريد المفكر أو رجل السياسة أو القائد أن يكون رأياً أو يعبر عن فكر أو يصدر بياناً يقوم بالبحث والتدقيق والمشاهدة ما أمكن ليخرج فكره ناضجا ًورأيه صحيحاً وهذا ما نراه ونلاحظه على مفكري الغرب ورجال السياسة فيها وقادة الرأس وهو عكس ما نلاحظه على مفكرينا ورجال السياسة وقادة الرأي في بعض أجزاء من عالمنا العربي مع الأسف الشديد فهم يتأثرون بالمعلومات الطائرة أو الملقاة من طرف واحد مما تردده أبواق الإعلام المأجورة الذي أصبح من الواجب على كل مفكر أو صاحب رأي أن يدقق فيما يسمع بحرص وحذر شديدين.

  لقد كنا نعيش مع القائد الإسلامي الأستاذ راشد الغنوشي أثناء صراعه مع الرئيس الحبيب بورقيبه وكنا نؤيده بقلوبنا ودعواتنا ونتصوره نصيراً للحق وداعية للخير وقائداً لتسويد الشريعة الإسلامية في مواجهة التقاليد والقوانين الفرنسية في تونس.

  حتى جاءت محنة الكويت الإسلامية الإنسانية التي اعتدت فيها العراق بجيشها العرمرم واحتلتها وشردت أهلها ونهبت أموالها واغتصبت نساءها بصورة منكرة يكاد لم يسبق مثلها فيما قرأناه من أخبار الغزاة والطغاة وكبار المجرمين في التاريخ وتوقعنا أن يقف جميع مفكري الإسلام وقادة الرأي فيه والأمناء على شريعته وأحكامه أن يقفوا صفاً واحداً ضد هذه الجريمة النكراء ليقولوها كلمة صريحة للظالم: يا ظالم وللمجرم: يا مجرم ثم يبادروا بالعمل على تغيير المنكر كل بقدر استطاعته بالقوة أو القول أو بالصمت على الأقل وهو أضعف الإيمان.

  ووقف مع الحق من وقف وأضل الله من أضل على علم وكان موقف بعض مفكري الإسلام وقادة الرأي في بعض الدول الإسلامية موقفاً عجباً يخالف أبسط مبادئ الإسلام فمن أبسط مبادئ الإسلام وأظهرها تحريم الظلم وظلم العراق للكويت أمر لا يختلف فيه اثنان فضلاً أن تنتطح فيه عنزان.

  وعزاؤنا في ذلك أن الأكثرية الساحقة في العالم وقفت ضد هذا الظلم المكشوف وشجبته وطالبت بإزالته في الحال وبدون قيد أو شرط وذلك نصر من الله، ولقد أثارت مواقف بعض الحركات الإسلامية من هذه المحنة موضع دهشة واستنكار في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية لما بدت عليه من مناصرة الظالم وخذلان المظلوم والانسياق وراء مفاهيم مضللة ومضللة "بالفتح والكسر" رغم ما يتمتعون به من فكر نير وفهم واسع وكم تملكتني الدهشة وأنا أقرأ ما يصدر عن قادة تلك الحركات من بيانات أو تصريحات ظاهرة الإلتواء بينه الخطأ.  

  ولعل أخر ما وقع تحت نظري بيان أصدره أخونا الأستاذ الغنوشي كقائد لأحدي الحركات الإسلامية بالوطن العربي التي كنا نتعشم منها خيراً ونتوقع لها مستقبلاً مشرقاً.. بيان بمناسبة أزمة الخليج لم يرد فيه أي ذكر لقضية الخليج الأساسية وهي احتلال العراق للكويت احتلالاً وحشياً قذراً ولكنه ركز على قضية هامشية متفرعة عن القضية الأساسية بل نتجت عنها قضية الإستعانة بقوات دولية لوقف إمتداد العدوان العراقي إلي الدول المجاورة للكويت وإنزال الكوارث بها.

  وليته توقف عند هذا الحد وسمي الأشياء بأسمائها ولكنه أطلق على القضية أسماً ضخماً مفزعاً مغلقاً فاسماها (احتلال بلاد الحرمين الشريفين من طرف القوي الاستعمارية) ولا ندري من أين أتي بهذه التسمية المثيرة فليس هناك أي احتلال سوي احتلال العراق للكويت الجارة الشقيقة الوديعة المسالمة المحسنة وكل ما في الأمر هو قدوم قوات دولية إلي الحدود الشمالية الشرقية من المملكة بعيداً عن الحرمين الشريفين بأكثر من (1500) كيلو متراً للدفاع عن حدود المملكة وبطلب منها وستخرج بمجرد زوال الأسباب وهي الحشود العراقية على حدود المملكة واحتلال الكويت فبدلاً من إثاره الرأي الإسلامي ضد الاحتلال العراقي لبلد مسلم وجار صديق آمن هو السبب في استقدام القوي الدولية تحولت الآثار ضد حكام الحرمين الشريفين بتهم لا أساس لها إلا في خيال صدام حسين أرسلها إلي خيالات أذنابه وأتباعه ليذيعوها ويكبروها ليفوزوا بالجائزة.

  ولو أن أخونا الغنوشي وجميع قواد الحركات الإسلامية كلفوا أنفسهم زيارة المملكة العربية السعودية زيارة خاطفة كما فعل كثير من قادة السياسة والفكر في الغرب وشاهدوا بأنفسهم حقائق الأمور على الطبيعة لاستطاعوا تكوين رأي سليم وصحيح ولما تورطوا في هذه الأفكار الفجة وورطوا معهم أتباعهم من حسني النية وأنصار الحق.

  إن بلادنا والحمد لله مفتوحة لكل صاحب دعوة حق وعدل وفكر مستقيم فليتفضلوا مشكورين بالوقوف على الطبيعة وقلوبنا مفتوحة للنقاش والحوار وكشف الحقائق ليروا بأعينهم ماذا فعل العراق بالشقيقة الكويت وماذا فعلنا نحن في الدفاع عن أنفسنا دون أي عدوان على احد.

يروا ذلك ويعودوا إلي الحق فإن الحق أحق أن يتبع.

معلومات أضافية

  • العــدد: 6
  • الزاوية: كل اسبوع
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي