إنني أطالب وزارة الحج بأن تضع مواصفات وشروطاً للحجاج تتمشى مع الإسلام بحيث نجعل منه سائحاً من الدرجة الثالثة على الأقل..
أما ترك الحبل على الغارب هكذا فإن هذا ما ستذهب معه جهودنا ونفقاتنا ومتاعبنا إدراج الرياح مهما كانت عليه من الضخامة.
دعا أستاذي الكبير الأستاذ أحمد سباعي.. دعا المواطنين أن ينسوا علاقاتهم بالمواسم ويتركوها للعاجز والمحتاج ويتهيأوا من جديد لما بدت تتفتق به بلادهم في شتى المجالات..
وأنا مع احترامي الكبير للأستاذ السباعي ومع اتفاقي معه في كثير من الآراء المتعلقة بالتطويف والمطوفين والحجاج وأوضاعهم اختلف معه في هذه النقطة بالذات فأغنى دول وشعوب العالم لم تحاول عدم الاكتراث بدخلها من السياحة والسائحين بل أنها تحاول اجتذاب أكبر عدد ممكن من السياح وربما أقامت ميزانيتها ودخل فردها على ما يحققه هذا المورد من دخل وفير..
فإذا أخذنا بفكرة الأستاذ السباعي وانصرفنا نحن السعوديين جميعاً إلى شتى المجالات وتركنا العواجز والضعفاء وحدهم يستقبلون هذا العدد الضخم من الوافدين فمن ذا الذي سيتولى تأمين حاجيات هذه الوفود لاسيما وإننا الآن جميعاً بقضنا وقضيضنا نعمل من أجل موسم الحج فلم نحقق الكثير لهذه المواسم كما نريده لها من نجاح فكيف إذا تركناها للضعفاء والمحتاجين؟
قد يقول الأستاذ أن السياحة غير الحج وأن السائح غير الحاج وتعقيبي على هذه النظرية أن في إمكاننا أن نجعل ذلك شيئاً واحداً بشيء من التنظيم والتقريب ورفضنا أن نستقبل الشحاذين والمتسولين ومن لا يجدون من الغذاء الصحي ما يقيم أودهم وهذا من صميم الإسلام الذي لم يفرض الحج إلا على من استطاع إليه سبيلا..
نستطيع أن نجعل من الحج سياحة ومن الحاج سائحاً يرجو رحمة الله ويتعرض لنفحاته إذا طبقنا نفس الأنظمة المتبعة في البلدان الأخرى مع شيء من التسامح فيما لا يضر أو يسئ إلى السمعة..
وفي اعتقادي أن من حقنا أن لا نمنح تأشيرة الدخول إلا لمن يملك زاده وراحلته ومسكنه الذي يأوي إليه..
ومن حقنا أن نمنع السيارات الأجنبية أن تعمل داخل أراضينا وأن تقف مهمتها عند إيصال الحجاج إلى طرف من أطراف مكة..
إننا نقوم بواجباتنا بل فوق واجباتنا وتصرف الدولة الملايين في سبيل توفير وسائل الراحة لهؤلاء الوافدين وتجند كل رجالها وإمكانياتها من أجل تحقيق الرعاية لهم بما لا مزيد عليه ولكن بعض الوافدين يضيعون كل هذه الجهود ونخرج من كل موسم رغم كل التضحيات وسياط النقد تنهال على أعمالنا.
إن بعض الحكومات الإسلامية تضيق الخناق على رعاياها فلا تسمح لهم بإخراج كفايتهم من النقود أي أنها ترسل إلينا المحتاجين والفقراء ومن لا يجدون ما ينفقون أما من وسع الله عليهم ويريدون الإنفاق هنا فإنها تحدد لهم ما يخرجون به لئلا تستفيد منهم البلاد..
فما الذي يمنعنا نحن من أن نحدد نفقات الحجاج الضرورية التي تحقق له العزة والكرامة ونحفظ عليه إنسانيته لنضع حكومته أمام أمر واقع فنصرح له على الأقل بإخراج هذه الكفاية بدلاً من أن نفتح الباب على مصراعيه للفقراء والمحتاجين وتضييق الخناق على الأغنياء ومن وسع الله عليهم؟
إنها إجراءات لا أرى فيها أي حرج لينقص عدد الحجاج فإن مائة ألف ممن يسكنون في البيوت ويغذون أنفسهم بما يحميهم من الأمراض ويحيطون أنفسهم بالنظافة، مائة ألف من هؤلاء خير لنا ولهم للإسلام من مليون حاج كثير منهم يسكنون الشوارع ويتخذون من المساجد والأزقة مأوى لهم أو يسكنون في مساكن غير صحية ويأكلون من الطعام ما يضعف فيهم المقاومة.
إن الإسلام أعفي الفريق الثاني من الحج وفرضه على الفريق الأول فإذا لم ننفذ حكم الإسلام
إنني أطالب وزارة الحج بأن تضع مواصفات وشروطاً للحجاج تتمشى مع الإسلام بحيث نجعل منه سائحاً من الدرجة الثالثة على الأقل..
أما ترك الحبل على الغارب هكذا فإن هذا ما ستذهب معه جهودنا ونفقاتنا ومتاعبنا إدراج الرياح مهما كانت عليه من الضخامة.
وأما ترك هذا المورد من الدخل القومي للفقراء والمحتاجين والانصراف إلى غيره بدلاً من تنظيمه وتنميته وتعميمه فهذا ما أخالف فيه أستاذي السباعي وأرجو منه المعذرة..
أما شكواه بل شكوى كل مسلم من اتخاذ بعض الحجاج للمسجد الحرام مأوى يأوون إليه ومطبخاً يوقدون فيه قدورهم ومناماً ومقاماً بعفشهم وأطفالهم وأقذارهم فإن ذلك ليس بالتشديد في منعهم من الدخول إلى المسجد وهم يحملون هذه الأزرار فإن هذا لم يجد شيئاً ولن يجدي فللمراقبين غفلات وسهوات مهما كانوا للمتسللين وسائل وطرق قد يغفل عنها الشيطان.
ولكن العلاج الناجح المريح هو كما ناديت به أكثر من مرة فرض السكنى على كل حاج وإلزامه بدفعها سلفاً كما يدفع العوائد أرباب الخدمات وأجور التنقلات سواء بسواء فتأمين السكنى في مكة ومنى وعرفات يجب أن توضع في الاعتبار الأول حتى إذا وجدنا حاجاً يترك منزلة ثم يأوي إلى المسجد يتخذه مسكناً لا متعبداً أخرجناه إخراجاً وأفهمناه أن المسجد بيت عبادة وذكر قائماً أو قاعداً لا نائماً ولا مستريحاً، وليس مطبخاً تجهز فيه الأطعمة أو يوقد فيه على القدور..
ترحيل الحجاج
الذي يجرى بعد موسم كل حج في إدارة الحج أو نقابة السيارات بالنسبة للمطوفين أو مندوبيهم أعتقد اعتقاداً جازماً إنه إجراء لا يرضى المسئولين عن ذلك سواء في إدارة الحج أو نقابة السيارات كما اعتقد أن للمطوفين أو مندوبيهم دخلاً كبيراً في وقوع هذا الإجراء...
فكل مطوف يريد أن يكون هو السابق وهو الأول وهكذا يتزاحمون على أبواب هذه الدوائر مزاحمه تكون فيها الغلبة لطويل الباع أو قوى الذراع..
يضاف إلى ذلك ما يسببه هذا الوضع للقائمين على هذه الدوائر من إزعاج ومشقة..
ومن ثمة فإني اقترح على إدارة الحج ونقابة السيارات طبع بطاقات مرقمة من واحد إلى مائة وتخصيص موظف يعطى لكل مراجع عند وصوله بطاقة برقمه ويفهمه بالانتظار بعيداً عن الباب ثم يجرى النداء من الداخل بالرقم فكلما نودي على رقم سمح لصاحبه بالدخول فإن لم يكن موجوداً نودي على من يليه وإذا حضر بعد ذلك سحب منه الرقم القديم وأعطى له رقماً جديداً حسب تسلسله ولا يسمح بالدخول مطلقاً إلا بالرقم..
إننا بهذا نقيم العدالة ونطمئن المطوفين وأتباعهم وفي الوقت نفسه ندربهم على النظام والمحافظة عليه ونرفع عنهم مذلة ونحقق لهم وللمسئولين راحة وهدوء وللعمل انتظاماً وسرعة.
حجاج البر وأجور العقار
نعم فلتزدحم مكة ولكن بالحجيج لا بسياراتهم التي هي أشبه ما تكون بعمارات متحركة.
نشرت هذه الصحيفة في صفحتها الاقتصادية التي يشرف عليها الأستاذ صالح عبد القادر فقيه كلمة أشار فيها إلى الآثار السيئة التى تترتب فعلاً من إيجاد مدائن الحجاج المؤقتة خارج مكة على اقتصاد البلد إذ أن تواجد الحجاج داخل البلدة يزيد من انتعاش حركة البيع والشراء من ناحية ومن ناحية أخرى يحقق دخلاً ثابتاً لأصحاب المنازل المعدة للحجاج..
والصيحات التي كانت ترتفع من متاعب حجاج البر لم تكن ناشئة عن الحجاج أنفسهم فهم حجاج كغيرهم تسمعهم مكة كما تسمع غيرهم ولكنها كانت من سيارات حجاج البر والأفاعيل التي كانت تفعلها في شوارع مكة وكيف تتخذها فراشاً ومخيمات لركابها وكانت مطالب الإصلاح تنحصر في الترحيل لمنع دخول هذه السيارات إلى شوارع مكة بإنشاء محطة للسيارات فقط تفرغ بها حمولتها من الحجاج ليدخلوا مكة ويسكنوا في بيوتها ويعيشوا بين الحجاج الآخرين ولم يطالب أحد بإنشاء مدينة أو شبه مدينة أو مخيم لسكناهم وإقامتهم يتوفر فيه الماء الذي لا يتوفر للسكان داخل المدينة وتضاء لهم بالكهرباء بينما يعيش البعض على الفوانيس والأتاريك...
نعم لم يطالب أحد بهذا بل لم يدر بخلد أحد لما يترتب عليه من تفريق في المعاملة بين الوافدين من ناحية ومن ناحية أخرى تأثير ذلك على اقتصاد البلد ومصلحة المواطنين..
وعلى ذكر مدائن الحجاج المؤقتة والضربة التي أصابت أجور المساكن بسببها لا أدرى هل سيقدر إخواننا ملاك العقار هذه الظروف فلا يحاولون مطالبة السكان بزيادة الأجور ويقنعون بأجر العام الماضي أم سيشذ البعض ويغالى في الأجور فتضطر الدولة أن تتدخل في حماية المستأجرين..
أرجو أن يكون أصحاب العقار عند حسن الظن بهم والله ولى التوفيق...