«اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا».
في مثل هذا اليوم منذ ألف وثلاثمائة وتسعة وستين عاماً نزلت هذه الآية الكريمة، فكانت إيذاناً بانتهاء وحى التشريع، وأصبح للمسلمين دستور متكامل ينظم أمور معاشهم ومعادهم ولا يدع صغيرة أو كبيرة إلا ورسم لها الخطوط الأولى (أو الأصول كما يقول الفقهاء) أما الفروع فهي متروكة لتطور الأحوال وتغير الأزمان فقد شرع هذا الدين ليكون صالحاً لكل زمان وفي كل مكان باعتباره خاتمة الأديان.
وفي مثل هذا اليوم منذ ألف وثلاثمائة وتسعة وستين عاماً ألقي محمد -عليه الصلاة والسلام- خطبة الدستور الإسلامي الأولى التي يقول فيها:
أيها الناس، لقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا – أمراً بيناً كتاب الله، وسنة نبيه.
"إن الله حرم دماءكم وأموالكم وأعراضكم، حرمة شهركم هذا في يومكم هذا في بلدكم هذا إلى أن تلقوا ربكم".
"إن للنساء عليكم حقاً، وإن لكم عليهن حقاً".
"أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى"..
إلى آخر الخطبة التي تعتبر بحق خطبة الدستور الإسلامي الأولى و التي أرسى بها عليه السلام قواعد الإسلام وأعلن فيها قيام الدولة الجديدة في ظل الدستور الجديد الذي ألغى جميع الأوضاع التي كانت سائدة حينذاك.
ولو أن المسلمين استطاعوا أن يحافظوا على هذا الدستور السماوي ويحكموه في كل أمورهم ويتمسكوا بتعاليمه لما أصبح على وجه الأرض أعز منهم شأناً ولا أرفع منهم مكاناً «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً» صدق الله العظيم.
وإذا كان لهذه البلاد من مفخرة تفخر بها فهي هذا الحكم الإسلامي الذي لا يعترف بدستور غير الإسلام ولا يحكم في أموال الأمة ودمائها وأعراضها غير كتاب الله وسنة رسوله.
وهي لا شك نعمة من نعم الله الكبرى التي يجب التحدث بها وهذا العدد خير وسيلة للتحدث بنعمة الله ليعرف المترددون في تحكيم الإسلام أن حكم الإسلام وهو أصلح حكم يجمع بين الروح والمادة، ويأخذ من الدنيا بنصيب ومن الآخرة بنصيب ويحقق للبشرية على مختلف ألوانها وأجناسها وطبقاتها السعادة والرفاء فهل يفقهون؟؟