الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 00:05

نقابة المطوفين (1)

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

تتردد في أوساط المطوفين كلمة نقابة فيطالب بها فريق منهم على أساس أنها وسيلة من وسائل إنقاذ الموقف الراهن ويحاربها فريق لمجرد توهمه إنها ربما جاءت ضد مصالحه الخاصة ويقف فريق ثالث موقف المتحفظ ويسأل: كيف؟ وعلى أي أساس؟!

والمسلم به أن إنشاء نقابة – أي رابطة – تربط بين أفراد الحرفة الواحدة – أية حرفة – أو جماعة إنما هي وسيلة من وسائل جلب الخير لهؤلاء الأفراد أو الجماعة ودفع الضر عنهم فهي صورة من صور الاتحاد الذي لا يشك أحد في جدواه للمنضمين تحت لوائه.

أما الأمثلة على ذلك فهي كثيرة، فنقابة الأطباء مثلاً أو نقابة المحامين أو نقابة العمال أو نقابة الصحفيين إنما هي مؤسسات أنشئت على أساس من الدفاع عن حقوق المنتسبين إليها والعمل على ما فيه خيرهم أفراد أو جماعة بالتنظيم والتدبير.

ولم نذهب بعيداً فهذه نقابة السيارات عندنا، لقد كانت شركات السيارات تتطاحن في جلب العملاء من المطوفين والمشائخ وتدفع لهم جعلا كي يستأجروا لحجاجهم منها ويتهافتون عليهم ويبثون الوسطاء والسماسرة ولو أن الحال استمر طويلاً لأفلست كل تلك الشركات ونزل بأصحابها ومساهميها من البلاء ما لا يعرف مداه إلا الله.

ولكن بعض المسئولين في تلك الشركات أدركوا خطورة المصير فأسست نقابة السيارات  التي عكست الوضع تماماً وحفظت للشركات حقوقها كاملة وأخذت كل شركة قسطها من الحجاج وهي قابعة في مكانها فلا سماسرة ولا وسطاء للمطوفين ولا يحزنون.

ودبت عدوى السمسرة والوسطاء والتهافت والتناحر على مهنة التطويف وأخذ البعض يحسون بقرب الخطر وأخذ البعض يشوه الانتصار المؤقت متناسياً أن السلاح الذي استعمله كوسيلة للانتصار قد يعز على غيره استعماله، وتحفز هذا الغير وتفنن المتصارعون في اختراع الأسلحة – كما يتفنن أقطاب العالم في سباق التسليح – وتطور سلاح الصراع في مهنة التطويف من "البوفيه المجاني" إلى المياه المثلجة والمراوح الكهربائية والسرير والفراش الوثير.

وأصبح هذا السلاح غير ماضي فانحرف المتصارعون إلى سلاح جديد مختلف الوسائل ولكنه يؤدى إلى طريق واحد هو تكملة مصاريف الحاج  التي كان مفروضاً أن يدفعها كاملة.. تكملتها من جيب المطوف الخاص فالسكن الذي يكلف الحاج في مكة ومنى وعرفات ما لا يقل عن عشر جنيهات يقدمه المطوف بجنيهين ثم يغطى العجز من حسابه الخاص.

أما إذا دهشت كيف يغطى المطوف العجز البالغ ثمانية جنيهات مع أن كامل إيراده من الحاج هو خمس جنيهات فما عليك إلا أن تسأل الوكيل والزمزمي والجزار ماذا يلاقون من عنت هذا المطوف.

وأما ثالثة الأثافي والسلاح الوبيل الذي يخرج عن طريقه ملايين الجنيهات من الدخل القومي فإنه داء السمسرة الذي أصبحت الجمعيات في بلاد الإسلام تحمل لواءه فتعقد له مجالس المزايدات بين المطوفين ليتناحروا بين يديها ويتسابقوا إلى اكتسابها بأبهظ الأثمان، وانتشر الداء واستمرأ لذمة كثير من الحجاج وأصبح نوعاً من التجارة الرابحة فاحترفه الكثير، وأصبحت للسماسرة حظوة يتخطفهم المطوفون ويتسابقون في اكتساب ودهم بزيادة الجعل المقرر عن كل حاج مجلوب فمن جنيه إلى اثنين إلى ثلاثة إلى شروط ومطالب أخرى ترهق المطوف وتثقل كاهله بالديون.

وضج المطوفون بالشكوى – إلا قليلاً منهم – وارتفعت الأصوات تطلب الإنقاذ ولم تقصر الحكومة فأعطت المطوفين حق التفكير وإصلاح الوضع بأنفسهم وداخل هيئاتهم وتعارضت مصلحة القليل من المتمركزين في الطائفة مع مصالح الأكثرية من رجال الصف الثاني وما يليه، وكان طبيعياً أن يتمكن المتمركزون من وضع العراقيل في سبيل الإصلاح المنشود وظل الأمر معلقاً وزادت الحالة سوءاً.

وفي الكلمة القادمة سأتحدث إن شاء الله عن العراقيل وكيف وضعت فإلى اللقاء.

معلومات أضافية

  • العــدد: 756
  • الزاوية: كل صباح
  • تاريخ النشر: 25/1/1381ﻫ
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي