قلت في كلمة أمس أن هناك فريقاً يعارض فكرة النقابة وأوضح اليوم أن هذا الفريق نفسه ينقسم إلى طائفتين، طائفة متبوعة وهم أصحاب المصالح الذين يتوجسون خيفة من النقابة لأنهم يعرفون جيداً أن معناها الاتحاد والقوة والخير للجميع فلا إستغلال.. ولا إحتكار.. ولا طغيان..
واستطاعت هذه الطائفة أن تجتذب إليها - رغم قلة أفرادها - عدداً كبيراً من السذج ومحدودي الثقافة من المطوفين بوسيلتين:
الأولى: الإيحاء إليهم أن فكرة النقابة إنما هي طريقة لإخراجهم من الصنعة مستقبلاً واستيلاء غيرهم عليها من الموظفين وتبديد أموالها وهذا وحده يكفي لتنفيرهم من النقابة وذكر اسمها وخاصة عند أولئك الذين يعتمدون على التطويف في حياتهم المعيشية ولا يحسنون أي عمل آخر.
الثانية: إقحام الدين في الموضوع والزعم – بالباطل – أن فكرة النقابة فكرة تخالف تعاليم الدين فتارة يقولون أنها شيوعية.. وأخرى يقولون أنه تدخل في الأرزاق.
والذي نريد أن نؤكده لإخواننا المخدوعين من المطوفين – لأن الخادعين يفهمون ولكنهم يتجاهلون – الذي نريد أن نؤكده لهم أن فكرة النقابة عندما تتم لدى أية طائفة معناها رابطة بين أفرادها تنظم شئونهم وتدافع عن حقوقهم وتعمل من أجل خيرهم ودفع الشر عنهم وبث روح التعاون بينهم ونشر التراحم والتواد في صفوفهم بدلاً من الشحناء والبغضاء والأحقاد.
وتلك هي دعوة الإسلام وتعاليمه ورسالته إلى نبيه.
وما عليهم إلا أن يصموا أذانهم عن هذا اللغو من الكلام والزور من القول الذي يردده من لا يريدون خيراً لهذه الطائفة كمجموعة بل يريدون موزعاً على أفراد معدودين يستأثرون بهذا الخير دون بقية أفراد الطائفة الذين يعيش أكثرهم في ضنك من العيش وبؤس من الحياة في الوقت الذي يعيش كل أفراد الطوائف الأخرى من أبناء البلاد في بحبوحة من العيش ورغد من الحياة بينما تشقى هذه الطائفة وهي تملك من وسائل العيش أشرفها وأكرمها وأقربها إلى الرفاهية.. لا لشيء إلا طيش وسفه نفر قليل من أفرادها وجشع وطمع نفر آخر منهم..
أما ما نريد أن نقوله لأولئك المحاربين لفكرة النقابة أو نسألهم عنه فهو:
كيف يمكن أن تكون النقابة شراً على الطائفة ومبدأها أو أساسها الذي تقوم عليه هو الاتحاد والتعاون والتواد والتراحم وقيام هيئة تدافع عن حقوق الطائفة وتحمى حماها وتعمل لخيرها وتنظم أمورها ويسعد في ظلها من كان شقياً؟!
كيف يكون قيام مثل هذه الرابطة مخالفاً لتعاليم الدين وهي إنما تنفذ تعاليم الدين؟!
وأي الحالتين أقرب إلى تعاليم الدين وإلى طريق الخير وأبعد عن طريق الشر.. هذه الحالة التي يعيشها بعض أفراد الطائفة من تنافر وتناحر.. شحناء وبغضاء.. سفه وتبديد للأموال.. استذلال وخضوع للسمسار..؟!
أم حالة النقابة التي أشرنا إليها فيما سلف؟!
بقى الفريق المتحفظ الذي يسأل: كيف ستكون النقابة وعلى أي أساس؟!
وهؤلاء محقون وهم أقرب إلى الإيمان بها متى ما وضعت الأسس التي ستقوم عليها النقابة وشرحت شرحاً وافياً وهذا ما سأفعله في ختام كلماتي هذه فقد أعددت للإصلاح المنشود مشروعاً كاملاً عالجت فيه كل المشاكل وحاولت في وضعه أن يحافظ على جميع المصالح المتناقضة بقدر الإمكان وجمعت فيه بين إكرام الحاج وكرامة المطوف وأقمته على قواعد ستجعل من المطوفين مستقبلاً الطبقة الثانية في المجتمع إن لم تكن الأولى.