القضية المسحورة هي قضية المطوفين التي مضى عليها أكثر من عشر سنوات وهي تتأرجح من مجلس إلى مجلس ومن لجنة إلى لجنة، ومن هنا إلى هناك وكلما لفت لفة زادت عقدة تزيد من صعوبة الحل.
لقد كانت للمطوفين مشكلة واحدة، هي مشكلة السمسرة البسيطة وبمضي السنوات تحولت تلك السمسرة إلى سمسرة معقدة وتفرعت لها فروع وتشابكت الأوضاع إلى درجة جعلتها تكاد تستعصي على الحل..
ومن حسن الحظ – أو من سوئه لا أدرى – أن قدر لي الاشتراك في عديد من اللجان التي شكلت لمعالجة هذه القضية وخرجت من تجاربي بنتيجتين:
الأولى: أن البحث عن حل لهذه القضية عن طريق اللجان الكثيرة العدد و التي تختلط فيها المصالح وتتضارب وتتصارع الأهواء لا يمكن أن يصل بالقضية إلى حل بحال من الأحوال.
والثانية: أن العلاج الوحيد لكل أدواء التطويف على مختلف درجات استعصائها هو إلغاء السؤال والتقارير وكل علاج عد غير هذا الطريق سيكون مجرد تجربة هي إلى الفشل أقرب منها إلى النجاح.
نكتب هذا بمناسبة الاجتماع الكبير الذي سيعقد غداً (الأحد) بمجلس الشورى حيث يلتقي أعضاء هيئات جميع أرباب الطوائف مذكرين بالاجتماع المماثل الذي عقد قبل سنتين في مقر إدارة الحج بمكة والقرارات التي تمخض عنها و التي يصح أن تضاف إلى عجائب الدنيا السبع!
أما الاجتماع المثالي والذي أمكن الخروج منه بنتيجة لو نفذت لحمد المطوفون والحكومة عاقبتها فإنه ذلك الاجتماع في لجنة محدودة العدد ضمت وكيل وزارة الحج ورؤساء الطوائف وأربعة من خبراء المطوفين إذ استطاعت تلك اللجنة وضع مشروع يستأصل المشكلة من جذورها، ويعالج كل فروعها بطريقة تلقائية والمشروع موجود في وزارة الحج – كما أعتقد ومن الممكن طلبه وتشكيل لجنة محدودة العدد لمراجعته والاستفادة منه.
إن جميع المطوفين وهيئاتهم ورؤسائهم يعترفون بوجود المشكلة ولكن كل واحد منهم يضع الحل المناسب في زاوية مصلحته دون أي حساب لمصلحة الآخرين، وهذا ما يستحيل معه الوصول إلى حل يرضى الجميع.. بل هذا هو الذي جعل هذه القضية تدور في حلقة مفرغة منذ عشر سنوات وستظل تدور هكذا طالما أن بحثها سيجرى بهذا الأسلوب.
والواقع أن هذه القضية في حاجة إلى رجل أو رجال لديهم من الشجاعة والديانة والأمانة ما يؤهلهم لتحمل مسئولية الحل كاملة دون أي التفات إلى البرقيات والمضابط التي لا يراد فيها إلا عرقلة الإصلاح والإبقاء على الأوضاع الحالية.
إن مجلس الشورى وهو يعرف مدى تدهور أوضاع التطويف أهل لأن يتحمل هذه المسئولية فيتخذ بها قراراً جريئاً يضع الحق في نصابه بل يضع النقاط على الحروف.
فهل يفعل.. أم يطوح بالقضية لتبدأ في دورتها حول الأرض لتعود بعد عام من حيث بدأت وهكذا...؟!