أشرت في كلمتي السابقة عن رد الفعل للهدايا التي قدمها المحسنون من أهل الخير لحجاج بيت الله في عرفات ومنى في عام 1404ﻫ وأدت إلى فقدان الكثير من الأطعمة والأشربة الضرورية في موسم حج 1405 هـ نتيجة للخسارة التي منى بها من كانوا يبتغون فضل الله في تلك الأيام فجاء الضرر مزدوجا خسر أولئك العاملون في خدمة حجاج بيت الله بتأمين حاجاتهم من الأطعمة والأشربة خلال رحلة الحج بين منى ومزدلفة وعرفات في سنة 1404ﻫ وخسروا مرة أخرى بترك وسيلة عيشهم في سنة 1405ﻫ بفقد الكثيرين منهم لحاجاتهم الضرورية.
ومن المسلم به أن الهدايا والصدقات لا يمكن أن تصل إلى كل الناس وبالتالي من المستحيل ذهاب كل الناس لطلبها والتزاحم على أخذها والتدافع بالمناكب وإراقة ماء الوجه في سبيل الحصول عليها.
فكيف إذا كان ذلك في يوم مشمس قاهر الحرارة؟؟ كيف إذا كان الحاج كبيرا في السن مريضا أو عاجزا أو امرأة إذا ترك خيمته في البحث عما يريد ضل الطريق ولم يرجع إليها؟؟
إن أيام الحج الستة وهى يوم التروية ويوم الوقفة ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق أيام فريدة لا مثيل لها في الدنيا بما يتخللها من تحرك ضخم واجتماع أضخم في أمكنة محددة وأزمنة محددة وأعمال تعبدية مخصوصة..
هذا الوضع يفرض أن يكون له تنظيم مخصوص ودقيق من أجل تأمين حاجات هذا الخلق من الناس بصورة منظمة محسوبة لا تدخل فيها المصادفة أن التبرعات أو الهدايا ومن أراد مثل ذلك ففي أيام الحج الأخرى متسع له ومجال أوسع لتنظيمه وإيصاله إلى مستحقيه بدلا من هذا التوزيع الفوضوي المزري بمن يطلبه أو يسعى إليه المضيع للكثير من هذا الخير كنا نرى كيف يقذف موزعو المأكولات والمشروبات من داخل (البرادات) إلى المتجمعين حولها لشدة الزحام فتقع أحيانا في يد البعض وأحيانا على رؤوسهم وأحيانا على الأرض لتسيل عليها أو تداس بالأقدام.
إنني أقترح أن تقوم أمانة العاصمة المقدسة بتخطيط أسواق في عدة مواقع من عرفات قريبا من خيام الحجاج وفي طريقهم إلى جبل الرحمة كالتي تعرفها من قبل وإنشاء أكشاك مبسطة بها وعرضها للإيجار بأجر رمزي لمن يريد أن يتطلب فضل الله في هذا اليوم والأيام التي تسبقه فعرفات تمتلئ بالحجاج والعاملين في نصب الخيام منذ أول شهر ذي الحجة بحيث يترك خلف كل كشك مساحة من الأرض يمكن نصب صوان كبير خلفها كملحق للكشك يأوى إليه من يريد الطعام أو الشراب أو تناول الشاي والقهوة وتعلن عن ذلك من شهر شوال أو ذي القعدة لمن يريد ممارسة هذا النوع من البيع في عرفات تأمينا لحاجات الحجاج في هذا اليوم العظيم وتنظيما لذلك والله الموفق..