الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 19:07

لبنان مرة أخرى

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

كنت عندنا أتحدث مع الأخوة والأصدقاء عن مستقبل لبنان بالنسبة للحرب القذرة التي يعانيها أتحدث وأنا في منتهى التفاؤل وأردد أن اللبنانيين كالألمان سيعيدون بناء لبنان بصورة أفضل بمجرد الانتهاء من الحرب لأنهم في القمة من رجال الاقتصاد ولأن اقتصاد لبنان كان صامدا رغم كل الكوارث.

كان ذلك رأيي وتقديري لمستقبل لبنان إلى ما قبل أيام عندما فوجئت بانهيار الليرة اللبنانية انهيارا مفاجئا وغير متوقع ونخشى أن تكون هي الضربة القاضية.

ولبنان كما قلت في كلمتي الأسبوع الماضي منتجع العرب ويضرب المثل في سرعة النمو والتطور في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية والثقافية والعمرانية وبصورة كانت موضع الإعجاب.

ومنذ أن بدأت محنة لبنان على يد أبنائه أولا ثم بالمداخلات التي نتجت عن الفتنة الطائفية من جهة والحقد الصليبي من جهة أخرى والعرب يحاولون بكل ما أوتوا من قوة رتق هذا الفتق وتضييق الخرق باستثناء القليلين جدا ممن كانوا يريدون الصيد في الماء العكر ولكن جميع المحاولات فشلت لانقسام اللبنانيين لا إلى فريقين فحسب بل ولكن إلى عدة فرق كل فرقة وقعت تحت تأثير جهة خارجية محرضة بدوافع مختلفة.. جهة تسعى لقيام دولة مسيحية كشوكة ثانية في ظهر الأمة العربية وجهة تجري وراء مكاسب سياسية وثالثة تود أن تغرس لها وتدا في هذا الجزء من الوطن العربي كمنطقة نفوذ.. وهكذا ضاع صوت العقل العربي وعلا صوت الحقد والأنانية وسياسة فرق تسد الاستعمارية وتكاد تخسر لبنان لا بيد عودنا ولكن بأيدينا وأيدي بعض اللبنانيين أنفسهم.

ولولا أن أتهم بالطائفية أو العنصرية لقلت أنها مؤامرة ضد المسلمين في لبنان بل الطائفة السنية منهم بالتحديد كما تشير كل الدلائل فهم المضيعون في هذه الحرب فلا ميليشيات ولا أسلحة وزعماؤهم ليس لهم من الأمر شيء سوى الكلام ولا شئ غير الكلام.

والمتتبع لأخبار الدمار والكوارث في لبنان منذ بدء هذه الحرب القذرة والمدقق فيها سوف يجد أن طائفة السنة من مسلمي لبنان هم الضحايا وحدهم فكل ما لقيته بيروت الغربية من أحداث سواء من إسرائيل أو من القناصة أو الميليشيات نزل بساحة طائفة السنة ومثل ذلك يقال عن صيدا وطرابلس ولو قامت لجنة محايدة لتقدير الخسائر المادية والبشرية في هذه الحرب لتأكدت أن خسائر الطائفة السنية أضعاف ما خسرته أية طائفة أخرى.

إن هذا الإصرار على استمرار حرب لبنان وهذه الاتفاقيات التي تبرم لوقف إطلاق النار ثم تنقضي قبل أن يجف حبر التوقيع عليها وهذه التفجيرات والاغتيالات التي تتم ولا يسمى فاعلها ولا يعاقب ولا أقول لا يعرف فهو في اعتقادي معروف كل ذلك يسير في فلك الإجهاز على الطائفة السنية والتخلص منها ثم اقتسام التركة بين ذوي الميليشيات وأصحاب المطامع.

إنها حقيقة يجب أن تعيها كل الدول الإسلامية وتتداركها قبل فوات الأوان وتلحق فلسطين لبنان لا سمح الله ونحذر الطوائف الإسلامية الأخرى من التواطؤ مع الفريق الثاني من اللبنانيين من حيث يدرون أو لا يدرون ونذكرهم بقصة الثور الأبيض والثور الأسود يوم تواطأ الثور الأسود مع الأسد للتخلص من الثور الأبيض فلما خلا الجو للأسد مع الثور الأسود قضى عليه هو الآخر – ولو بقيا معا لما استطاع فودع هذه الدنيا بقولته المشهورة التي أصبحت مثلا "إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

معلومات أضافية

  • العــدد: 64
  • الزاوية: كل اسبوع
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: عكاظ
الذهاب للأعلي