الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 19:22

قصته مع الصحافة

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

يرجع بدء قصتي مع الصحافة إلى سن الصبا وقبل الشباب يوم كنت أتردد وأنا في أواخر مراحلي التعليمية بالمعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة على مكتبة أستاذي الشيخ مصطفي يعمور ومحل الشيخ قاسم الميمني بالقشاشية رحمهما الله لشراء مجلة الرسالة ثم مجلة الثقافة لقراءتها والاستمتاع بما كان يدور فيها من نقاش أدبي بين رجال الأدب والثقافة في ذلك العصر وعلى رأسهم الأستاذ أحمد أمين والدكتور زكي مبارك والدكتور طه حسين والأستاذ أحمد حسن الزيات والأستاذ علي الطنطاوي وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن.

بعدها توليت إدارة مكتبة الثقافة التي توسعت في استيراد الصحف والمجلات المصرية وأشبعت هوايتي في المطالعة، وحاصرتني فكرة إصدار صحيفة عن المكتبة وكان من زبائنها الدائمين الشيخ رشدي الصالح ملحس - رحمه الله - وكان مساعدا لرئيس الشعبة السياسية في ديوان جلالة الملك عبد العزيز ولم تكن يومئذ وزارة للإعلام ولا إدارة للصحافة والنشر، فعرضت عليه الفكرة فنصحني بالتقدم إلى جلالة الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه - وكتبت الطلب وسلمته بيد الشيخ رشدي الذي وعدني خيرا ولم يكن بالبلاد يومئذ صحيفة سوى صوت الحجاز. والمنهل فوقعت أزمة عالمية في الورق وتوقفت صوت الحجاز عن التصدير وجاءني توجيه من الديوان الملكي يومئذ بأن الوقت غير مناسب لإصدار صحيفة جديدة وقبرت الفكرة في مهدها.

وشاء الله بعد ذلك أن أعمل في إدارة جريدة البلاد السعودية بعد أن انتهت أزمة الورق وتحول اسم جريدة صوت الحجاز إلى البلاد السعودية وترأس تحريرها الأستاذ عبدالله عريف - رحمه الله - يعاونه أخي أحمد محمد جمال كسكرتير للتحرير..

وبدأت أكتب كلمات صغيرة بتوقيع "صاد" تحت عناوين مختلفة منها "أحاديث الناس" و "للصائمين فقط" ثم تطورت إلى مقالات أكبر عن أعلام المسلمين في العلوم والطب كالرازي والفارابي وابن سينا بتوقيعي الصريح ولم أعد أذكر العناوين لأني لم أحتفظ بقصاصات المقالات ولا الأعداد التي كانت تنشر بها..

وفي أوائل سنة 1376ﻫ عاودتني فكرة إصدار صحيفة وكان على رأس المديرية العامة للصحافة والنشر يومئذ معالي الصديق الأديب الشاعر الأستاذ عبد الله بالخير الذي شجعني على تحقيق الفكرة وبلغني برقيا بالموافقة السامية على منحى إصدار جريدة اسبوعية بإسم «حراء» ولم يكن بمكة مطبعة يمكنها طبع جريدة سوى مطابع جريدة البلاد السعودية وليس لها من الإمكانيات أن تطبع أخرى وكذلك مطابع الحكومة التي تطبع جريدة أم القرى..

ورحب أخي وصديقي الأستاذ محمد حسين أصفهاني بطبع حراء على مطابع في جدة وحزمت أمري وقررت إصدار حراء مهما كانت المشاق ولم ينتصف عام 76 هـ وقد بدأت حراء في الصدور وكنت أنا رئيس التحرير والمدير ومدير الاشتراكات ومدير الإعلانات والمصحح والمخرج يعاونني أخي أحمد محمد جمال ثم تطوع أخي الأستاذ حسن عبد الحي قزاز بالإشراف على الطبع بجدة حيث كان مقيما وأخي الأستاذ عبد الله الداري بالمعاونة على التصحيح ينزل معي إلى جدة في منتصف الأسبوع وكلهم بدون أي مقابل حتى أجرة الطباعة كانت تؤجل إلى ورود قيمة المبيعات وأجور الإعلانات رغم ضآلتها تلك الأيام.

والله وحده الذي يعلم كم لطخت ثيابي وزملائي وأيدينا بالأحبار والزيوت يوم كانت الطباعة باليد وجمع الحروف باليد وربطها، بالدوبارة، والنزول إلى جدة في الظهيرة يوم الثلاثاء لإنهاء الصفحتين الداخليتين ويوم الخميس لإنهاء الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة ولا سيارات مكيفة ولا يحزنون.

وبعد عام واحد وبضع شهور وتحت تأثير التشجيع الرائع من الكتاب والقراء والأصدقاء أسست مطابع دار الثقافة بمكة وصدرت حراء يومية يوم 1/11/1377ﻫ.

ثم أدمجت حراء والندوة في صحيفة واحدة أثر تنظيم رسمي لتقليل عدد الصحف بعد أن تكاثرت وتتابع صدورها بعد حراء إذ صدرت صحف الندوة وعرفات والأضواء والرائد واليمامة والقصيم وغيرها وكان ذلك في منتصف سنة 1378ﻫ.

وتنازل لي أستاذي وشريكي الأستاذ أحمد السباعي عن رئاسة التحرير وأصبحت رئيسا لتحرير الندوة ثم باعني حصته في الندوة وأصبحت ملكا خاصا لي..

وجاءت وزارة الإعلام في عهد وزيرها السابق الشيخ جميل الحجيلان في أوائل سنة 1383ﻫ بفكرة تحويل الصحف إلى مؤسسات وتمليكها لأكبر عدد من المواطنين بصرف النظر عن علاقتهم بالصحافة أو عدمها وصدر نظام المؤسسات الصحفية وعرض على وأخي أحمد أن نساهم في مؤسسة الندوة فاعتذرنا وسلمناها لمؤسسة مكة للطباعة والإعلام محتسبين ما بذلناه من جهد وعرق لوجه الله والوطن غير حانقين ولا ناقمين وما زلنا نكتب فيها وفي غيرها من الصحف.

هذه هي قصتي مع الصحافة حاولت حفظها وإنجازها بالقدر الذي يسمح به هذا الحيز ومعذرة إن جاء الإيجاز مخلا.

معلومات أضافية

  • العــدد: 74
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: عكاظ
الذهاب للأعلي