الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 20:24

كاد المعلم أن يكون رسولا!

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

من يؤرخ للتعليم في مكة المكرمة لا يستطيع أن يتجاهل المدرس والمربي الكبير الأستاذ عبد الله أحمد خوجه صاحب الجهود التي لا تنكر في مجال التربية والتعليم. بالأمس القريب طوي الموت – مصير كل حي – هذا الرجل فانطوت معه صفحة من الخدمة الوطنية التي اضطلع بها أستاذنا عبد الله خوجه منذ نعومة أظفاره فقد بدأ التدريس منذ كان صبيا في منتصف العقد الثاني من عمره فقد عرفته وأنا بالمدرسة التحضيرية بالصفا وهي أول مدرسة حكومية أنشئت بمكة المكرمة في العهد السعودي- إن لم تخني الذاكرة – وكان مساعداً لمديرها الفاضل أستاذنا الشيخ مصطفي يغمور- رحمه الله – وكانت أحلي أيام الدراسة التي لا يمكن أن تنسي حيث كان أساتذتنا في ذلك العصر كالآباء تماما.

تخرج من هذه المدرسة التي تحولت فيما بعد إلى إسم المدرسة الرحمانية مئات الرجال من وزراء ومدراء وعلماء وشخصيات بارزة كلهم يذكرون أستاذنا عبد الله خوجه بالخير ويحمدون له إخلاصه في التربية والتعليم. تقلب الفقيد في وظائف تعليمية مختلفة حيث درس بالمدرسة الفخرية بمكة ثم مديراً لدار الأيتام بمكة التي تخرج منها عدد كبير من رجال الشرطة والأمن العام ثم إلى المدرسة الصولتية.. وهو أول من ألف فرقة كشافة بالمملكة في سنه 1361ﻫ. وكان رحمه الله شعلة من الحركة والنشاط فلم يكتف بالعمل في سلك التعليم في النهار بل أنشأ أول مدرسة ليلية لمحو الأمية وتعليم الكبار في سنة 1350 ﻫ. وهي مدرسة النجاح الليلية التي مازالت قائمة حتى الآن وتعاني من جحود أبنائها الكثير حتى تكاد تتوقف من ضعف الإعانات وربما فقدانها.

وقد كنا نذهب ونحن صغاراً إلى حفلاته المرحة التي يقيمها تشجيعاً للمتخرجين من هذه المدرسة ونستمع إلى الموسيقي الأناشيد ونشاهد المسرحيات والتمثيليات الهزلية حيث لم يكن لدينا يوم ذاك لا إذاعة ولا تلفزيون.

وهو أول من أسس متحفاً للآثار بالمملكة في قرية بحرة – بين مكة وجدة – في حدود إمكانياته المتواضعة حيث جمع فيه من التحف القديمة كالشقدف والهودج والشبريه والعربة الفيتون و العربة الكارو والمروحة القماش والفلكه والمحبرة والبشتخته والسيوف والخناجر والرماح والصور والأحجار المنقوشة والقناديل والشمعدانات والفوانيس والقمرية وغير ذلك.

غير أن جلالة الملك فيصل – رحمه الله- أمر بشرائه منه لجعله نواة لمتحف عام للمملكة وجرى نقله إلى الرياض.

هذه لمحة موجزة جداً عن فقيدنا العزيز وعمره الطويل العريض بحق والذي لم يضيع منه لحظة إلا في تفكير منتج أو عمل خالد لا يسعنا في نهايتها إلا أن نسأل الله أن يحسن جزاءه وأن يتولي مثوبته وأن يبارك في ذريته ليستمدوا منه قدوة حسنه في الوطنية وخدمة الوطن وأن يتغمده بسابغ رحماته ورضوانه.

فليقل معي كل تلامذته وطلابه في مختلف المجالات: اللهم أغفر له وأدخله فسيح جناتك فهذا أقل ما يجب له علينا.

من البريد..

مجوعة من العاملين في حقل التعليم قد عينوا منذ سنة 1407ﻫ وحتى الآن لم تصرف لهم مكافأة الخريجين 

معلومات أضافية

  • العــدد: 40
  • الزاوية: كل يوم إثنين
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي