تحدثت في كلمتي السابقة فألممت إلمامة سريعة عن بعض جوانب جغرافية أندونيسيا وأواصل اليوم التحدث عن جوانب أخرى.
فأندونيسيا دولة ذات إمكانيات كبيرة وواسعة من الناحية الزراعية أراضيها بركانية خصبة تنبت من الفواكه أنواعا متعددة غير أن الدولة والمزارعين يركزون على محصولين زراعيين هامين هما الشاي والأرز فحيث ما رحلت شرقا أو غربا.. جنوبا أو شمالا تصافحك مزارع الأرز على السفوح ومزارع الشاي على الجبال وربما كانت اندونيسيا اكبر مصدر للشاي ولا أدري إذا كانت تصدر الأرز أيضاً أم أنه يحقق لها الإكتفاء الذاتي فالمواطن الأندونيسي يعتمد على طعامه في كل الأوقات على الأرز.
وجميع أرض أندونيسيا – بإستثناء الشوارع والمباني – وجبالها مسكوة بالخضرة والمناظر الجذابة فلا تقع عيناك على صحراء أو أرض جرداء، أما الطقس فهو لا بارد ولا حار طيلة العام بل هو إلى الحرارة أقرب وخاصة المدن أما الجو البارد فلن تستمع به إلا في المصايف الجبلية بالإضافة إلى المناظر الرائعة. فاتني أن أذكر في الكلمة السابقة أن الجزر الخمسة الكبرى الشهيرة في أندونيسيا هي جزيرة سومطرة، وجزيرة جاوي، وفيها العاصمة جاكرتا، وجزيرة كاليمنتان وهى أكبر الجزر وجزيرة سولاويسي وجزيرة ايريان وإن كانت رحلتي هذه لم تتجاوز جزيرة جاوا.
في أندونيسيا نهضة عمرانية نشطة في القطاعين الحكومي والأهلي وتطور يسترعي الانتباه ويستحق الإشادة فالدولة تواصل تنفيذ المشروعات من أجل خدمة المواطنين ورفاهيتهم من شق طرق وإنشاء جسور وتسهيل مواصلات.
أما القطاع الأهلي فإن حركة العمران قائمة على قدم وساق وخاصة في العاصمة جاكرتا ثم في المدن التي قدر لي أن أزورها مثل مدينة باندوغ أو سربايا أو سكبومي بالإضافة إلى المصايف الجبلية كمصيف" بونجك" ومصيف" سلكتا وتريتس" في سوربايا.. أما عن الفلل والفنادق والخدمات في المصايف فحدث ولا حرج وبالأسعار المناسبة بل المغرية بالإضافة إلى جمال الطبيعة وتتمتع أندونيسيا بإستقرار في الوقت الحاضر تغبط عليه الأمر الذي جعلها تتجه إلى التنمية.. التنمية في كل مرافق الحياة العصرية من عمرانية واقتصادية وثقافية وحضارية وقد حاولت بعض العناصر الخارجية أن تفسد على هذه الدولة المستقرة والتي اتخذت أكثرية شعبها من الإسلام وتعاليمه وشعائره نظام حياة بعيدا عن النزعات الطائفية.
حاولت تلك العناصر أن تغزو هذا المجتمع الهادي بنفث سمومها وبث دعوتها والتفريق بين المؤمنين بمختلف وسائل الأغراء المادي والثقافي ولكن دولة اندونيسيا حكومة وشعباً وقفت لها بالمرصاد وأفسدت عليها خططها ومع ذلك لم تيأس وما تزال تحاول منتهزة فرص المنح والتعليم وتقديم الخدمات بنفس الأسلوب التبشيري النصراني وفي استغلال حاجة الجماهير الشعبية ولكن الاندونيسيين بقوة عقيدتهم الدينية على مذهب أهل السنة والجماعة صامدة في وجه هذا الغزو والذي تحتاج مكافحته إلى دعم من جميع الدول الإسلامية للصمود أمام مختلف الإغراءات لصد هذه الدعوة التي سوف تنتج عنها البلبلة والتفرقة والطائفية البغيضة التي لم تحل ببلد إلا دمرته وساقت إليه الويلات فما أحوج المسلمين في كل بلادهم إلى الوحدة والاتحاد في وجه كل التيارات الغازية والفرق الضالة فالإسلام مستهدف من كل أعداء الله في كل مكان وهو العدو اللدود لكل تلك التيارات التي لا تستطيع أن تقف في وجه زحفه إلا بالدسائس والمؤامرات وإيجاد الفرقة وبث الخلافات المذهبية.
وفي الكلمة القادمة سأتحدث عن الجمعيات الإسلامية ونشاطاتها في أندونيسيا وما تبذله من نشر الدعوة الإسلامية ومكافحة كل التيارات الضالة.. والله الموفق.