منذ أيام فقدت مكة المكرمة ابنا باراً من أبنائها نذر حياته وأوقف جهده على خدمة هذا البلد الكريم وأبنائه؛يسعي بين الناس بالإصلاح لا يبخل في سبيل ذلك بجهد أو مال أو وقت لم يقعده مرض ولا عجز حتى آخر أيامه لا يهدف من وراء ذلك إلا وجه الله وقضاء حوائج الناس.
يقولون في الأمثال الدارجة عندنا:هل عرفت فلانا؟ فإذا قلت لهم نعم.يقولون لك هل سافرت معه؟ فإذا قلت:لا قالوا لك إنك لا تعرفه إذن.. وذلك لأن السفر محك من محكات الرجال.
وقد رافقت هذا الصديق عدة رحلات في مختلف أنحاء العالم فكان نعم الرفيق والصديق الودود.يسأل ويتحسس ويباسط ويطرف ولا ينم ولا يغتاب.
رغم مرض رجليه في أواخر السنوات واضطراره أن يمشي على عكازين كان يتجشم زيارة محبيه وأصدقائه ويسأل عنهم يعود المرضي ويعزي ويواسي ويجب الدعوات وفاء ومودة.
كان شيخا لطائفته فحافظ على تلك الطائفة من الدخلاء وحافظ على المهنة من الغش والجهل بأصول الصنعة بكل ما أوتي من قوة وحفاظاً على النوعية والجودة رغم ما لاقي في سبيل ذلك من عنت ومشقة.
كان موضع الثقة من الجميع أمانة ونظافة يد وطهارة ذمه وصدق كلمة يقصده الناس في بيته ويختارونه حكما لحل مشاكلهم وقضاياهم في مختلف مشاكل الحياة العائلية والمالية والوراثية لما كان يعرف عنه من تحري العدالة وحب الإصلاح بين الناس والقدرة على تقريب وجهات النظر والخبرة الواسعة في هذا المجال.
لم يتردد في أي عمل من هذا القبيل حتى آخر أيام حياته رغم صعوبة ما يلاقيه من مشقة في تحركاته بسبب مرض رجليه..يلقي كل قاصديه بالبشر والابتسام والاستعداد لأي خدمة أو وساطة أو عمل خير إلي درجة أنه ترك أعماله التجارية والمهنية لأولاده وتفرغ هو لقضاء حوائج الناس وخدمتهم.
إنه ابن مكة البار وأحد أعمدتها الاجتماعية كان شيخا لطائفة الفرانه ونائبا لرئيس الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة لأكثر من عشرين عاما بالانتخاب وعضوا في جمعية البر بمكة المكرمة ورئيسا للجنة التقدير التي تعتمد عليها الدولة في تقدير الأملاك والعقارات وعضوا في جمعية تحفيظ القرآن بمكة المكرمة منذ تأسيسها.
إنه الشيخ عبدالله أحمد كعكي الذي ترك خلفه أحسن الذكر وأكرم السمعة وأخلص الدعاء له بجزيل الثواب وعظيم الأجر كفاء ما قدم لبلده ومواطنيه وحكومته.
هذا ما عرفته عنه خلال رفقته حضر وسفر امتدت أكثر من عشرين عاما أقولها بصدق وأمانة-ولا أزكي على الله أحداً-ولكنها كلمة وداع ووفاء أرجو أن أذكر بها كل من قدم له هذا الفقيد خدمة أو عملا أو سمع عنه خيرا أن يدعو له بدعوة مباركة ينتفع بها بعد أن انتقل إلي دار ثبت أنه لا ينفع فيها مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم وعمل صالح ودعاء كريم من ابن بار أو صديق حميم.
فقولوا معي جميعا: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد وأمطر قبره وابلا من رحماتك وأحسن جزاءه وألحقه بعبادك الصالحين إنك جواد كريم واسع المغفرة.