ما كنت أحب لأخي العزيز الأستاذ عيسي خليل وقد عرفت فيه التروي والتأني أن يستخفه أحد فيدفعه للكتابة عن الطوافة والمطوفين والمؤسسات وهو أبعد ما يكون عن ظروفها وملابساتها فيخلط-نتيجة لذلك-بين الرسم والضريبة التي لا يجوز فرضها على مواطن الأمن الجهة ذات الاختصاص وبين إجراء أو اتفاق بين جماعة من الناس هم المطوفون-هدفه التكافل الاجتماعي بين أفراد هذه الجماعة لتحقيق رفع مستوي أعمالهم ومعيشتهم فالذي انتقدته أنا هو فرض أمانه العاصمة على أصحاب العقار من المواطنين الذي يؤجرون مساكنهم على الحجاج رسوما باهظة دون أي عمل تؤديه سوي المشاركة ضمن لجنة من مختلف المصالح الحكومية وبتكليف من الدولة في نطاق حرصها على ضمان سلامة الحجاج للتأكد من صلاح هذه الدورة من جميع النواحي العمرانية والصحية وقدرتها على الاستيعاب والتحمل..
ولو أرادت الدولة-حفظها الله-أن تتقاضي على مثل هذه الرعاية وهذا الحرص ثمنا أو رسما أو ضريبة لفرضتها من الأصل ولم تترك الفرصة لكل دائرة حكومية أن تفرض ما تشاء..
أما الذي أيدته ورأها أخي الأستاذ عيسي خليل فرصة لينتقدني عليه فإنه ما عمدت إليه مؤسسات الطوافة بمكة المكرمة من الاتفاق مع مكاتبها التابعة لها على اقتطاع نسبه من أرباح هذه المكاتب من أجور المساكن التي تؤجرها على الحجاج ودفعها للمؤسسة لتصرف منها أولا على نفس المكاتب في سبيل تطوير خدمة الحجاج وتحسين أوضاع المساكن وتجهيزها بالفرش والمياه العادية والمبردة والنظافة والحراس فمن المعروف عندنا أن أصحاب العقار مؤجرون بيوتهم على المطوفين على البلاط ولا يلتزمون بفرش ولا مياه حتى الكهرباء يطالبون المطوف بقيمة التيار بعد الحج باستثناء ما يعرف بالمساكن المفروشة وهي نسبة بسيطة جدا..
والذي حصل في موسم حج عام 1405 ﻫ أن حالات فردية معدودة جداً تولت كبرها يومذاك جريدة الندوة-أو على الأصح بعض محرريها-في غمرة من الحماس..أثارت هذه الحالات زوبعة استعملت فيها أسلوب التهويل..وأسمتها ضريبة ورسما.
والحقيقة التي ضاعت في هوجة التهويل هي أن مؤسسة الطوافة المعنية اتفقت مع مكاتبها أن يقدموا لها نسبة مئوية من أرباحها بموجب عقود مكتوبة-والعقد شريعة المتعاقدين-وتقاضتها منهم باليمين لترجعها لهم بالشمال للصرف منها على خدمات الإسكان وتأمين الفرش والمياه والثلج والحراسة والنظافة في سبيل تطوير خدمات الحجاج والمؤسسة لم تطلب من مالك عقار ولا صاحب مسكن أية نسبه وصرفت فعلا لمكاتبها عن كل حاج ثمانين ريالا لتحقيق الهدف المشار إليه ولكن بعض المسئولين في مكاتبها استغلوا هذا الاتفاق الداخلي وطالبوا المؤجرين بالنسبة أو حسموها عليهم من الأجور باسم المؤسسة دون علمها وأحدثوا تلك الزوبعة والبلد مزدحم بالحجاج والبعثات ورؤى من المصلحة إخمادها وانتهي كل شيء بانتهاء موسم حج عام 1405 ﻫ..إذا كان الهدف انتقادي أنا فالمجال أمامه واسع فأنا أكتب باستمرار في مختلف الموضوعات بعيداً عن هذه القضية الحساسة التي تتجاوزني أضرار الخوض فيها،وإن كانت هذه هي غلطتي الوحيدة فإن من حقي أن أردد مع الشاعر العربي: كفي المرء نبلا أن تعد معايبه..والسلام على أخي عيسي خليل.