من المؤسف جدا أنني كنت أسمع ضجة خلال موسم الحج من بعض المواطنين الذين يجهلون تماما أعمال الطوافة والمطوفين والحجاج ومشاكلهم.. ضجة فيها نقد كبير لمؤسسات الطوافة وأعمالها وتحميلها مسئولية كل ما ظهر على خدماتها من سلبيات وعلى الرغم من اطلاعي على دقائق أمور مهنة الطوافة وطرقها ومحاولتي الإيضاح لبعض الأمور إلا أن صوتي ضاع بين كثرة الأصوات الصاخبة فآثرت الصمت.
غير أن كلمة جريئة منصفة فاض بها قلم شاهد عيان مصري هو الأستاذ كامل مرسي من صحفيي مصر البارزين كان له شرف أداء فريضة الحجة هذا العام نشرها في مجلة آخر ساعة رأيت أن أنقل منها بعض عناوينها وفقراتها لأخوتي من المواطنين لئلا يظلموا المطوفين ولا مؤسساتهم.
"كانت السياحة الخاصة والجمعيات تتاجر بالدين" هذا هو العنوان الرئيسي للكلمة أما بعض ما جاء فيها فهو بعد أن استثنى حجاج القرعة من المصريين وقال: إنهم رغم التجاوزات والسلبيات التي حدثت في عمليات تصعيد حجاج القرعة إلى عرفات ومنى فإنهم كانوا أكثر راحة لأنهم كانوا تحت إشراف وزارة الداخلية المصرية لا الجمعيات ولا مكاتب السياحة المصرية بعد ذلك قال: "نأتي إلى النوع الآخر من الحج واسمحوا لي أن أطلق عليه لقب مهزلة الحج السياحي حقيقة أن 30% من شركات السياحة والجمعيات شاهدنا التزامها بتحقيق قدر معقول من الآدمية والإنسانية في راحة الحجاج ويبقى 70% من هذه الشركات في الجمعيات تتعدى الثلاثمائة إن أقل وصف يطلق على المشرفين عليها أنهم يتاجرون باسم الدين والدين بريء منهم، ثم تحدث عن تكدس الحجاج في الغرف والصالات بمساكنهم ولكنه لم يشر إلى من هو مسئول عن هذا التكدس ولا ندري إن كان جهلا أو تجاهلا لأن كثيرا من الحجاج وخاصة من الحجاج المصريين تسبقهم بعثات ومندوبو جمعيات ومندوبو مكاتب سياحية يتولون استئجار المساكن ثم عند حضور الحجاج يحشرونهم حشراً في تلك المساكن توفيرا للأجور وزيادة في أرباحهم ولا ذنب للمطوفين ولا المؤسسات في ذلك.
وتحت عنوان سطو على الخيام يقول: وما حدث في منى وعرفات من بعض الحجاج المصريين أمر لا يمكن السكوت عليه مهما كانت المبررات.. في عرفات فوجئت البعثة الرسمية "100" عضو بالخيام المخصصة لها وقد جردت تماما من كل شيء.. من المراوح والسجاجيد وتانكات المياه وكذا بالنسبة لعدد آخر من مخيمات الشركات السياحية وتبين أن عددا من الحجاج المصريين الذين وصلوا مبكرا قد نهبوا كل شيء بحجة أنهم لم يجدوا خياما لهم أو أنها غير معدة الإعداد اللائق وفي منى تكررت نفس المهزلة ولكن بصورة أشد إيلاما.
"ومهما قيل من تبريرات لهذا الذي حدث وأن هناك تقصيرا من مطوفي التصعيد في تجهيز وإعداد عدد كاف من المخيمات أو أن هناك تقصير من المؤسسات التي تشرف على أعمال المطوفين إلا أنها كلها في نظري أعذار واهية لأن هذا الذي حدث لم يحدث إلا من حجاج مصر دون حجاج العالم أجمعين.
هذه شهادة شاهد من أهله عاش التجربة كاملة لم يحاب ولم يجامل جماعته ليلقى باللائمة على غيره. وأعجب من هذا أن الكاتب اعترف بأن شركات السياحة والجمعيات تحقق أرباحا مجزية من وراء عمليات الحج ولم ينكرها عليهم بينما أن أخوة لنا هنا ينكرون على المطوفين والعاملين في خدمة الحجاج أن يربحوا أو يحققوا دخولا مجزية ولا ينكرون على هؤلاء السماسرة من كل لون وجنس الذين يستفيدون من عمليات الحج ولا يجدون من يحسدهم أو ينفي عليهم هذه المكاسب بل على المواطنين فقط.
ليس من شك أن المؤسسات هذا العام أضعفت أرباح تلك الشركات السياحية والجمعيات المتاجرة بالدين وأحسوا بقرب أفول نجمهم أن يربكو أعمال مؤسسات الطوافة لتفشيلها وعودة المكاسب لهم فلم يكتفوا بما فعلوه في الإسكان فعمدوا أولا إلى رفع شكاوي ضد المؤسسات لتشويه سمعة المؤسسات وأعمالها.
إننا لا ندافع بهذا الكلام عن المؤسسات وأعمالها بل نعترف بأن هناك سلبيات وهناك إيجابيات وهي الأكثر ونسبة السلبيات لا تذكر بالنسبة للإيجابيات والخطأ طريق الصواب – كما يقولون – والمؤسسات ما تزال تجريبية لم ترس قواعدها وفي كل سنة تعالج السلبيات حتى تختفي "وعند الصباح يحمد القوم السرى" والله الموفق والمستعان..