الثلاثاء, 16 أغسطس 2011 20:53

قضيتي مع الطبيبات. وجريدة عكاظ

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

 

في مثل هذا الوقت أو قريباً منه من العام الماضي كتبت كلمة في صحيفة المدينة الغراء تحدثت فيها عن التعليم عندنا بصورة عامة ووجوب توجيه الطلاب والطالبات إلي التخصصات المطلوبة لحاجة التنمية والمجتمع وضربت مثلاً بخريجات الإدارة واللواتي زدن عن الحاجة ونقصت الوظائف عن إستيعاب الخريجات كل عام وارتفعت الأصوات منهن ومن أولياء أمورهن بالمطالبة بوجوب توظيفهن وكأنهن لم يتعلمن إلا للوظيفة.. كما ضربت مثلاً آخر بالخريجات في بعض المواد التعليمية كالكيمياء والأحياء وزيادة عددهن عن الحاجة إلي درجة أن أصبح نصاب المعلمات منهن في مدارسهن أقل من نصف نصاب المدرسات في المواد الأخرى كاللغة العربية مثلاً وتوقفت رئاسة تعليم البنات عن توظيف الأفواج الأخيرة منهن علي نفس مراتبهن الجامعية لعدم وجود وظائف وعرضت عليهن التوظيف على مراتب أقل وفي مراحل تعليمية أدني..

ثم ضربت مثلاً ثالثاً بتزايد عدد الخريجات من كليات الطب والعقبات الطبيعية والاجتماعية التي تجعل الاستفادة منهن والحاجة إليهن أقل من الاستفادة من الأطباء وأوجزت هذه العقبات في تعذر واستحالة إبتعاثهن للتخصص إلا مع محرم وقلماً تجد خريجة الطب محرماً يسافر معها لمدة تتراوح بين خمس سنوات وسبع سنوات وقد نتج عن ذلك تكدسهن في المستشفيات كطبيبات عامات..

وأشرت إلي مشكلة كانت قائمة حينذاك بين بعض مديري الشئون الصحية عندنا وبعض خريجات الطب لرفضهن المناوبات الليلية والكشف على المرضي من الرجال.. ومعهن الحق في ذلك- ورفض البعض منهن العمل في المستوصفات التي ليس بها مناوبات ليلية وإصراهن على العمل بالمستشفيات..

وأشرت أيضاً إلي ما بدأت تعانيه الرئاسة العامة لتعليم البنات من رفض الخريجات العمل في مدارس القرى والمدن غير مسقط رأس الخريجة بالإضافة إلي أجازات الحمل والولادة وما قبل ذلك وما بعده ومعاناة طالباتنا أيضاً من جراء ذلك ونبهت إلي أن مرضانا سيعانون نفس الشيء وخاصة أن بعض الطبيبات رغم كثرة مشاغلهن المنزلية وحاجة أزواجهن وأطفالهن لهن يصررن على تقاضي بدل التفرغ ولا يوافقن على التنازل عنه للتفرغ لبيوتهن رحمة بأزواجهن وأطفالهن..

وقلت في نهاية ما كتبت أننا في حاجة إلي أطباء أكثر من حاجتنا إلي طبيبات لأن عطاء الطبيبة في ظل هذه الظروف أقل من عطاء الطبيب- وطالبت الجامعات بزيادة نسبة المقبولين من طلاب الطب على نسبة المقبولين من الطبيبات لأن المعمول به الآن في الجامعات هو مساواة الجنسين في النسبة ولم أقل شيئاً غير ذلك..

ولم ير العقلاء ولا المنصفون ولا العاقلات ولا المنصفات في كلامي هذا شيئاً يستحق الرد أو النقد بإستثناء طبيبة واحدة ردت ونشر ردها في حينه بجريدة المدينة وانتهي الأمر..

غير أن جريدة عكاظ أرادت أن تعيدها جزعة فأعادت نشر كلمة الطبيبة مرة أخري بتاريخ ربيع الأول 1407 ﻫ بعد أن هيأت لها جواً مثيراً وأشارت إليها قبل النشر بيوم تنبيهاً للقراء ثم أشارت إليها بالصفحة الأولي في نفس اليوم بعد أن نسي الناس أصل كلمتي المنشورة قبل عام...

ولما كانت الطبيبة قد إتهمتني في كلمتها بأنني طالبت بقفل باب كليات الطب في وجه المرأة وهذا لم أفعله وأصرت أن عطاء الطبيبة مثل عطاء الطبيب وربما كان أفضل اضطررت للتعليق على كلمتها تلافياً لسوء الفهم وجعلت عنوان كلمتي. هذه هي الحقيقة فلا داعي للمكابرة. وأعدت ما قلته سابقاً في كلمتي بجريدة المدينة لأن قراء عكاظ لم يقرأوه...

ولكن جريدة عكاظ سامحها الله أبت إلا المضي في الإثارة فحذقت العنوان وأبدلته بعنوان من عندها هو "صالح جمال يطالب بالحد من قبول الطالبات في الطب منعاً للإنحراف" وشتان بين العنوانين وليس في كلامي أية إشارة لمثل هذا العنوان ثم ذيلت الكلمة بإستعداء كل الطبيبات وكل القارئات للرد على ما جاء بالعنوان الذي ليس من وضعي ولا فكري..

واضطررت مرة أخرى أن أعقب على عكاظ وأقول أنني برئ من هذا العنوان وطلبت نشر العنوان الذي وضعته أنا ولكن جريدة عكاظ أيضاً إمعاناً في العبث وضعت العنوان هكذا.. صالح جمال يصحح العنوان".. إيهاما للقارئ أنني أنا الذي أخطأت وأنني أصحح ذلك مع أن التصحيح يجب أن ينسب إلي عكاظ وعمدت إلي حذف عنوان كلمتي الثانية وهو "أين أمانة الكلمة.. يا محرر عكاظ"... وحذف بعض العبارات التي تدينها من كلمتي أيضاً ونشرت بجوارها كلمة أخرى لقارئة كريمة خدعت بالعنوان الذي وضعته عكاظ وهو ليس من كلامي حملت على فيها هي الأخرى وقالت فيما قالته أنني أريد أن أحجب العلم عن المرأة وليس هذا من حقي ولا من حق أحد من الرجال... وأنا أيضاً لم أفعل ذلك ولم أفكر فيه وزادت الطين بله عندما قالت أن تعليم الطب للمرأة ليس بالضرورة تشغيلها فيه بل يجب أن نفسح لها المجال في تعلم الطب كعلم ثم نتركها في البيت وهو كلام مرفوض طبعاً لأن الطب ممارسة وليس ثقافة ولا يوجد في أي بلد من يعلم الطب للعلم والثقافة فقط لأن دراسة الطب عمل شاق بالنسبة للطالب والطالبة ومكلف كثيراً بالنسبة للجامعات..

واضطررت أيضاً أن أعقب على كلمة القارئة الكريمة لئلا يساء فهم كتابتي وأرفقت تعقيبي برسالة خاصة إلي رئيس تحرير عكاظ أشهده على ما جرى ويجرى على كلماتي من تشويه وحذف وأطالبه بمنع هذا العبث ولكنه مع الأسف لم يستجب ونشرت كلمتي الأخيرة مشوهة ناقصة أيضاً..

وها أنا اضطر أخيراً لنشر هذه الكلمة لأطلع القراء على ما يفعله بعض المسئولين عن الصحف بكلمات وعناوين الكتاب ليعذرونا إذا كسرنا الأقلام وطوينا صدورنا على ما فيها بعد أن أدينا واجبنا وإلي الله المشتكي..

أثناء هذا الحوار الدائر بيني وبين المعارضين لكلمتي دار حوار آخر بين عدد من أساتذة الطب كان بينهم طبيب أمريكي زائر كممتحن خارجي استغرب أن تقبل جامعاتنا طالبات في كليات الطب بعدد الطلاب وأكد أن جامعات أمريكا تتراوح في نسبة قبول طالبات الطب ما بين 20و30% بالنسبة للطلاب.. وأيد ذلك طبيب سوداني بأن المقبولات في كلية الطب بالسودان لا يزدن على 25% بالنسبة للطلاب...

ثم علق طبيب سعودي بأنه قرأ منذ أيام في مجلة الرابطة الأمريكية الطبية للنساء عدد أكتوبر 1986م بحثاً ضافياً عالجت فيه المجلة المصاعب التي تواجهها الطبيبة وعدم قدرتها على العمل وقتاً كاملاً واضطرارها للعمل جزئياً فقط بسبب مسئوليات الزوج والأولاد والرضاعة والحمل والولادة..

وقال أن التقارير التي تصل إلي كليات الطب بالمملكة من الملحقيات التعليمية في أوروبا وأمريكا تفيد أن كثيراً من الطبيبات تحولن بعد الإبتعاث من الطب الإكلينيكي- أي معالجة المرضي- إلي العلوم الأساسية كالتشريح ووظائف الأعضاء مجاراة لظروفهن المنزلية..

وليس هذا طعناً في قدراتهن ولكنه إعتراف منهن بالواقع وعدم المكابرة.. ولا أريد أن أطيل الكلام عن الطبيبات لأنني أحترمهن وأقدر ظروفهن بل أشكرهن على تحمل أعباء هذه المهنة الشاقة في سبيل خدمة بلدهن ومواطناتهن وهدفي من هذا التعقيب هو الإيضاح والحيلولة دون سوء الفهم..

بقيت هناك كلمات أخرى نشرتها عكاظ لقراء كرام كلها جاءت نتيجة لتحريف عناوين كلماتي وحذف بعض عباراتها وكل ما عندي في هذه القضية هو ما قلته طي هذه الكلمة ومن يعارض ذلك من القراء فالأيام بيننا ورجال الجامعات والمسئولين عن سياسة التعليم عندنا هم خير من يفهمون كلامى وأبعاده بدون حماس وهمي وتشنج مرفوض.

والله المستعان.

معلومات أضافية

  • العــدد: 8437
  • الزاوية: كل يوم إثنين
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي