نحن واثقون أن عهد استعمار الدول واحتلال الأراضي قد انتهى إلى غير رجعة ولا توجد دولة كبرى في هذا العصر تفكر في احتلال دولة أو استعمارها كما حصل في الحربين العالميتين الأولى والثانية وقد شاهدنا في السـنوات الأخيرة وقد آمنت تلك الدول بحق الدول الصغرى في الحرية والاستقلال حتى أن بعضها جلا من تلقاء نفسه ومنح الكثير من شعوب العالم ودوله استقلالها وحريتها ولعل آخرها دولة ألمانيا الشرقية التي كانت تحتلها مجموعة من الدول الكبرى وليست دولة واحدة وقبل ذلك عدد آخر من الدول التي كان يستعمرها الاتحاد السوفياتي ويتحكم فيها هبت واضطرت روسيا أن تمنحها حريتها واستقلالها في عهد جورباتشوف. أما ما يردده صدام وأبواق صدام المأجورة وبعض المغفلين ممن استخفهم صدام ولعب بعقولهم من قادة بعض الحركات الإسلامية ومحاولة إرهاب الدول التي طلبت مساندة الدول الكبرى في محنتها بجناية صدام حسين وغزوه الكويت واستعداداته لغزو دول الخليج الأخرى واحدة بعد الأخرى وإضماره الشر لها حسدا من عند نفسه وطمعا في الاستيلاء على ثرواتها وحكمها. ما يردده هؤلاء إنما هو خرافة يرددونها وراء صدام حسين كالببغاوات بعد أن استطاع خداعهم بالأماني والوعود فأصبحوا كفرقة حسب الله المشهورة يرددون وراء إمامهم ما يقوله بالحرف دون تفكير أو تعقل وكأنهم قوم مسحورون حتى ضحى بعض الحكام بمصالح بلادهم ومصالح شعوبهم وأنزلوا بها أفدح الضرر وما زالوا سادرين. يقولون عندنا في الأمثال الدارجة (إذا كان المتكلم مجونا يجب أن يكون المستمع عاقلا) ونحن لا ندري كيف يستمع القادة العرب الطيبون إلى ما يردده صدام حسين من مبادرات وشروط ويحاورونه فيها وهي أشبه ما تكون بالمستحيلات فهو يقول مثلا الكويت قد انتهت وأصبحت مقاطعة عراقية. القمة العربية يجب أن تناقش جميع القضايا العربية ابتداء من قضية فلسطين العتيدة وبغير ذلك لا سلام ولا يحزنون. ونقول نحن ويقول العالم بقضه وقضيضه اخرج يا صدام من الكويت التي غزوتها في آخر القرن العشرين واحتللتها وشردت أهلها وفعلت فيها الأفاعيل ظلما وعدوانا وحينئذ يكون السلام والوئام ولكنه يرفض.. فأي الفريقين على الحق؟! ما علاقة صدام بالقضايا العربية كلها بما فيها قضية فلسطين التي تهم العرب جميعا؟! هل هو وكيل آدم على ذريته؟! من الذي ولاه الدفاع عن القضايا العربية كلها بعيدا عن جامعة الدول العربية؟! وكيف يسوغ له مناقشة قضية فلسطين وهو يمارس العدوان الآن، ومنذ ثلاثة شهور فقط احتل دولة عربية صاحبة فضل عليه وعلى العراق كله؟! وهل يجوز لمن تقطر يداه بالدماء المسفوحة في الكويت أن يشجب غيره وقد فعل قريبا مثل فعلته منذ خمسة وأربعين عاما. وهل يأمل القادة العرب خيرا فيمن فعل ما فعل ويقول ما يقول ويستمعون إلى هرائه ويجارونه؟!