الحديث القيم الصريح الذي أدلي به سعادة مدير عام الشئون الصحية بالمنطقة الغربية الدكتور فهد الماضي إلي مجلية إقرأ الغراء ونشر بعددها الصادر بتاريخ 28/3/1408ﻫ يدل على ما تمتع به الدكتور الماضي من كفاءة وخبرة في مجال عمله وعلي أحساس نبيل بعظم المسئولية التي يطلع بها.
لقد تحدث الدكتور الماضي عن أبرز سبب لتردي الأوضاع الصحية في بعض المستشفيات وهو القيود المالية والنظامية الروتينية التي تعرقل حركة الإنجاز وإدارة الأموال إلي درجة تفسد كل شيء وتعيق تدارك الأمور قبل إستفحالها وظهور العجز وهو كلام صحيح وصريح لو وضع كل مسئول النقط على الحروف عنه ما وصلنا إلي ما وصلنا إليه.
وكلنا يذكر كيف إرتفعت الأوضاع الصحية عندما جاء إلي الوزارة الدكتور غازي القصيبي وكسر الروتين ونفذ على مسئولياته كل أعمال الشئون الصحية وهي فترة ذهبية لا ينسي قدرها المواطنون لوزارة الصحة يومذاك ولا يزالوا يذكرونها بالخير ويتمنون أن تعطي وزارة الصحة تلك الصلاحيات وتدار بذلك الأسلوب لأن صحة المواطنين أغلا من كل شيء والعقل السليم في الجسم السليم ورعاية الصحة مهمة جديرة بأن يبذل فيها الغالي والرخيص ويدخل تحت هذه النقطة أعمال الصيانة والنظافة وإصلاح الأجهزة التي تتعطل الشهور الطوال،تلك إحدى مميزات حديث الدكتور الماضي والتي نرجو أن تحظى برعاية الدولة التي تعودناها من خادم الحرمين الشريفين في كل مناسبة.
النقطة الثانية في حديث الدكتور الماضي هي نقطة تراكم الأطباء في جدة من ملاكات مكة المكرمة والقنفدة ورابغ وغيرها ورفض الأطباء السعوديين للعمل في المستوصفات داخل جدة وإصرارهم على التراكم في المستشفيات.
وهذه- ومعذرة من الدكتور- أراها عليه لا له.. أليس في مقدوره إصدار قرارات حازمة تمثل هذا التكليف للحاجة الملحة وللتمكن من نقل أطباء المستوصفات المتعاقدين إلي القرى بدلاً من هذا التزاحم في جدة وحرمان سكان القرى والمدن الصغيرة من المراكز الصحية الضرورية لرعايتهم؟
إن كليات الطب عندنا كل عام تخرج مئات الأطباء فهل تحتفظ بهم جميعاً في المستشفيات طيلة حياتهم أم يجب أن يحالوا بعد التدريب والحصول على الخبرة للعمل في أي مجال طبي؟
وبهذه المناسبة وأنا من مكة أشكو إلي الدكتور الماضي نقص الكوادر الصحية في مستشفيات مكة المكرمة وقد قلت هذا الكلام من قبل لسلفه في الشئون الصحية وكان جوابه مثل جواب الدكتور الماضي أنهم يرفضون العمل بمكة ولم أقتنع طبعاً بهذا العذر ولن أقتنع به الآن فالمعين على ملاك مكة المكرمة يجب أن يعمل بها دون خيار.
أما النقطة الثالثة من حديث الدكتور الماضي والتي اعتبرها من أهم النقاط أو أهمها على الأصح فهي نظام التفرغ الإجباري بالنسبة للأطباء السعوديين والذي سبق لي أن كتبت عنه أكثر من مرة وقلت أنه نظام يحرم البلاد من كفاءات وطنية ممتازة مثل أساتذة كليات الطب وبعض أطباء المستشفيات الحكومية وكثير منهم أكفأ وأعلم من كثيرين ممن تستقدمهم المستشفيات الخاصة بإسم أطباء زائرين ويدفع لهم المواطنون أضعاف التعرفة مع ضآلة والاستفادة منهم كما يجب لضآلة المدة التي يقيمون فيها بالمدينة ثم يغادرون.
إن السماح لهؤلاء الأطباء بفتح عيادات خاصة يخفف كثيراً من نسبة تكاليف العلاج على المواطنين ويتيح فرصة للأطباء للكشف المتأني في العيادات بدلاً من كشف- سلق البيض- الذي يجري الآن بسبب كثرة المراجعين بالمستشفيات الخاصة والعيادات الخاصة.
وفي الوقت نفسه يوفر على خزينة الدولة مبالغ ضخمة تصرفها الآن باسم بدل تفرغ وهي تعادل 80% من مرتب الطبيب وفي الإمكان الاستفادة منها بتعيين طبيب جديد يأتي إلي العيادة نشيطاً للعمل في الفترة الإضافية أو الثانية- لأنني أرى العودة إلي جعل العيادات بالمستشفيات على فترتين منفصلتين- ويؤدي عمله بنشاط وفائدة بدلاً من أداء الطبيب الذي يتقاضى بدل تفرغ وقد استنفذت طاقاته واستهلك نشاطه أثناء أداء واجبه الأساسي.
إنني أكرر دعوتي القديمة وأضم صوتي إلي صوت الدكتور الماضي وهو على درجة كبيرة من الخبرة في هذا الميدان بجعل التفرغ اختيارياً ولو للسعوديين فقط والسماح لهم بفتح عيادات خاصة خارج نطاق دوامهم الرسمي من أجل خدمة المواطنين والتسهيل عليهم بدون إخلال بواجباتهم بالمستشفيات.
وقبل أن أختم كلمتي أود أن أؤكد لوزارة الصحة أن أهالي مكة المكرمة قد فجعوا مرتين مرة عندما استعجلت الشئون الصحية بفتح مستشفي حراء الذي تعلقت به آمال أهالي مكة وانتظروا أن يفتح نموذجياً ففتح بجهاز طبي منقول من مستشفيات مكة الأخرى وكتبت عن ذلك في حينه وإن كان الآن قد أصبح بالنسبة لمكة مستشفي جيداً وفجعوا مرة أخرى وما زالوا مفجوعين في مستشفي النور الذي مازال يتعثر وتتعطل أجهزته الجديدة بين الحين والآخر ويعاني منه المرضي مالا يعلمه إلا الله ويحتاج إلي لفتة خاصة من وزارة الصحة تبعثه من مرقده.
ولنا كبير الأمل في عناية معالي وزير الصحة الشيخ فيصل الحجيلان بأوضاع هذه المرافق التي أشرت إليها عناية خاصة وهو أهل لذلك ومازلنا منتظرين.. وجزاه الله خيراً