غداً أو بعد غد يظلنا العيد، ويتزاور الناس، أو يلقى بعضهم بعضاً في الشوارع والحواري مهنئين بمختلف عبارات التهنئة، فمن "كل عام وأنتم بخير" إلى "من العائدين" إلى "عيد مبارك".
نعم سوف يظلنا العيد؛ ونتزاور؛ ونتبادل التهنئة، ويمثل كل منا دوره – مهنئاً أو شاكراً – أحسن تمثيل، وإن كان ينقصه أحيانا صدق الإحساس إذ أن الكثرة الكاثرة من المهنئين إنما تمثل دور التهنئة هذا بحركة آلية، إما بحكم العادة، وإما بدافع الواجب، وإما تملقاً ونفاقاً ومداجاة.
فهل شرع العيد لمثل هذه المظاهر فحسب؟! لا – والله – لم يشرع لهذا، وإنما شرع العيد فرصة يصل كل منا فيها من قطعه؛ ويعفو عمن ظلمه ويحسن إلى من أساء إليه، شرع لينبذ كل منا الأحقاد والضغائن، كما نبذ الصيام ذنوبه وآثامه.
وقبل أن اختم أحاديثي هذه عن رمضان أود أن أذكر الصائمين بزكاة الفطر، زكاة الفطر التي يقول عنها -عليه السلام-: صوم رمضان معلق بين السماء والأرض، لا يرفع إلا بزكاة الفطر.
تقول كتب السيرة أن النبي -عليه السلام-، كان يرسل مناديا، ينادي في الأسواق والمحلات والأزقة: ألا إن صدقة الفطر واجبة، على كل مسلم ومسلمة، ذكر أو أنثى حر أو عبد، صغير أو كبير، مدان من قمح أو سواه صاع من طعام، من أداها قبل صلاة الفطر فهي صدقة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، يخرجها المسلم عن نفسه ومن تلزمه نفقته والأقربون أولى بالتصدق عليهم بها.
فأدها أيها الصائم؛ شكراً لله على توفيقه.. وأدها تطهيراً لصيامك بما عسى أن يكون قد علق به من لغو ورفث؛ وأدها إطعاماً لإخوانك من المساكين ليشاطروك البهجة والفرح في العيد.
وأخيرا أدها وثق أن ما أنفقت من نفقة صغيرة أو كبيرة فإن الله سيخلفها وهو خير الرازقين.