لا أريد أن انتقص من شأنهن أو انتقدهن لأنهن – كما قلت مراراً – أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا وزوجاتنا ولا غنى لنا عنهن بل لهن علينا حقوق وواجبات لا يمكن أن نتخلى عنها، ولكن المسألة ظاهرة وقريباً سوف تصبح مشكلة نعانى منها ونصرخ من وقوعها ومن الواجب أن نتداركها من الآن قبل أن نولول في المستقبل ونقول يا ليت.. يا ليت، ولن تنفع يومئذ يا ليت.
عندنا اندفاع شديد وحماس أشد نحو تعليم المرأة إلى درجة أن اختلط علينا الأمر فلم نحاول التخطيط لما ينفعها أو تنفع فيه أو يصلح لها أو تصلح له وبدأت تواجهنا بعض المشاكل مع الخريجات وأصبح همنا الوحيد هو البحث والتنقيب عن مجالات لاستيعاب الخريجات وبدأت الأصوات ترتفع: هل تعلمن ليجلسن في البيوت؟ وهي كلمة حق أريد بها باطل فالمفروض أن يتعلمن للعلم أولاً ثم لغيره إن وجدن إلى ذلك سبيلاً.
وقد حجب هذا الاندفاع وذلك الحماس عن أبصارنا رؤيا الواقع فلم نقيم عملهن ولم نقدر الحاجة إليه حق قدرها حتى ليكاد يصبح لدينا تشبع بل تخمة سوف نعجز حتماً عن علاجها في المستقبل إن لم نبدأ العلاج من الآن.
قبل شهور كنت أتحدث مع رجل من رجال تعليم البنات فتحدث لى عن هموم الرئاسة ومشاكل المعلمات وأجازات الحمل والولادة والمرض قبل الولادة وبعدها وتأثير ذلك على الطالبات وتعليمهن وضرورة وجود عدد كبير من مدرسات الاحتياط ليكن حاضرات باستمرار لسد فراغ المعلمات المجازات في إحدى تلك الأجازات وإلا ضاع الطالبات.
وهي مشكلة فعلاً ولكن في الإمكان تداركها بإحداث وظائف كافية للمعلمات الاحتياط وهذا مجالهن الضروري فلا مناص من تلافي هذه المشكلة.
أما المشكلة الثانية في مجال تعليم البنات فهي الزيادة الكبيرة في بعض اختصاصات الخريجات والنقص الكبير في البعض الآخر الأمر الذي يؤدى إلى إرهاق بعض المعلمات في الحصص وجلوس البعض الآخر فارغات في أكثر الحصص أو الاضطرار إلى تكليف المعلمة بتدريس الطالبات في غير مادة تخصصها وكلا الأمرين أحدهما مر، ويا ويل الطالبات عندما يسند تعليمهن اللغة العربية مثلاً إلى معلمة الفيزياء أو الجغرافيا.
وإلى الأسبوع القادم لإكمال الحديث.