بدأت في كلمتي الماضية في الحديث عن الظاهرة المشكلة في تعليم البنات نتيجة لعدم التخطيط والتوجيه والاستفادة من الخريجات في مجالات الاحتياج لهن لأتركهن هكذا يتجهن في التعليم خبط عشواء ثم نبدأ في الصراخ أوجدوا لهن أعمالاً، وأشرت إلى ما يعانيه محيط تعليم البنات وهو المجال الأول والأهم لاستيعابهن.
واليوم سأتحدث عن نفس الظاهرة في المجال الثاني وهو مجال الطب.
لقد فتحنا أبواب كليات الطب عندنا للفتيات كما فتحناها تماماً للفتيان وبنسبة متساوية وكان شيئاً جميلاً في البداية لحاجتنا إلى الطبيبة المرأة وسعدنا فعلاً بتخرج بنات لنا في هذا المجال لسد فراغ كبير نحتاج إلى سداده ونزلن إلى ميدان العمل وكان المفروض أن نبدأ التقييم والتقدير لمدى الحاجة لكل من الفريقين – الفتيان والفتيات – ثم نسير في منهجنا في ضوء ذلك..
ولكن الحماس والاندفاع أيضاً صرفانا عن التفكير في العواقب وما زلنا نمضى بنفس الحماس والاندفاع وسيأتي اليوم الذي نصرخ فيه، وربما بدأ الصراخ من الآن ولكن بصوت ما زال خافتا سيرتفع مع الأيام حتى يصبح مزعجاً.
في حديث مع أكثر من مسئول عن الشئون الصحية استمعت إلى ملاحظات بل نذر عن عمل الطبيبات أوجزها في النقاط التالية:
1- إن مجال التخصص أمامهن ضيق ومحدود ومحدد جداً لوجوب سفرهن مع محرم والقليلات فهن يستطعن التخصص والأكثرية الساحقة قعيدات المستشفيات حتى اكتظت بهن وبدأ يتزايد عددهن كل عام عن الرجال.
2- إن قدرتهن على العمل الطبي أضعف بكثير عن قدرة الطبيب الرجل وبالتالي إنتاجهن أقل.
3- إن بعضهن يرفضن الكشف على مرضى الرجال – وهذا حق ولكن ما العمل وقد أخذن وظائف الرجال فما ذنب المرضى؟؟
4- إن بعضهن رفضن المناوبة بحجة الزوج والبيت والأولاد والأنوثة وإذا طلب منهن العمل في المستوصفات. حيث لا مناوبة، يرفضن ويصررن على العمل بالمستشفيات، هل من العدل أن يتحمل الطبيب الرجل المناوبات وحده..؟؟ وخاصة عندما يزيد عن الطبيبات وهو أخذ في الزيادة أي أن عدد الطبيبات الخريجات كل سنة يتساوى، وأحياناً يزيد عدد الأطباء، والأطباء يسافرون للتخصص والطبيبات ينزلن إلى العمل في المستشفيات.
5- إنهن يردن ساعات العمل أقل وأجازات أكثر ويجارن بالشكوى ويتهمن إدارات المستشفي بالقسوة، وإذا قيل لهن تنازلن عن بدل التفرغ وأكتفين بساعات العمل الأساسية للتخفيف عنكن يرفضن ذلك ويصرون على بدل التفرغ.
هذه الظاهرة والتي سوف تصبح قريباً مشكلة تدفعني إلى دعوة كليات الطب بالمملكة إلى إعادة النظر في نسبة قبول الطالبات في الكلية فنحن في الحقيقة أحوج ما نكون إلى أطباء منا إلى طبيبات ولنفتح مجال التخصص داخلياً أمام طبيباتنا للاستفادة منهن استفادة كاملة، فما رأى وزارة التعليم العالي؟؟ وبالتالي ما رأى وزارة الصحة؟؟