الكلام الذي يدور حول تضخم العمالة وزيادتها نعتقد أنه مبالغ فيه والدليل على ذلك هو أن أجور العمالة ما تزال عند حدها الذي كانت عنده قبل قيام مكتب الاستقدام إن لم تكن ارتفعت في أكثر المهن الأمر الذي جعل كل جهود تبذل في محاربة الغلاء تذهب سدى.
قد يكون القول أن نحو مليوني عامل قد صرح مكتب الاستقدام للمواطنين باستقدامهم صحيح 100٪ ولكن المطلوب معرفته هو هل جرى فعلاً استقدام هذا العدد من العمال وهل ما زالوا يعملون أم غادر بعضهم البلاد تحت أى ظرف من الظروف من المؤكد أن كثيراً من طالبي الاستقدام وخاصة ذوى الأعداد الكبيرة لم يستقدموا كل العدد المرخص به لأن بعضهم يميل إلى الاحتياط فيطلب خمسين عاملاً ويتوقع أن لا يجاب طلبه إلا بالنصف أو الربع، والبعض يحاول زيادة العدد المطلوب تلافياً للمتاعب التي يلقاها في كل مرة.
بالإضافة إلى أن كثيراً من العمال المستقدمين يعودون إلى بلادهم إما لعدم ارتياحهم أو لعدم صلاحيتهم أو لخلافهم مع مستقدميهم على الأجور فقد قدر لى أن أطلع على كثير من عقود العمل ولاحظت أن تلك الأجور غير مجزية ولا منصفة فإذا وصل العامل إلى البلاد وشعر بالغبن لجأ إلى إحدى طريقتين إما الهروب وهذه صحفنا ملأي بصور وأسماء الهاربين دون جدوى وأما طلب إقالته وترحيله إلى بلاده.
ومن ثم فإنني لا أتوقع أن يزيد عدد الموجودين في البلاد فعلاً من بدء الاستقدام حتى الآن أكثر من ثمانمائة ألف عامل وهذا العدد ضئيل بالنسبة لخطة التنمية والنمو السريع الذي تشهده المملكة وبالنسبة لما فقدته البلاد من العمال اليمنيين الذين غادروا إلى بلادهم.
لذلك فإننا نعتقد أننا ما زلنا في حاجة إلى مزيد من العمال من مختلف الفئات للتخفيف من ارتفاع الأجور الذي أثقل كواهل المواطنين ورفع تكاليف الإنتاج وأضر بالمشروعات الصناعية وغير الصناعية.
فقط نعتقد أن قواعد الاستقدام الحالية في حاجة إلى ضبط وربط فليس في مقدور مكتب واحد أن يملك القدرة على التحقيق والتأكد من سلامة الطلبات التي تقدم إليه من جميع أنحاء المملكة وفحصها وتوقيعها وتلبية الصحيح منها ورفض الزائف ولهذا فإنه مضطر للارتجال في أكثر الأحيان.
ولقد سبق لى أن دعوت إلى ضرورة التعاون من مكاتب العمل في كل مدينة فمكتب العمل بحكم وجوده في المدينة وقدرته على التحقق من حاجة كل مصنع ومتجر ومقاول أقدر على تقدير الحاجة والسماح بالاستقدام في حدود الحاجة بالضبط وما زلت عند هذا الرأي أو أن تنشئ وزارة الداخلية مكاتب استقدام تابعة لها في كل مدينة ليتمكن المكتب من التحقيق الذي أشرنا إليه عن كثب وإصدار قراراته سليمة من الارتجال وفي حدود الحاجة بالضبط.
بقيت نقطة لاحظتها منذ قريب وهي امتناع دوائر الجوازات من تسهيل إقامة الزوجات مع أزواجهم المقيمين بالمملكة وقصر ذلك على بعض الفئات وفي اعتقادنا أن وجود الزوجة بجانب زوجها يمنحه كثيراً من الاستقرار والاستقامة الخلقية أيضاً ولا تتصور أن موظفاً أو عاملاً يطلب بقاء زوجته معه وهو غير قادر على كفالتها واستقرار العامل في البلاد واستمراره في عمله الذي تدرب عليه أفضل من استبداله بعد عام أو عامين بعامل جديد قد ينفع وقد لا ينفع بل قد يضر ويحتاج إلى تدريب من جديد وكل هذا في غير صالح العمل سواء كان تجارة أو صناعة.
ومن ثم فإننا نرجو إعادة النظر في هذا القرار والله الملهم للصواب.