القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 152 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الثلاثاء, 20 سبتمبر 2011 18:10

الشباب والحرب..

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

رغم أن العنوان حديث الناس فإن الموضوع حديث النفس... نفسي طبعاً فقد عثرت وأنا أرتب أوراقي القديمة على صفحات من مذكرات كنت كتبتها في المدينة المنورة في عام 1360ﻫ أي قبل خمسة عشر سنة جاء فيها بالحرف:

"الأحد: 18 رجب عام 1360ﻫ ووقفنا على جبل الرماة ذلك الجبل الذي كان يقف عليه رماة المسلمين ليحموا ظهور الجيش في هذه الغزوة - غزوة أحد - والذي نشأ من جراء إخلاء الرماة له طمعا في الغنيمة أن مني المسلمون بهزيمة منكرة شج فيها رسول الله وكسرت رباعيته وتذكرت فيما تذكرت من وقائع تلك الغزوة واقعة الصبيين سمرة بن جندب ورافع بن خديج تلك الواقعة التي إن دلت على شئ فإنما تدل على قوة التربية الإسلامية تلك التربية التي لا تدع الطفل بيد العوامل الطبيعية وإنما تدفع به إلي أحسن ما فيها من خلق وإيمان وحرص على الكرامة وتمسك بالفضائل. صبيان من صبيان المسلمين يجدهما الرسول في الجيش ضمن خمسة عشر صبياً فيرد أحدهما مع أترابه ويسمح للآخر بالبقاء في الجيش.

يحز ذلك في نفس الصبي المردود وفي الوقت نفسه لا يقوى على معصية الرسول ولكنه لا يدع الفرصة تمر بل يحتال للوصول إلي غايته فيعرف النبي -عليه الصلاة والسلام- عن استعداده لمصارعة ذلك الصبي الذي قدم عليه وابقي بالجيش مع حرمانه هو من هذه المفخرة فإن ظهر عليه فهو أحق منه بالخروج مع الجيش ولم يسع النبي إلا أن يأذن بهذه المباراة فيتغلب "سمرة المردود" على رافع المسموح له وحينئذ يسمح له الرسول بالمسير مع الجيش..

«أي شجاعة. وأي بطولة.. وأي إقدام بل أي إيمان.. أو أي تضحية أعظم من هذا؟!

أين هذا من رجال اليوم لا صبيانهم؟! أين هذه الشجاعة من هذا الذي نراه الآن من إحجام عن مواجهة الموت وحرص على الحياة الذليلة؟!

أين هذا الخلق القوى والتربية الصحيحة من هذا الخلق الضعيف المتهافت والتربية الفاسدة».

قرأت هذا الذي كتبته قبل خمسة عشر عاماً وكنت في العشرين من عمري ثم طواه النسيان فيما طوي من مذكرات وذكريات واليوم وقعت هذه الصفحات في يدي عن غير قصد فرأيت أن أنقلها كحديث من نفسي إلي القارئ الكريم بدلا مما أنقله من حديث الناس وأهدي هذا الحديث إلي شباب اليوم الذي يتاح لهم الفرص ويدعون من وزارة الدفاع والطيران الدعوة تلو الدعوة لاكتساب هذا الشرف العظيم شرف الجندية في سبيل الله والوطن ومع ذلك يترددون رغم وسائل الإغراء الكثيرة - مادية وأدبية - والتي تعرضها وزارة الدفاع والطيران.

أهدى إليه هذا الحديث العتيق وإن لم تبل جدته ولن تبلي - في اعتقادي على الأقل - مادام لهذا الإسلام أعداء على وجه الأرض وأنى للأرض أن تخلو منهم؟!

يتوهم كثير من الآباء والأبناء أن الالتحاق بالدفاع معناه الموت المحقق وهو وهم خاطئ كل الخطأ ولو كان حقا لما تقدم إلي الجندية إنسان حتى ولا حيوان.

لقد قاتل خالد بن الوليد في عشرات الغزوات وكان قائداً وابتلي جسده بالإصابات حتى لم يبق في جسده مكان لم يصب ومع ذلك لم يمت إلا في فراشة كما يموت الناس العاديون حتى حز في نفسه وأعرب عن أسفه أن يموت كما تموت العنز على حد تعبيره. أما الموت فإنه لا وطن له ولا مقر يذهب الناس إليه فيه ولكنه قضاء ينزل في ساحات القتال كما ينزل في ساحات الملاهي وينزل في القصور المشيدة كما ينزل في مضارب البدو وعلى منازل الفقراء. لا يأتي بطلب ولا يتأخر برغبة ومن مات في ساحة قتال في ساعة من ليل أو نهار فإنه كان مفروضا أن يموت فيها ولو كان في حجر أمه وصدق الله العظيم إذ يقول «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة. وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا».

معلومات أضافية

  • العــدد: 2063
  • الزاوية: أحاديث الناس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: البلاد
المزيد من مواضيع هذا القسم: « حديث الخميس إلي أمانة العاصمة »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا