خواطر .. لرئيس التحرير
سؤال أو استفتاء أو مشكلة أريد أن أبسطها على القراء ليفتوني في أمري:
لقد دخلت ميدان الصحافة كهاو - وقد أصبحت الآن محترفاً - فقد كنت موظفاً إدارياًَ بجريدة البلاد السعودية فسرت في العدوى فبدأت أكتب كلمات قصيرة ثم تطورت إلى مقالات ثم جاءت ظروف مصادفة وضعتني موضع المسئولية في الصحيفة لفترة بسيطة ثم تكررت المصادفة نفسها ولكن لمدة طويلة..
أما قبل ذلك فقد كنت موظفاً إدارياً بالأمن العام ولست أدرى كيف تحول ذلك الموظف الذي كان مفروضاً أن يصبح قاضياً فى الظفير أو تبوك إلى صحفي محترف؟
ولقد استطعت أن أكسب أثناء عملي القضائي كثيراً من الصداقات وأوجد كثيراً من العلاقات الطيبة ومازال لقب (الشيخ صالح) يلاحقني حتي الآن حتى أخوتي وأقاربي يبادرونني به من فرط ما كانوا يسمعونه من كل مناد؛ ومن الظريف أن لقب الشيخ هذا أطلق على وأنا لم أبلغ العشرين من عمري إذ كان يطلق على كل كاتب ضبط بالمحكمة عندما تحال إليه القضايا؛ وما زلت أتصور ذلك الخط الأنيق الذي كان يكتب به فضيلة السيد محمد مرزوقي رئيس كتاب المحكمة رحمه الله عبارة (الشيخ صالح) وأظن هذا التقليد ما زال سارياً في دوائر القضاء حتى الآن بصرف النظر عن قول القائل:
زعمتني شيخاً ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا
إن ذكريات القضاء طويلة وعريضة إذ قضيت فيه عشر سنوات بدأتها براتب قدره واحد وعشرون ريالا وختمتها براتب قدره سبعون ريالا ولى عن القضاء مذكرات وذكريات أرجو أن تتاح لي فرصة تسجيلها والذي أريد أن أقوله الآن أنني استطعت قبل اشتغالي بالصحافة أن أكسب صداقات وعلاقات ودية أما الآن فقد تعذر على ذلك بل خسرت فلماذا؟!
أكنت مثلي كمثل من قال: إن كلمة الحق لم تدع لي صديقا؟! لقد لاحظت أن أكثر الناس يطربون عندما تنتقد الصحافة تصرف غيرهم أما إذا جاء دورهم ولمسوا لمساً خفيفاً فإن الأرض حينئذ تخرج أثقالها ويصبح الناقد مغرضا وتمسي كلمة الحق تشهيراً والرأي فجاً والصواب خطأ والصديق عدواً..
أما من كان بالأمس يهنئك على كلمة حق جهرت بها في غيره فإنه سيقلب لك المجن إن قلتها فيه بل إن سمحت لغيرك أن يقولها فيه:
إن الصحفي عندنا بين ناريين إن قال كلمة الحق خسر أصدقاءه ومحبيه وتلك نار سيؤذيه شواظها وإن سكت عن الحق كان شيطانا أخرس فأذى ضميره ورماه سواد قومه بالجبن والتخاذل وموت الضمير وتلك نار أخرى أتت وقفاً على النفوس الكريمة والضمائر الحية.
وقد اكتويت حتى الآن بشظايا النار الأولي واختلف من حولي بين مشجع ومثبط.. من قائل استمر وتحمل ورزقك و نفعك أو ضرك بيد الله وحده.. وقائل: لا: ما أنت عليهم بوكيل.. إلخ أمثال هذه الحكم الغوالي..
إنني يا عزيزي القارئ - حائر بين الرأيين - وقد شددت إلي هذه المهنة شداً لا أظنني أستطيع الفكاك منه وقد كان مفروضا أن تقوم الصحيفة بحل مشاكل القراء ولكني الآن أعكس القاعدة وأطلب من القراء أن يحلوا مشكلة الجريدة..
فهل من حل يمكن الأخذ به للخروج من هذه الحيرة؟؟
أرجو أن يعاونني القراء ولهم الشكر.
معلومات أضافية
- العــدد: 1
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: حراء
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.