صباح الخير
الدرس الذي لقنه مدير الجوازات والجنسية بمكة الأستاذ حمزة جعلي لبعض الموظفين وسماسرتهم ونال به تقدير سمو أمير منطقة مكة بل تقدير كل مواطن مخلص درس يجب ألا نمر عليه دون الوقوف عنده وقفة طويلة لنتأمل تري لو أن كل موظف وقف من واجبه هذا الموقف المشرف ماذا ستكون عليه حالنا؟!
يتمثل ضعاف النفوس دائما بكلمات في منتهي البرودة منها "ادهن السير يسير" أو "ما مصلي إلا وطالب مغفرة".
ومن الناس من يعبر لك تعبيراً صريحا فيقول لك هات كذا وإلا فلن تقضي لك حاجة.
ومن الناس من يلمح بهذه الأمثال وما ينسجه على منوالها من مختلف العبارات التي تؤدي نفس المعني.
ومن كانت معه بقية من حياء فإنه يماطلك ويطيل أمد معاملتك ويكثر من مراحك ومجيئك حتى تشك ثم تفهم ثم تخرج ما في الجيب.
أما الفئة الكبرى فهي التي لا تراك ولا تراها ولكنها تختفي وراء السماسرة والوسطاء الذين يتقاسمون معها الغنيمة الباردة.
ويخيل لهؤلاء وأولئك أن الأمور تجري في سرية وأن أحدا لن يعلم بما يقترفون في الظلام متناسين أن معهم إلها حليماً جباراً يمهل ولا يهمل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور حرم على نفسه الظلم ونهي عباده عن أن يتظالموا، متجاهلين أن الألسن لن تسكت وإن سكتت فإلي حين:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
فهل يدري هذا الذي يخون عمله ماذا يرتكب من إثم؟!
إنه إن أعان ظالما كانت جريمة نكراء إن تأجلت نقمتها في الحياة الدنيا نزلت بعقبه ثم باء بخسرانها هو يوم القيامة.
وإن أعان صاحب حق ولكن بالثمن فقد استحل مالاً محرماً عليه لا عن طيب خاطر ولكن قهراً لإنجاز عمل والوصول إلي غاية.
من المؤسف أن عدوي الشر أسرع من عدوى الخير وأن الذين يحاولون التمسك بمبادئ الفضيلة والنزاهة في الأوساط الموبوءة غالبا ما يضيقون بالبؤس والحرمان وسط الترف والنعيم ثم يتساقطون واحدا بعد الآخر في حمئة الرذيلة انسياقا وراء المغريات وانتقاما من الحرمان الطويل - إلا من رحم ربك -
والذي يعرف الأستاذ الجعلي هنا وفي الرياض ويعرف ماضيه لا يستغرب منه هذا الموقف، فقد قضى كل حياته الوظيفية مثلا أعلى للنزاهة والأمانة، ونحن اليوم إذ نحييه ونشيد بعمله ونشد على يديه إنما نرجو أن يكون قدوة حسنة لكل موظف ليشعر في نفسه الكرامة ويحس بوخز الضمير إن حاد أو انحرف وأن يكون هذا الحادث وهذا التقدير الذي لقيه من أمير منطقة مكة كمنبه للضمائر الغافية وموقظ للأحاسيس النائمة ومحي للمشاعر الميتة ونذير لذوي الأعمال الملتوية.
وفي الوقت نفسه بشيراً لأصحاب الضمائر النزيهة والأيدي النظيفة بأن صبحهم أوشك أن يشرق وأن صبرهم كاد أن ينتج وأن متاع أولئك الموهوم ويفهمهم المزعوم إنما هو سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
معلومات أضافية
- العــدد: 167
- الزاوية: صباح الخير
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.