القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 186 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الأحد, 07 أغسطس 2011 22:45

مع الأديب.. والصحفي.. صالح محمد جمال

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

حديث الذكريات

حوار: خالد تاج سلامة

·            صالح محمد جمال.. الأستاذ.. والأديب .. الذي قرن أسمه بمقالاته الاجتماعية الذي عالج من خلالها بعض مشاكل المجتمع.. والصحفي الذي بدأ حياته موظفاً في القضاء ثم تدرج في سلكه في عدة وظائف.. وتحول إلى الأمن العام في فترة من فترات عمله في السلك الوظيفي.. حتى تبلورت الفكرة التي كانت تراوده منذ أن كان طالباً يهوى الإطلاع ويسعى بتوفير بعض من مصروفه اليومي إلى اقتناء بعض الكتب المتوفرة آنذاك وبعض المجلات كالرسالة والثقافة والهلال التي كانت تأتى بأعداد محدودة يتسابق مع أقرانه على شرائها بالحجز.

أدت هذه الرغبة أو الهواية أو العشق للقراءة والإطلاع والتثقيف إلى أن يكون مع بعض من أصدقائه أمثال محمد حسين أصفهاني وأحمد ملائكة وعبد الرزاق بليلة وعبد الحليم الصحاف صاحب الدكان الذي أسست به مكتبة الثقافة بباب السلام بمكة المكرمة حرسها الله وما زالت قائمة يديرها بعد أن أنسحب البقية المؤسسة معه أصلاً.. فكرة عرضها عليه الأصفهاني الذي كان وكيلاً لمجلة المختار فاختمرت في فكره فسعى لتحقيقها حتى أضحت الفكرة حقيقة ثم تحولت مع مرور الأيام إلى مكتبة كبيرة بمكة المكرمة وفي سبيل ذلك ترك وظيفته آنذاك التي كان يقتات منها وبدأ مشوار حياته في عالم الأدب.. حتى تقدم بتأسيس جريدة حراء.. وصدر قرار دمج الصحف في تلك الفترة فاندمجت حراء مع الندوة التي كان صاحبها ومؤسسها الأستاذ أحمد السباعي.. فاشترى منه حق امتيازها وأنفرد بالنشر مع نخبة من الأساتذة الأدباء ولأنه مضت مدة كبيرة على ذلك فإن أستاذنا صالح محمد جمال ما زال يهوى ويعشق الصحافة.. كحبه وعشقه للأعمال العديدة الذي يشرف ويقوم بها حالياً بجانب إشرافه العام على مطبعته بمكة المكرمة حرسها الله.

عزيزي القارئ ونواصل حديث الذكريات مع الأستاذ الأديب والصحفي صالح محمد جمال..

ذكريات.. وذكريات

·            قلت: تحدثتم في الحلقة السابقة عن ذكرياتكم عن حراء الجريدة فما هي ذكرياتكم عن الندوة بعد دمج حراء بها ورئاستكم لتحريرها ثم شراؤكم لحصة الأستاذ السباعي فيها.

·            قال: لم يكن إطلاق (مهنة المتاعب) على مهنة الصحافة فيه شيء من المبالغة.. فإنها فعلاً مهنة المتاعب.. ولا ينجح ويصبر عليها إلا من يعشقها ويؤمن أنها رسالة يلتذ بنجاحه في أدائها ولهذا فإن كثيرين ممن مارسوا هذه المهنة طلقوها وانصرفوا عند أول صدمة أو عقبة أو مشكلة بينما ثبت واستمر وتجلد واحتمل كل مؤهل لأداء هذه الرسالة وقليل ما هم..

ومركز المسئولية في الصحافة أدق من ممارسة المهنة.. فرئيس التحرير مثلاً لا يتحمل مسئولية ما يكتب فقط.. ولو كان الأمر كذلك لهان ولكنه مسئول عن كل حرف ينشر بالجريدة..

ذات مرة سئلت عن مصدر خبر نشر بالجريدة عن إحدى الوزارات ولكن اعتذرت عن ذكره لأن إفشاء المصدر ليس من آداب الصحافة وأشد أزمة مرت بالندوة كانت أزمة إضراب عمال الطباعة وكلهم مصريون.. إذ قامت حملات صحفية بين المملكة ومصر عبد الناصر وفجأة أضرب عمال المطابع صباح ذلك اليوم ولم ينزل أحد منهم إلى العمل وعندما سألت عنهم قيل أنهم غادروا إلى جدة مع مندوب من سفارتهم ولما عرضنا الأمر على وزارة الإعلام ولم يكن بمكة مطبعة أخرى قادرة على طبع جريدة سوى مطابع الحكومة التي تطبع جريدة أم القرى الأسبوعية فسمح لها بالطبع فيها مؤقتاً ريثما نستقدم عمالاً من سوريا أو السودان وكانت الحروف فيها تجمع باليد وكان جمع جريدة يومية عمل شاق جداً..

وكانت هناك متاعب أخرى كثيرة لم أعد أذكرها لبساطتها ولكن خاتمة المطاف كان حادث محاولة اغتيالي التي نجوت منها بأعجوبة فقد كنت اعتاد التواجد بعد مغرب كل يوم بمكتبة الثقافة.. وبعد مغرب يوم 11/6/1383ﻫ لاحظ موظفو المكتبة أن شخصاً غريباً يقف على باب المكتبة مرتبكاً زائغ العين معه سكيناً يحاول إخفاءها فما كان منهم إلا أن اتصلوا تلفونياً بالرئيس جميل الميمان – اللواء الآن – رئيس المنطقة التي تتبعها المكتبة وأبلغوه الخبر وتدخل القدر فتأخرت أنا عن الحضور خمس دقائق فقط كان الرئيس الميمان قد سبقني إلى المكتبة وما أن رآه المجرم حتى هاج وماج وأراد طعنه ولكن الرئيس الميمان أبدى بطولة نادرة في القبض عليه وساقه للتحقيق واعترف بعزمه على الاغتيال ولكنه تظاهر بالجنون ولم يفصح عن الدوافع ولا من وراءه.

ويتابع الأستاذ صالح محمد جمال الحديث فيقول:

·            وللحقيقة والتاريخ لم تكن الندوة وحدها في الحماس الوطني والصحفي بل كانت كل صحيفة في تلك الفترة تدل بدلوها في النقد والتوجيه فقد كان أخي الأستاذ حسن عبد الحي قزاز يرأس تحرير جريدة البلاد والأخوة السعادة آل حافظ في جريدة المدينة وكتاب آخرون في الرياض وفي القصيم عندهم نفس الروح والحماس.

·            وعلى الرغم من مضى عشرين سنة على انفصالي من الندوة ما زال الكثيرون يتصورون أنني صاحبها فيراجعوني في أمور النشر والإعلانات وما يعجبهم وما لا يعجبهم في الندوة وأحاول أن أتوسط لهم لدى القائمين عليها وهم جزاهم الله خيراً لا يردون لي طلباً فقط لي عليهم عتب خاص ما كنت أريد الإفصاح عنه لولا أن الحديث يجر بعضه بعضاً وهو أن جميع صحف المملكة بدون استثناء تهديني نسخة منها سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية باستثناء الندوة!!؟ التي كانت جريدتي فإنني اشتريها يومياً من السوق لأنني مازلت متعلقاً بها أقرؤها أول ما أقرأ من الصحف لأنها طفلي الثاني الذي كنت أنام وأصطبح عليه خلال خمس سنوات ولى معها ذكريات تمتزج فيها الحلاوة بالمرارة ولكن الحلاوة كانت دائماً تطغى فتتلاشى المرارة لاسيما عندما يشعر الإنسان بأنه نصر مظلوماً أو أظهر حقاً أو أصلح خطأ فلكل واحد من هذه الأحوال لذة نفسية لا تعدلها لذة وحلاوة تتلاشى معها كل المرارات.. أليس هذا غريباً؟! أنها فرصة كي أشكر القائمين على الصحف التي تهدى إلى وأشيد بكرمهم المعنوي لأنني لم يسبق لى أن شكرتهم أو أشرت إلى إهدائهم..

·                          ويختتم الأستاذ صالح محمد جمال ذكرياته عن الندوة بقوله:

وأختتم ذكرياتي عن الندوة بأن العزيمة تصنع المعجزات فعندما فكرت في إصدار جريدة لم أكن أملك إلا راتبي من الوظيفة وأسهمي المتواضعة في مكتبة الثقافة ولم اقترض من أحد أو يساعدني أحد مادياً باستثناء الصديق محمد حسين أصفهاني شكر الله له - فهو الذي كان يطبع الجريدة بأجر مؤجل أسدده بعد استحصالي قيمة المبيعات وأجور الإعلانات البسيطة جداً إذ لم يكن حينئذ هناك وعى إعلاني ولا تجار يؤمنون بجدوى الإعلانات إنما هي إعلانات فقد جواز أو إقامة أو حفيظة أو إعلانات استحكام من المحاكم.. ولم يكن هناك منصرفات غير أجرة الطبع وقيمة الورق فلا موظفين ولا مكتب ولا إدارة فالجميع متطوعون متحمسون والإدارة زاوية في مكتبة الثقافة بسوق الليل والتحرير في بيتي..

ولكن الوليد مع الأيام كبر – وتلك سنة الحياة – وأحتاج إلى مكتب وموظفين ومحررين ومصححين ومطابع وتم ذلك بالتدريج.. المكتب أصبح مكاتب في مكة المكرمة حرسها الله وجدة والرياض والموظفون زادوا والمحررون والمصححون والمراسلون تضاعفوا والمطابع تطورت كل ذلك من عرق الجبين فلا معونات ولا مساعدات من أحد.. ولكنه جهد العاملين المخلصين.

فكرة.. أضحت حقيقة

·                          أستاذ صالح: قلت أن لتأسيس مكتبة الثقافة قصة فما هي؟ وكيف نشأت عندك الفكرة؟

·            قصة مكتبة الثقافة أرويها للطرافة وللتاريخ.. إذ كانت وما زالت تربطني بأخي محمد حسين أصفهاني صداقة ومودة.. وكان طالما يستضيفني في بيته العامر بجدة وأحياناً في جزيرة سعد وبعض الليالي في الكندرة يوم كانت خلاء خالياً.. وكانت مدينة جدة محصورة بين أسوارها التي تنتهي عند باب جديد أو باب مكة وفي أوائل الستينات كانت الحرب الثانية مشتعلة وكانت أمريكا تصدر مجلة المختار من ريدرز دايجست باللغة العربية وكانت مجلة رفيعة المستوى ولكنها تباع بثمن زهيد (سبعة قروش) وبطباعة أنيقة وأبحاث ممتازة وكان أخي محمد حسين الأصفهاني وكيلها في المملكة فعرض على أن أقوم بتوزيعها في مكة المكرمة فوافقت ولم يكن عندي محل ولا مكتب ولكنى كنت أستقبلها في بيتي بالمسعى وأجمع عدداً من صبيان الحارة وأعطيها لهم لتوزيعها وقت خروج الناس من الصلاة أمام باب السلام وأعطيهم قرشاً على كل عدد يباع ولم يكن في مكة المكرمة حينئذ مكتبات أو محلات لبيع الصحف والمجلات باستثناء مكتبة الشيخ مصطفي يغمور ودكان الشيخ قاسم الميمنى رحمهما الله وكلاهما بالقشاشية وليس بهما إلا مجلة الرسالة ومجلة الثقافة ومجلة الهلال وبأعداد محدودة جداً نتسابق على شرائها بالحجز المسبق ولم تكن يومئذ مكتبات متكاملة بل كانت هناك مكتبات تعنى بالكتب الدينية لتلبية رغبات الحجاج ومكتبة واحدة صاحبها الشيخ أحمد حلواني تعنى باستيراد بعض الكتب الأدبية الحديثة.. فكانت مكتبة الثقافة أول مكتبة تجمع كل عناصر المكتبة فتعرض رغم صغر موقعها الكتب الدينية والمصاحف والكتب الأدبية الحديثة إلى جانب المقررات المدرسية بالأدوات المكتبية والمدرسية وكانت عبارة عن متر في مترين بباب السلام الصغير..

·                          ويتابع الأستاذ صالح محمد جمال حديثه قائلاً:

وراجت مجلة المختار وارتفع توزيعها، وكان أخي محمد حسين أصفهاني في يوم من الأيام في زيارتي في أوائل عام 1364 وصادف وجود أخي أحمد ملائكة وأخي عبد الرزاق بليلة فاقترح الأصفهاني أن نؤسس بيننا شركة لتأسيس مكتبة وتوسيع العمل بتوزيع صحف أخرى وكتب، وقال الأستاذ ملائكة وكان أيامها يقيم في مصر أنه يتعهد بتوريد الكتب لنا من مصر وأنه يحصل لنا على وكالة لتوزيع الصحف المصرية.. وقال الأخ عبد الرزاق بليلة بأنه مستعد بإدارة المكتبة.. وقال الأخ الأصفهاني وأنا أتولى إدارة فرع جدة.. واختمرت الفكرة ووقفنا عند البحث عن دكان للمكتبة.

·            وكانت المكتبات أيامها محصورة في منطقة واحدة هي باب السلام وجميع الدكاكين مشغولة وكان لصديقنا الأخ عبد الحليم الصحاف دكان لا يفتحه إلا يوم الجمعة للجلوس ثم الصلاة إذ أنه ترك العمل بالمكتبة التي ورثها عن أبيه وتوظف في مديرية الأوقاف بمكة المكرمة وعرضنا عليه تأجيرنا الدكان فاعتذر إلا أن يكون شريكاً فلم نعارض وأسسنا الشركة وأعارنا الأخ أحمد ملائكة مجموعة من كتبه لنملأ بها المكتبة وسافر إلى مصر وبدأ في إرسال الكتب والصحف وفتحنا المكتبة على بركة الله بإدارة الأخ عبد الرزاق بليلة وإشرافي لأنني كنت يومئذ موظفاً بالقضاء ولم يطل بقائي في الوظيفة واستقال أخي عبد الرحمن بليلة من المكتبة وتوظف بالأمن العام وتوليت أنا إدارة المكتبة وما زالت حتى الآن بعد أن أنسحب الصديقان أحمد ملائكة ومحمد حسين أصفهاني من الشركة.

معلومات أضافية

  • العــدد: 5618
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر: 22/10/1402ﻫ
  • الصحيفة: المدينة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا