بهذا العدد تختتم الندوة عامين مضيا من عمرها - الطويل إن شاء الله - وفي هذه المناسبة يجدر بنا أن نمر على ذكريات هذين العامين مروراً عابراً من قبيل التحدث بنعمة الله فيما أصابنا من خير ومن باب لابد من شكوى.. فيما صادفنا من غير ذلك.

لقد صدرت - حراء - التي أصبحت الآن تسمى الندوة في وقت كان فيه ميدان الصحافة ما زال مفروشا بالأشواك فكان صدورها أشبه بمغامرة ولم يكن في الميدان إلا الزميلتان الكبيرتان "البلاد السعودية" - رعى الله أيامها - والمدينة المنورة - أمد الله في عمرها - وكلا الزميلتين لهما فضل السبق في الجهاد والعمل لخير البلاد وصحافتها، بل كانا مدرستين تتلمذ عليهما الكثير من كتاب هذا الجيل وخاصة جريدة البلاد السعودية التي عرفت في أول عهدها "بصوت الحجاز".

صدر العدد الأول من "حراء" يوم السبت الموافق 6 جمادي الأولى عام 1376ﻫ.. فكان إيذانا بانطلاقة جديدة في الصحافة السعودية من حيث الشكل والموضوع والإخراج واستقبل من القراء والكتاب بروح طيبة وتشجيع بالغ أثر تأثيرا سريعا في دفع الصحيفة من أسبوعية إلى يومية بعد مضي عام ونصف عليها.

ففي يوم الجمعة 12/11/1377ﻫ بدأ صدورها يومياً..

صدرت حراء فتتابع بعدها صدور الصحف فتحولت اليمامة من مجلة إلى جريدة وصدرت بعدها الندوة والأضواء وعرفات والخليج وتزاحمت طلبات إصدار الصحف على مجلس الوزراء حتى بلغت الخمسين.

وأشفق سمو الأمير فيصل رئيس مجلس الوزراء حينئذ على الصحافة السعودية من الانهيار نتيجة هذا التزاحم.. أشفق عليها من المصير الذي صارت إليه الصحف في بعض البلاد الأخرى من الارتماء في أحضان الأحزاب والجمعيات والكتل بل وأثرياء الأفراد لخدمة الأغراض الشخصية من أجل البقاء فأمر سموه بإدماج بعض الصحف الصادرة في بعض تمهيدا لوقف صدور ما لم يصدر ومنع إصدار رخص جديدة.. فأدمجت البلاد السعودية وعرفات في جريدة واحدة باسم البلاد، وأدمجت (حراء) و (الندوة) في جريدة واحدة سميت "الندوة".

وصدرت الندوة الجديدة في ثوب حراء وبأخلاق حراء وعلى مبادئ حراء. إيمانا بالله وثقة في عدله واستعدادا لكل مشقة في سبيل الحق وتضحية بكل شيء من أجل الثبات على المبدأ الذي يهدف خدمة الدين والملك والوطن.

وسارت القافلة ككل قافلة تسير على هدى من الله وبصيرة وظل ينبح حولها من ينبح من ضحايا الفشل والعجز ولكنها مضت في سيرها غير عابئة وستمضي بإذن الله حتى تصل إلى هدفها الشريف وتستمد من الله العون فهو نعم المولى ونعم النصير.