تعقيبان وتحية
لا أدرى لماذا يتصور الناس – أكثر الناس – حتى المثقفون منهم أن كل من يدعو إلى الفضيلة أو يحذر من الرذيلة، أو يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر لابد وأن يكون معمما أو مجببا – أي لابسا جبة – وحول عنقه شالا أخضر إلخ ما يحلو لهم أن يتصوروه في كل داعية إلى الخير.
لقد عقب الأستاذ عبد الله عريف في جريدة عكاظ على كلمة حق قالها الدكتور عصان خوقير في نفس الصحيفة فوصفها بأنها نابية رغم أنه لم يجد ما يأخذه على الدكتور غير أنه حمل الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) حملها – بتشديد الميم – على حد تعبير الأستاذ عريف ما لم تحتمل.. واتهم الدكتور بأنه لم يضع النقط على الحروف ويعين اسم البرامج التي لا يريدها.
والذي قال له الدكتور عصام في الموضوع "وفوجئ رب الأسرة – وقليل ما هم – أن ثمة تغيرا هاما حدث في محيط أسرته في طريقة تصرفاتهم.. في أحاديثهم بل في وجودهم.. الأطفال المراهقون أصبحوا يتعشقون ضرب النار ويمجدون بطولة مداهم المتجرد، إلى أن يقول إنما أدعو إلى قيام جهاز مسئول داخل الإذاعة والتلفزيون جهاز مترفع عن الهوى وبعيد عن التعقيد، ومنزه عن الروتين والالتزام أدعو إلى قيام جهاز يتفرغ للبرامج، لنصوصها، لأدائها، واضعا نصب عينيه حماية المستقبل ممثلا في أبناء وبنات صغار مراهقين ومراهقات وأخريات قوارير ناقصات عقل ودين".
فماذا في هذه الدعوة الخيرة، والفكرة النيرة؟! وما هذا الذي لا تحتمله الآية الكريمة؟! أليس ما حذر منه الدكتور ثأرا – بل أخطر من الناس – إذا لم يحسن الاختيار ويصفي العكر.
إن ما لاحظه الدكتور هو نفس ما لاحظه الكثيرون ولكن أبواب إظهار هذه الملاحظة مقفولة والحساسية شديدة وفي الأفواه مياه وحسب الدكتور هذه الإشارة العابرة، ولو وضع النقاط على الحروف كما يطلب الأستاذ عريف – لقامت الدنيا ولم تقعد.
عقب الأستاذ عبد الله عريف على ملاحظتي في كلمة سابقة عن الحمامات المتنقلة التي تزمع أمانة العاصمة إنشاءها بمنى ليستحمم فيها الحجاج.. عقب بتعقيب لم أزل غير مقتنع به فالاستحمام – غير الواجب – استعمال غير عادي للماء، والماء الذي ستجلبه الأمانة من العابدية أو غيرها أولى أن يضاف إلى موارد العيون لتوفير الماء للأغراض الأهم فالشكوى من نقص المياه في أيام الحج شكوى لا ينفع فيها إغماض العيون - أعني العيون البشرية لا عيون المياه - على الطريقة النعامية وليس في هذا ضير فهذه الأيام غير عادية والمصيفون في لبنان يذكرون مثل هذه الأزمات في المصايف مع أن الضغط هناك أقل من الضغط هنا.
والفئات التي سوف تستفيد من هذه الحمامات ليست من الفئات التي تعشق النظافة وتسعى إليها – كما يقول الاستاذ عريف فتلك الفئات في مساكن ومخاييم يتوفر فيها الاستحمام للتنظيف.
وأمام الأمانة مسئوليات وواجبات أولى وأحق بتوجيه الجهود وتكريس القدرات بدلا من توزيعها.
منها على سبيل المثال: النظافة، فالنظافة في منى على الرغم من تحسنها في العام الماضي تحسنا ملموسا فإنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من العناية والتنظيم والتحسين.
ومنها إيجاد دورات المياه وتعميمها في كل شارع بل وكل زقاق فكلنا يعرف ماذا يعمل الحجاج – الذين يريد الأستاذ عريف أن يهيئ لهم الحمامات – ماذا يعملون في أزقة منى وكيف يحولونها إلى مباءات للأقذار والأوضار.
ومتاعب الحمامات في منى ليست مقصورة على توفير المياه لها بل هناك مشكلة أخرى أشد صعوبة هي مشكلة تصريف هذه المياه بعد استعمالها..
وكلنا يعرف أن العقبة الكبرى في تحسين التنظيفات بمنى كانت صعوبة المواصلات في تلك الأيام ولم تتحسن إلا عندما لجأت الأمانة إلى سيارات صغيرة لنقل القمائم يتاح لها سهولة الدخول إلى منى فهل ستلجأ أيضا إلى ناقلات ماء وشافطات ماء هي الأخرى صغيرة أم تتكرر مشكلة التنظيفات فتصبح الحمامات بدون ماء أو مستنقعات ماء بدون شفط.
مرة أخرى إن إقامة حمامات بمنى مسألة تحتاج إلى دراسة عميقة ومن مختلف النواحي فما أسهل الاقتراح ولكن ما أصعب التنفيذ.
تحية
لم أدخل – بفتح الألف أو ضمها – مريضا إلى مستشفي أجياد أو الولادة – والحمد لله – ولكنها الذكرى الطيبة والسيرة الحسنة التي تتردد على الأفواه عن أوضاع مستشفى أجياد منذ زمن طويل ومستشفى الولادة مؤخرا دفعتني إلى إزجاء هذه التحية وشدتني إلى الجهر بكلمة الحق هذه.
فقد كان وما زال مستشفى أجياد مستشفى مثاليا بالنسبة لمستشفياتنا ثم أصبح مستشفى الولادة كذلك بفضل حزم وعناية مديرهما وسهره على النظافة والعناية ومراقبته الشخصية لكل العاملين.
هذه تحية لسيادة الدكتور سليمان فقيه جاشت بها نفسي، إثر ما أسمعه من الآخرين – وألسنة الخلق أقلام الحق – تحية مواطن يسر بالنجاح لمرفق هام من مرافق حياتنا يوجهها إلى العاملين المخلصين إعلانا – بدون أجر – علها تلفت نظر الآخرين إلى واجبهم وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون.
معلومات أضافية
- العــدد: 2458
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.