لا يصدق الكذوب وإن صدق
هؤلاء الزعماء والملوك والرؤساء الذين يتجولون في المحيط الدولي حاملين مشروعات ومبادرات واقتراحات كحل سلمي لقضية غزو العراق للكويت وكلهم من الساسة والمفكرين السياسيين هل هم مقتنعون بجدية وصواب وقبول ما يدعون إليه لدي صدام حسين؟! أم أنهم يطوفون بهذه المشروعات والمبادرات كالدمى تحركهم أيد خفية لا تريد بهم خيراً وحسبهم ما وعدهم به من غنائم سراب.
إن أي مشروع أو مبادرة أو اقتراح لا يكون أساسها رفض الاحتلال لأي أرض بالقوة ووجوب ردع المعتدي وإزالة كل أثار عدوانه محكوم عليه بالفشل وإلا كانت تلك المبادرة أو المشروع أو المقترح تكريسا للاحتلال وتقنيناً للعدوان ومكافأة عليه وإقراراً لتشريعه الغاب في أواخر القرن العشرين قرن المنظمات الدولية والقوانين وحقوق الإنسان وإشاعة التعاون والتنسيق وتحقيق السلام بين شعوب العالم وحكوماته.
لم اقرأ في مواد أي مشروع أو مبادرة للحل أية إشارة إلي هذا الأساس أو إقترب منه. والمشروع الذي يشير إلي خروج قوات الغزو من الكويت يربط ذلك بخروج القوات الأجنبية من مناطق غير الكويت فبعضها يشير إلي القوات التي جاءت لنصرة الكويت والقوات التي استقدمت لدفع العدوان المتوقع على السعودية ودول الخليج وبعضها يمعن في التعجيز فيربطها بخروج إسرائيل من فلسطين وخروج سوريا من لبنان بينما لا توجد أية علاقة بين هذا الخروج المطلوب والخروج من الكويت. فالقوات التي في الكويت قوات غازية معتدية بغير حق وقع ذلك الآن وعلى دولة معترف بها عالمياً وبأسلوب وحشي غادر وفي ظل منظمات دولية وقوانين تحرم مثل هذا العدوان والغزو، أما قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين فقد وقع قبل أكثر من أربعين سنة ولم تكن هناك دولة فلسطينية قائمة وفي وقت كانت أكثر البلاد العربية ترزح تحت الاستعمار ولم توحدهم كلمة أو يجمعهم صف بل كانوا أيدي سبا فاقتطعت إسرائيل جزء من فلسطين واقتطعت بعض الدول العربية أجزاء منها وظلوا في خلافاتهم وأطماعهم حتى وقعت أرض فلسطين في يد إسرائيل.
ثم ما هو الهدف من هذا الشرط التعجيزي؟! هل يريد صدام حسين أن يحرر فلسطين من إسرائيل؟!فلما لم يوجه ضربته وجيشه وصواريخه التي يتعالي بها إلي إسرائيل؟! بدلاً من توجيهها للكويت الجار الصغير؟!لماذا لم يطلب السماح له بالمرور عبر الأردن-وهو صديق- إلي إسرائيل لتحرير فلسطين بصواريخه الفتاكة التي هدد بها إسرائيل من قبل-فشر- ويهدد بها جيرانه الآن؟! أم أنه يريد أن يزعم أن تحرير القدس يمر عبر تحرير الكويت والبلاد العربية كما قالها زعيم عربي من قبل؟!
أما خروج القوات السورية من لبنان فإن هذا ليس من حق أية مبادرة أو مشروع. بل حق الشعب اللبناني وحكومته الشرعية وهي التي تطلب خروجها أو بقاءها حسب مقتضيات المصلحة فما علاقة إزالة إعتداء وقع على الكويت بخروج أو بقاء قوات أخري في بلد آخر؟!
ويبقي الشرط الأخير الذي أجمعت عليه جميع المبادرات والمشروعات التي تكرس العدوان وتقننه وهو اشتراط خروج القوات الصديقة التي حضرت بطلب من دول الخليج إحتياطا لحمايتها من العدوان الذي وقع على واحدة منها وهي الكويت الضحية الأولي من ضحايا الهبش والقتل والدمار ولم تعتد هذه القوات على أرض أحد ولم تنهب ثروات شعب أو دولة ولم تنتهك حرمة ولم تشرد شعباً فأين المقارنة بين هذه القوات وتلك القوات الظالمة التي نهبت وشردت ودمرت؟!
إن خروج هذه القوات الصديقة يتوقف على أمرين الأول هو طلب الدول التي استدعتها لحمايتها -أى حكومات هذه القوات- بسحبها وذلك شأن داخلي من حقها ولا حق لغيرها فيه.
والثاني هو الأمان والاطمئنان من وقوع عدوان جديد وغدر جديد غير مستبعدين فقد تعلمنا ونحن أطفال في مقرر المطالعة قصة تحمل عنوان (لا يصدق الكذوب وان صدق ) فإذا تحقق هذا الأمان والاطمئنان فلن تعود هناك حاجة إلي بقاء تلك القوات وسيطلب منها الرحيل مشكورة فورا وسترحب هي بذلك لأن لها مهاماً في بلادها.
معلومات أضافية
- العــدد: 11
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.