القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 171 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الاثنين, 08 أغسطس 2011 23:39

اقتراح إلى المسئولين عن الحج والحجاج

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

ما سأقوله اليوم ليس جديداً بل من الكلام المكرر – المعاد ولكن المناسبة هي التي تدعوني لإعادته من باب التذكير.

أعلنت أمانة العاصمة منذ أيام عن مساكن الحجاج والكشف عليها وتحديد سكان كل غرفة وصلاحيتها من الناحية الصحية..

كل هذا جميل.. وجميل جداً بل واجب في عنقنا لوفود بيت الله الحرام وضيوف الرحمن ولكن.

نعم ولكن.. إذا نحن حددنا على المطوف إسكان خمسة في غرفة هل ضمنا له من الطرف الآخر دفع تكاليف هذه الغرفة؟!

إن بعض المطوفين يلاقون في سبيل إسكان حجاجهم الأمرين نتيجة لهذا التنافس الشديد والتهافت على الحاج في بلده وتدخل السماسرة إلى درجة جعلتهم يعرضون على الحاج السكنى مجاناً إذا رضي أن يكون من حجاجهم وكثيراً ما ينخفض العطاء من الحاج حتى لا يتجاوز الجنيهين (20 ريالاً) للسكن كل أيام الحج بما فيها منى وعرفات مع الماء والنور فيضطر المطوف لإسكان عشرة في الغرفة التي لا تتسع لأكثر من خمسة.

وهناك نوع أخر من الحجاج يوفرون على أنفسهم دفع أي شيء للسكن ويتخذون من الشوارع والأزقة بل المسجد الحرام مسكناً لهم ومأوى ويزعمون الفقر والإملاق مع أنك لو فتشت مزاودهم عند السفر لوجدتها ملأي بالهدايا المتنوعة للأهل والأصدقاء.

والحكومة عندنا تنفق من المال وتبذل من الجهد ما لا يتصوره إنسان في سبيل توفير سبل الراحة للحجاج ولكن بدون جدوى فالطبقة العليا والمتوسطة على قلتها تعود إلى بلادها ساخطة وتنوى ألا تعود إلى الحج نتيجة لهذا الضغط الشديد من الطبقة الدنيا وهي أكثر عدداً وهي التي تعانى الحكومة ما تعانى من توفير الماء لها وهي التي تزحم الشوارع وتسبب مشاكل المرور وهي التي تملأ المستشفيات وتستنفذ الأدوية نتيجة لسوء التغذية وضعف المقدرة والتعرض للعراء والعجز عن تحمل متاعب الحج.

وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل أنها هي التي تجعل كل جهد للتنظيف يذهب هباء وكل عمل في سبيل التنظيم يضيع سدا. فالنوم والأكل والشرب والفضلات وقضاء الحاجة في الشوارع والأزقة بل وفي بعض الأماكن المقدسة!!

وفوق هذا وذاك فالخروج إلى الحج في كل عام مادام ذلك لا يكلف شيئاً سوى أجرة الراحلة أما الزاد فعلى الله ثم على عباده..

ومرحباً بالموت إذا جاء نتيجة لهذا الوضع فهو شهادة في سبيل الله!

وأنا إذ أعرض هذه الصورة من صور الحج لست أعنى المطالبة بوضع شروط جديدة للحج ولكنى أطلب تطبيق الشروط التي حددها الإسلام لوجوب الحج والتي يهمل أكثر الحجاج تنفيذ الشرط الأهم فيها وهو توفر الزاد ويدخل فيه السكن فالزاد ليس معناه الأكل والشرب مع النوم في الشمس أو البرد واحتلال طرق المسلمين وملئها بالقاذورات وكريه الروائح.

إن الإسلام من غير شك دين الطهارة والنظافة والعناية بالصحة ومن يقول غير هذا فإنه لا يفقه في الإسلام شيئاً ومن يخرج إلى الحج دون الاهتمام بتوفر هذا الشرط يعتبر غير رشيد وفي حاجة إلى إرشاد ولو بالقوة وكل تنظيم أو زيادة في الماء أو توسعة في الشوارع أو مضاعفة في العناية الصحية أو مبالغة في التنظيف كل ذلك لن يكون له أثر ظاهر مادام أكثر الوافدين على هذه الصورة وهي فقدان التغذية الصحية والوقاية الصحية فكثير من الحجاج يملأون مزاودهم بالخبز الناشف والجبن ليتغذوا به طيلة أيام الحج ويأوون إلى الشوارع والأزقة والمساجد ويرتدون ملابس لا تفارق أجسامهم حتى يعودوا إلى بلادهم وإن غسلوها فغسل دون النظافة ويظنون جهلاً أن في هذا ثواباً أكثر وأجراً أكبر مع أن الإسلام يأبى هذه الصورة على المسلم ويطلب له دائماً العزة والقوة والطهارة والنظافة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

صحيح أن البلاد الأخرى تسهل سبل زيارة الناس لها وتشجع السياحة وتدعو إليها. ولكنها واثقة كل الثقة أن واحداً لا يملك زاده لا يمكن أن يغامر بالدخول إليها كما هو الحال عندنا فإن الطمع في كرم بعض الحجاج والاطمئنان إلى العاطفة الدينية والتواكل على عطف جلالة الملك المعظم وما تعده الحكومة السعودية للحجاج من سيارات لنقلهم. وأماكن لاستضافتهم في حالة الضياع وإطعامهم أيضاً.. كل هذا يغرى الكثيرين بالإقدام على الحج دون تفكير في العواقب.

والذي نريد أن نقترحه لحل هذه المشكلة السنوية أمر بسيط جداً ليس فيه إرهاق ولا شطط ولا خروج عن تعاليم الإسلام بل ضمان لأن يؤدى كل مسلم هذه الفريضة في جو إسلامي صحيح يحقق الحكمة من فرضها.

نريد أن يحج كل من استطاع إلى الحج سبيلاً فقط. أما من لم يستطع هذا العام فإن عليه أن يبذل جهده للحج في عام قابل متى توفرت له الاستطاعة لأن الحج مع عدم الاستطاعة أقرب إلى الانتحار منه إلى الشهادة بالإضافة إلى الأذى الذي يلحق المستطيع من المسلمين والصورة المظلمة التي تبدو عن الحج بل عن الإسلام مع أنه منها برأً.

نريد أن تحدد مدة إقامة الحاج عندنا منذ مغادرة راحلته حتى عودته إليها – طائرة كانت أو باخرة أو سيارة وتقدر على ضوئها تكاليف سكناه سكناً صحياً وعيشة عيش الكفاف الصحي أيضاً وتنقلاته الضرورية داخل البلاد وتؤخذ منه قبل منحه تأشيرة الدخول إلى البلاد وتدفع بمجرد وصوله حالاً إلى المطوف ويكلف المطوف بأداء كل ذلك للحاج تحت رقابة شديدة مع تحديد نوع الغذاء والسكن بالحد الأدنى ومن أراد الأحسن عليه دفع الفرق ويكون كل مطوف مسئولاً عن حجاجه وتوضع عقوبات على المقصرين من المطوفين تصل إلى درجة المنع من المهنة إذا اقتضى الأمر.

ومبررنا في وضع هذا القيد على الحج هو شرط الإسلام وعدم توفر الوعي عند كثير من الحجاج مما يفرض علينا تبصيرهم وإرشادهم إلى حج إسلامي صحيح.

بهذا. وبهذا وحده يمكننا إيجاد موسم منظم للحج كل عام. موسم للحج يجعلنا موضع إعجاب الحجاج.. ويجعل بلادنا موضع الرضا من الحجاج.

أما وضعنا الحالي إذا استمر فإنه لن يزيد المشكلة إلا تعقيداً كل عام مهما صرفنا من أموال ومهما بذلنا من جهود ومهما وفرنا من إمكانيات.

إن الحل الصحيح لكل مشكلة من مشاكلنا كامن في تطبيق تعاليم الإسلام بدقة ولم يعقد مسائل المسلمين ويزيد من مشاكلهم ويجعلهم في مؤخرة الصفوف إلا هذا التهاون في تحكيم الإسلام في كل أمورهم وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه.

والإسلام دين وسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فلا إفراط ولا تفريط.. ولا تساهل ولا تشدد ولا إهمال ولا إعنات (فاتقوا الله ما استطعتم) والحج وهو ركن من أركان الإسلام مثل أعلى في رفع المشقة عن المسلم (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً).

وفي الأثر (إن الله يجب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) وخروج غير المستطيع إلى الحج وتعرضه للذل والجوع والمرض وما يسببه لنفسه وغيره من متاعب كل ذلك مخالفة صريحة لتعاليم الإسلام وآدابه.

وأعتقد أن علماء الإسلام في كل مكان سيؤيدون هذه الخطوة منا حفاظاً على كرامة هذا الدين ومعتنقيه فإنهم يرون الصورة التي يعيش عليها معتنقو الأديان الأخرى في كنائسهم ومعابدهم ويدركون الفرق الكبير بين مظهرهم ومظهر كثير من المسلمين في بلد الله الحرام. وأقدس بقعة على وجه الأرض.

هؤلاء المسلمون الذين يستغلون سماحة الإسلام ومبادئ الحرية والمساواة فيه أسوأ استغلال فيسمون الشعوذة تنسكاً وتعبداً. ويسمون القذارة زهداً في الدنيا ويسمون الكسل والعيش في الضيم قناعة ورضا بما قسم الله وأخيراً يسمون الخروج إلى الحج بلا كفاية من الزاد خروجاً في سبيل الله فمن أدركه الموت وقع أجره على الله.

لا.. لا يا مسلمون ونقولها مرة أخرى إن الإسلام دين العزة والنظافة والطهارة واليسر وهو يرفض هذه الفلسفة الملتوية في تفسير فضائله فالتعبد والزهد في الدنيا والقناعة والخروج في سبيل الله كل هذه فضائل ولكنها غير هاته التي تخالونها والفرق بين هذه وتلك كالفرق ما بين السماء والأرض.

فإلى جميع المسئولين عن الحج والحجاج نقدم هذا الاقتراح بغية تيسير الحج لمن استطاع إليه سبيلاً. وصونا لكرامة هذه البلاد المقدسة التي تبذل الكثير من المال والجهد كل عام ومع ذلك يذهب الكثير ساخطين ناقمين مما دعي أكثر الحكومات أن ترسل مع حجاجها بعثات طبية وكأننا عاجزون عن علاجهم بل دفع حكومات أخرى إلى التفكير في تهيئة المساكن وتوفير الراحة لهم داخل أراضينا.

والمهم في الأمر إذا قدر لهذا الاقتراح أن ينفذ فإنه ينبغى أن يطبق على جميع الحجاج بدون استثناء سواء قدموا من البر أو البحر أو الجو لا يعفي منه أحد ولا يضع رجله داخل الحدود إلا بعد دفع المصاريف مصاريف عيشه في بلادنا لزاده وراحلته ولا نريد منه أكثر من ذلك.

معلومات أضافية

  • العــدد: 501
  • الزاوية: يوميات الندوة
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا