الصبر والنصر في ذكرى الهجرة
يشرق على العالم الإسلامي مع انبثاق فجر هذا اليوم عام جديد جدير به أن يستقبل بالبشر والتفاؤل والاتجاه إلى مسير الأفلاك أن يجعله عام يمن وبركة.
وبإشراق هذا اليوم يكون قد مضى على هجرة محمد بن عبد الله من مكة إلى المدينة فراراً بدينه، ألف وثلاثمائة وثمانون عاماً قمرياً وتمر بنا الذكرى الحادية والثمانون بعد الثلاثمائة والألف لتلك الهجرة المباركة التي كان لها أكبر الأثر في تاريخ الإسلام.
تلك الهجرة التي تمت بمعجزة ونفذت رغم أنف أعداء الإسلام من أساطين قريش وزعماء الكفر حينذاك وفشلت كل مؤامرة لصدها وكان في نجاحها أبلغ الدروس والعبر..
لقد كانت التضحية من "على بن أبى طالب" الذي رضي أن ينام في فراش محمد -عليه الصلاة والسلام– وهو يعلم أن القوم يأتمرون به ليقتلوه صورة ناطقة من صور الإيمان الذي يستخف بكل مشقة ولو كانت قتلاً !!
والصورة التي خرج بها محمد – عليه الصلاة والسلام – من أحب بلاد الله إليه ليفتح أمام أتباعه آفاقاً جديدة بعد أن بلغ الكبت والاضطهاد منهم منهاه أبلغ درس لأصحاب العقائد والمبادئ الصحيحة ليتحملوا أكبر المشاق وأشد المتاعب في سبيل عقائدهم ومبادئهم.
وستر الله الذي أظل هذه الرحلة الشاقة فأعمى بصائر الظالمين وبصرهم عن المهاجرين الذين لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآهما ثم يقول أحدهما لصاحبه لا تحزن.. إن الله معنا أكبر دليل على أن الله ناصر المؤمنين مهما تظاهرت قوى الشر.
وبعد.. فإن يوم الهجرة يوم مجيد في تاريخ الإسلام بدأ فيه تطويره من دعوة محصورة في نطاق محدود بين قبائل محدودة إلى دعوة عامة (قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعاً) ينتظم فيها العرب والعجم، ويتفيأ ظلالها في مساواة وعدل كل فرد من أفرادها لا فضل لعربى على عجمى ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، ولا تقف عند حد أرض العرب ولكنها تمتد إلى أرض فارس والروم وما وراء البحار لأنها دعوة تستمد قوتها من الحق وتستهدف في تعاليمها نشر واستتباب الأمن والسلام.
فلنأخذ من هذه الذكرى هذه العبرة الخالدة.. إن الصبر والإيمان إذا هما أقترنا بالعمل الصالح يؤديان حتماً إلى النصر وبلوغ الغايات.
معلومات أضافية
- العــدد: 736
- الزاوية: كل صباح
- تاريخ النشر: 1/1/1381ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.