كنت في أندونيسيا (5)
وفي ختام كلماتي عن رحلتي إلى أندونيسيا أود أن أعرب عن بعض الملاحظات إلى السفارة الاندونيسية والانطباعات التي أرجو أن تكون موضع الدراسة والبحث ممن يهمهم الأمر:
1- أولى تلك الملاحظات ما يعانيه مستقدمو العمالة الاندونيسية من المواطنين السعوديين من قصر مدة جواز سفر الاندونيسيين من عمال وعاملات على سنتين فقط يحتاج بعدها إلى تجديد من القنصلية الاندونيسية بجدة أو الرياض.
والقنصليات تتمسك بوجوب مراجعة الفرد الاندونيسي إلى القنصلية بنفسه وليس ذلك من السهل بل يكاد يكون متعذرا فالمملكة واسعة الأرجاء وبعض المدن تبعد عن الرياض أو جدة أكثر من ألف كيلو وصاحب العمل لا يستطيع مصاحبة العامل إلى القنصلية ولا تركه يسافر هذه المسافات التي ربما لا يرجع منها لأي سبب من الأسباب وجواز سفره بيده لاسيما إذا كان العامل امرأة فسفرها بدون محرم مستحيل وصاحب العمل ليس محرما.
إنها مشكلة كبري بالنسبة للمواطن السعودي ولا ضير على وزارة الداخلية الاندونيسية أن تجعل مدة الجواز خمس سنوات وتتقاضى الرسم الكافي لخمس سنوات لأن ذلك في مصلحة العامل أو العاملة الاندونيسية فقد يكون الزوجان معا في المملكة ويجدان مجالا للعمل مدة أطول من السنتين لتحسين أوضاعهم وجمع ما يؤهلهم للاستغناء عن العمل و العودة إلى بلادهم والاستقرار بها بالإضافة إلى ما سوف يحيلونه إلى بلدهم من مدخرات من العملة الصعبة.
إنني أخشى أن تسبب هذه المشكلة عزوفا عن العمالة الاندونيسية والتحول إلى غيرها وهذا ما لا نريده فالعمالة الاندونيسية موضع الرضا والارتياح لحسن أدائها وكريم خلقها بالنسبة لبعض العمالات الأخرى إذ ليس من السهل على المواطن السعودي تحمل مشقة تجديد الجواز كل سنتين.. هذه الملاحظة موجهة إلى السفارة الاندونيسية بالمملكة رجاء نقلها إلى الجهة المسئولة عن إصدار جوازات العاملين والعاملات بأندونيسيا المسافرين للعمل للدراسة وتحقيق ما فيه مصلحة الطرفين.
2- الملاحظة الثانية إلى رجال الأعمال السعوديين. غزو الدول الأوربية أو بعضها لعملية الاستثمار في اندونيسيا لتوفر المجال الاستثماري وتنوعه فهناك مشروعات إستثمارية لدول أوربية وفي مقدمتها ألمانيا.
والمسلمون في نوم عميق عن الاستفادة والإفادة لهذا البلد الإسلامي الكبير صاحب الإمكانات الكبيرة.. وهذه الكلمة موجهة إلى رجال الأعمال السعوديين وخاصة أصحاب البنوك فالمجال في نظري واسع ونظام الاستثمار مغري والمسألة تحتاج إلى دراسة من متخصصين.
3- أما ثالث الملاحظات إلى المواصلات والمرور- والانطباعات على الأصح – هي:
حركة الموصلات في المدن الصغيرة والكبيرة.
فالمواصلات الداخلية تسير على عدة صور: فردية وهي الدراجات العادية أو الدراجات النارية وجماعية وتبدا من شخصين، وهي الدراجات العادية التي تنقل راكبين في كبينة يدفعها أمامه راكب الدراجة ويأتي بعدها النقل على دراجة نارية ذات ثلاث عجلات فوقها كبينة تتسع لستة أشخاص والسابع بجوار السائق ويطلق عليها(ركشا) وهناك عربات تقودها الخيول أيضاً كالمعروفة أيام زمان.. بعد ذلك نقل متوسط على سيارات على شكل ما يسمى(انيسه) عندنا وهذه تحمل من عشرة إلى اثني عشر راكبا بعد ذلك سيارات التاكسي ذات اللون السماوي وكل هذه المواصلات تسير بجانب سيارات النقل الجماعي – الحافلات الكبيرة ذات الطابق أو الطابقين – فكل مواطن يجد وسيلة نقل على قدر استطاعته المادية ولا حاجة إلى سيارات خاصة.
في نظري – أنا على الأقل – أن الحافلات الكبيرة وسيارات التاكسي لا تقضى حاجة الشرائح المختلفة في المجتمع فلابد من إيجاد وسيلة بين الوسيلتين وهي السيارات المتوسطة لتدخل كل الشوارع وتحقق مرونة في الوقوف والسير وهوادة في الأجر وقد رأيتها تقف في الشوارع المتوسطة ولا تحدث ربكة ولا عرقلة في السير ثم تقضى في ثوان وهي تساعد ذي الحاجة المستعجلة وستكون أرخص من التاكسي طبعاً.. ورغم هذه الزحمة والتنوع في المواصلات تسير كل مواصلة في طريقها بإنتظام دون سقوط أو تسابق أو تصادم بالأعمدة أو الأرصفة أو الحواجز كما هو عندنا.
4- من الظواهر التي تبشر بالخير وتؤكد ان بذور الإسلام النقي تكمن في قلوب خصبة في هذا البلد الإسلامي الكبير هي ظاهرة الحجاب المنتشرة في المدارس والمعاهد والجامعات فأنت ترى الطالبات عند خروجهن من المدارس أفواجا يكاد يساوى عدد المحجبات عدد السافرات أو يزيد، ولا أقصد بالحجاب تغطية الرأس والصدر والسيقان وهذا مبدئيا يكفي ما اجتنبت الزينة(الماكياج) من أحمر وأرزق وأسود وسيصلن إلى الحجاب الكامل في المستقبل وكل آت قريب. إنها ظاهرة تستحق الإشادة ويرجي من الجمعيات الإسلامية حث أتباعها على تربية بناتهم عليها وإقناعهم بطهارتها وحمايتها لفلذات الأكباد من القوارير.
5- وقبل أن اختم أحاديثي عن أندونيسيا أجد من الواجب علىّ تقديم وافر الشكر وكثير التقدير لسعادة سفير الملكة العربية السعودية بأندونسيا على ما لقيته أنا شخصيا من عون ومساعدة وما يلقاه كل سعودي يزور أندونيسيا من اهتمام ورعاية وما تحدث لي عنه بعض رجال الجمعيات الإسلامية وقادتها من مواقف بجانبهم ودعم لهم وأسال الله أن يجزيه عن الجميع أفضل الجزاء وأن يزيد من توفيقه فهو في الواقع على جبهة عريضة تحتاج إلى كثير من الجهد والعناء أعانه الله.
لا.. يا أمانة جده
ليسمح لي الأخ الكريم سعادة الدكتور خالد عبد الغني أمين مدينة جده أن أخالفة الرأي في اعتزام الأمانة إقامة صيوان للفنون الشعبية بجده خلال الثلث الأخير من شهر رمضان فهذه الفترة غير مناسبة لأي من الفنون سواء كانت شعبية أو غير شعبية ينبغي توجيه الناس فيها إلى تحري ليلة القدر بالصلاة والذكر والاتجاه إلى الله بعيدا عن اللهو وأقترح تأجيل أقامة هذا الصيوان إلى أيام عيد الفطر فهو الوقت المناسب للترفيه البرئ والله الموفق.
معلومات أضافية
- العــدد: 43
- الزاوية: كل يوم إثنين
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.