كل أسبوع
يقدم بعض طلابنا على دراسة الطب وهم يدركون الرحلة الطويلة التي يعطونها من شبابهم في سبيل هذه المهنة يدفعهم إلى ذلك إحساسهم بعظمة الخدمة التي سيقدمونها لبلدهم يوم يعودون إليه وقد تسلحوا بالعلم ليسدوا فراغا كبيرا عانى منه مواطنوهم الكثير من المتاعب بسبب قلة الأطباء في العالم وصعوبة توفيرهم لسد الحاجة.
وقامت عندنا كليات للطب وتسابق الممتازون من الطلبة للالتحاق بها بنفس الدوافع الوطنية والإنسانية وجاء نظام الخدمة المدنية ليضع الطبيب الذي أفنى زهرة شبابه وأمضى سبع سنوات من الجهد والكد في الدراسة جنبا إلى جنب مع الذي أمضى خمس سنوات فقط أو أربع.
وقبل ذلك جاء نظام تفرغ الأطباء الذي حال بينهم وبين ما يتاح لأسلافهم من غير السعوديين من تحسين مواردهم وخدمة المرضى في نفس الوقت بافتتاح عيادات خاصة في أوقات فراغهم مقابل بدل تفرغ لا يسمن ولا يغني من جوع.
وأخيرا جاء تكريم الدولة للأطباء كتقدير وتعويض عما فات وتقرر صرف بدل سكن للأطباء السعوديين قدر بمبلغ مائة وعشرين ألف ريال سنويا وصرف ذلك فعلا بأثر رجعي لثلاث سنوات للأطباء العاملين في وزارة الصحة وغيرها من المصالح الحكومية باستثناء الأساتذة والمدرسين والمعيدين في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة إذ صدر قرار الجامعة بصرف مائة ألف ريال فقط ولهذا العام فقط أيضا الأمر الذي أثار استغرابهم بل حز في نفوسهم.
ومن قبل كانوا متذمرين من خفض بدل التفرغ بالنسبة لهم إذ كانت الجامعة تصرف لهم 60% بينما تصرف جميع الوزارات الأخرى لأطبائها 80% مع أنهم يقدمون ساعات أكثر بمستشفي الجامعة ويعملون بإخلاص يشهد به كل من عولج بمستشفي الجامعة.
وما نريد أن نكرر ما قلنا من قبل بأن مثل هذه المؤثرات النفسية تدفع هذه الكفاءات إلى التسرب من الجامعات إما إلى التجارة والمقاولات وهي خسارة كبرى وقد حصل ذلك فعلا وإما إلى المستشفيات الخاصة وبعض الجهات التي تقدم امتيازات أكثر وهي الأخرى خسارة أيضا فنحن في ظروفنا التنموية أحوج ما نكون إلى تجنيد هذه الكفاءات لسد فراغات الجامعات وكليات الطب بالذات التي نتوقع إنشاء المزيد منها بحكم اتساع رقعة مملكتنا واحتياجاتنا الكبيرة إلى الأطباء في مختلف أنحائها وندرة الأطباء في كل بلاد الدنيا.
إننا نرجو من وزارة التعليم العالي وهي المحضن الهام والأجدر أن تتولى احتضان أبنائها الأطباء وغير الأطباء وكل اللقاءات التي تتطلع إلى سدها لما نحس به من فراغ في مسار نهضتنا الشاملة وإشعارهم بالتقدير والابتعاد عن التفريق بين طبيب وطبيب الذي يبعث الحزازات ويثير النفوس بل ويدمر الكفاءات ويقتل الطموح وخاصة أن الجامعات دائما لا تعين في هيئات التدريس إلا المتفوقين في التخرج فكيف يصح في الأذهان أن يعامل خريج ممتاز معاملة أقل من خريج جيد وربما مقبول؟
معلومات أضافية
- العــدد: 92
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.