القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 119 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الجمعة, 12 أغسطس 2011 14:51

ذكريات حلوة وجميلة

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

ذكريات رمضان من الذكريات الخالدة التي لا تمحي لأنها ذكريات تلامس الروح وتتركز في أعماق النفس ولا سيما عندما يرجع تاريخها للصبا والشباب ذلك العهد الذي يتسم بالمرح وخلو البال من الهموم والمنغصات،ولقد كانت أيام صبانا فعلا أياما خالية من الهموم ومشاغل الحياة تسيطر عليها البساطة رغم قلة ما في اليد وضعف الموارد ولكنها البركة التي نحس الآن أنها طارت من كل شيء.

  من أرسخ ذكريات رمضان تلك البساطة التي كنا نعيشها في عمر الصبا يوم كنا نتجمع في الأزقة والحواري تحت فوانيس البلدية أو أتاريكها فقد كانت للبلديات فوانيس وأتاريك هي وسائل الإضاءة الوحيدة للشوارع والأزقة فالأتاريك للشوارع والفوانيس للأزقة، نتجمع تحتها لنمارس أنواعا من اللعب البريء، أو الأحاديث والقصص التي نرويها عن جداتنا ننقلها إلي رفقاء الصبا نمتع بها جلساتنا حتى يحين موعد مدفع السحور أو قبله بقليل ليمضى كل منا  إلي داره التي غالبا ما تكون مثل هذه الجلسات على مقربة منها فلم يكن آباؤنا يسمحوا لنا بالغياب عن أنظارهم أو الابتعاد عن منطقة نفوذهم.

كانت ألعابنا الشعبية تختلف حسب السن والعضلات والطبيعة ( فالكيت ) للفتوة والأقوياء ولا أظن أبناءنا الآن يعرفون شيئا عن هذا اللعبة أو يمارسونها كرياضة بعد أن تطورت الرياضة عندنا ولعبة ( الكيت ) بالإضافة إلي أنها رياضية بدنية فأنها من تمارين الشجاعة والمصارعة وإظهار القوة فهي عبارة عن لقاء بين فريقين متقابلين في معركة بالأيدى ولكن بدون ضرب أو إيذاء أو إهانة، ولكن مجرد إمساك داخل الحدود أشبه ما يكون بالأسر وتعلن الغلبة والانتصار عندما يتمكن أحد الفريقين من القبض على أفراد الفريق الآخر وإخراجهم من المعركة.

وتأتي بعد هذه اللعبة ( لعبة الكرة الشراب ) وهي الكرة التي تصنع من الخرق قبل أن تأتينا هذه الكرة المصنوعة من البلاستيك – أو كما كنا نسميه جلد الخنزير – وهاتان اللعبتان بجانب أنها للتسلية فأنها نوع من الرياضة فلا يمارسها إلا ذوى الأجسام والقوة.

أما ألعاب التسلية فهي ( الكبوش ) و(البرجوه ) و ( الباسرة ) و ( الضومنة) كما كان للفن نصيب في ألعاب الصبيان فكانت السمسية هي آلة العزف التي يتجمع حولها من يجيد العزف عليها فريق الصبيان في ليالى رمضان كوسيلة من وسائل اللهو البريء.

من ذكرياتي الشخصية تعويد أبي لي اصطحابي معه الي صلاة التراويح بالمسجد الحرام خلف فضيلة الشيخ عبد الله عبد الغني خياط- أمد الله في عمره – فكانت قراءته مبعث خشوع واسترواح فعلي نتزاحم على الصفوف الأولي خلفه.

وبعد أن تنتهي التراويح العامة يبدأ الحفاظ للقرآن في إقامة صلوات تراويح أخرى متعددة في أرجاء المسجد الحرام تصلي وراءهم جماعات أخرى فأتتهم الصلاة العامة ويستذكر الأئمة الصبيان حفظهم للقرآن ويتعهدوه لئلا ينفلت من صدورهم فحافظ القرآن يحتاج دائما لتعهده بالقراءة والتسميع ليظل نابضا في صدره حيا في ذاكرته.

لم تعد صورة الأئمة المنتشرون في أرجاء المسجد الحرام فقد انتهت بعد أن امتلأت جميع أروقة وحصباء المسجد الحرام بالمصلين الذين راحوا يقبلون عي صلاة التراويح بالمواصلات المختلفة فيدركون الصلاة العامة مهما كانت مساكنهم بعيدة وتحول الصبيان من حفظة القرآن إلي المساجد المختلفة في أنحاء مكة المكرمة بفضل جهود جماعة تحفيظ القرآن التي راحت تشجع إقامة صلاة التراويح في مساجد مكة وتنتدب لها الحفاظ من تلاميذها.

من ذكريات رمضان التي لم تعد قائمة منظر المسعي يوم أن كان خارج المسجد الحرام وكانت الدكاكين والمحلات التجارية والمطاعم والأكلات الخفيفة ومحلات الفواكه والمرطبات تحتل جانبيه وكانت أصوات الباعة في نداءات ذات أنغام وجمال وتقول: مرحبا بك يا رمضان يا صائم لك الأجر الدائم. ياريتك يا رمضان ثلاثين في ثلاثين وغير ذلك من العبارات التي أنسيتها الآن.

وقبل الغروب تنتشر المباسط خارج الدكاكين هذه بسطة سمبوسك وتلك بسطة التمر وثالثة تعرض أنواعا من الشراب كشراب الزبيب أو السوبيا في أوعية فخارية تبريدا لها حيث لم نكن نعرف الثلج ولا المثلجات ورابعة من الأطعمة الخفيفة الحلوة التي يستصحبها الصائم معه الي داخل المسجد الحرام يفطر عليها مع الزمزم الذي كأن يتبارى زمازمة المسجد الحرام في تبريده في الدوارق الفخارية وتعطيره بالبخور المسمي ( بالقفل ) بفتح القاف والفاء وهو نوع من الخشب أو الحطب لا أدري من أي شجرة يستخرج يعطي الماء أو زمزم نكهة خاصة تحببه النفس.

أما رفقاء رمضان في تلك الأيام فإن منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر أذكر منهم الإخوة عبد الرزاق بليلة ومصطفي مصلي وعلي المحمد الفضل - أمد الله في أعمارهم وعبد العزيز المحمد الفضل وحامد دمنهورى وعمر شيخ– رحمهم الله -

هذا ما تبقي في الذكرة التي كلت عن ذكريات رمضان في القديم كتبته على عجل لضيق الوقت وأرجو ألا يقول لي القارئ وماذا استفدنا من ذلك؟ وجوابي أنه مجرد رسم لصورة اندرست يحلو لنا نحن أصحابها من الجيل القديم أن نعيشها ولو لحظات.

معلومات أضافية

  • العــدد: 94
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: الندوة
المزيد من مواضيع هذا القسم: « ليلة الجائزة في الاسبوع مرة »

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا