إلى وزارة العدل
لقد كنا أول من نادى بضرورة تسهيل أمور المواطنين في المحاكم الشرعية والدوائر القضائية وطالبنا بتقوية أجهزتها وزيادة موظفيها لما شاهدناه من معاناة.
وفي مرة سابقة تعرضنا لما كان يعانيه المواطنون في المحاكم الشرعية من متاعب بسبب تعنت بعض الدوائر الرسمية التي كان يؤخذ رأيها في الاستحكامات، أي إثبات ملكية الأراضي لا بسبب المحاكم نفسها.
وكان أن استجابت وزارة العدل – مشكورة فأعطت هذه الدوائر الشرعية بعض الموظفين وسمحت للبعض الآخر بالعمل، خارج الدوام من أجل تسهيل أعمال المواطنين وإن كان ما زال الأمل كبيرا في المزيد من التنظيم وإشغال الوظائف الشاغرة وإعادة النظر في كادر الموظفين في الدوائر الشرعية من غير القضاة لأن أعمال موظفي الدوائر الشرعية شاقة. واسألوا مجربا ولا تسألوا الطبيب. فقد أمضيت عشر سنوات بالمحاكم وأعرف أعمالها جيدا. ورواتبهم الآن لا تتكافأ مع ما يؤدونه من جهد ولو كنت شاعرا لأضفت بيتا إلى بيت الشعر الذي يقول:
إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما
- لأضفت بيتا من الشعر يضيف إلى الطبيب والمعلم موظف الدوائر الشرعية لأنه هو يمين القاضي ولا يكفي أن نكرم القاضي وحده..
أما بالنسبة لما كان يوضع في سبيل الاستحكامات من عراقيل فقد وضعت التنظيمات الكفيلة بإحقاق الحق وتيسير العمل واستيضاح الأمر..
لكن عقبات أخرى جديدة بدأت تقف في طريق هذه الصكوك، ليس الجديدة ولكن القديمة التي مضى عليها عشرات السنين وتفتح أبوابا كانت مغلقة لا داعي لفتحها زيادة في التطويل وإشغال المحاكم والدوائر الأخرى بمعاملات وإجراءات مطولة.
من المعروف أن الصكوك الشرعية القديمة ما كانت تعني بزرع الأراضي وتكتفي بالحدود الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية وبهذا صدرت آلاف الصكوك فإذا احتاج الأمر إلى الزرع جرى إحالة الصك إلى هيئة تسمى "هيئة النظر" قائمة بالمحكمة ليجري تطبيق حدود الصك بمعرفتها ومعرفة أهل الخبرة والمعرفة. وحري زرع الأراضي بواسطة مهندس وثم إثبات الزرع مبنيا على تحقق الحدود المذكورة بالصك والله يحب المحسنين وانتهى الأمر.
إلا أن أوامر جديدة صدرت الآن من وزارة العدل تلغي العمل بهذا الإجراء الذي كفل للصكوك الشرعية شرفها وقيمتها وأحكام القضاء المدرجة بها وتلزمه. من أجل إثبات الزرع فقط، بتطبيق "85-86" من تنظيم الأعمال الإدارية على كل معاملة إثبات زرع أي اعتبار الصك كأنه لم يكن وإجراء معاملة استحكام جديدة والاستفسار من الدوائر ذات العلاقة هل لها معارضة والإعلان في الجريدة. هل من معارض ؟ - إلخ ... تلك الإجراءات الطويلة المعقدة التي تتخذ دائما مع من يدعي ملكا بدون صك.
إن في هذا الإجراء إلغاء لصكوك شرعية محترمة مضى عليها عشرات السنين وفي الوقت نفسه اعنات ومشقة على المواطنين.. بالإضافة إلى فتح باب للخصومات بين صاحب الصك ومن يحمل له حقداً أو غلاً ليثير في وجهه الغبار والمشاغبة على الأقل مع أن الإجراء السابق شرعي لا غبار عليه فهو يعتمد على شهادة أهل الخبرة وهيئة النظر وهم في نظري – أعدل من شاهدين – أي شاهدين – يأتي بهما صاحب الأرض لا يعرف القاضي عنهما شيئا أكثر من شهادة اثنين آخرين يقولان أنهما عدلان.
بالإضافة إلى أن هيئة النظر دائما تحضر جيران المحدود ليقضوا معها ويوافقوا على الحدود ضمانا لعدم وجود خلاف في المستقبل.
إننا نأمل من وزارة العدل إعادة النظر في الإجراء الأخير احتراما للصكوك الشرعية القديمة وتخفيفا عن المواطنين وعن موظفي المحاكم وتحقيقا للأسلوب الأفضل والطريقة المثلى المتبعة من السابق.
والله وراء القصد.
معلومات أضافية
- العــدد: 13
- الزاوية: في الاسبوع مرة
- تاريخ النشر: 14/5/1404ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.