القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 171 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الأحد, 07 أغسطس 2011 12:55

حول نقابة المطوفين

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

 

عندما قرأت ما كتبه الأستاذ أحمد السباعي في كتابه الأخير"مطوفون وحجاج" عن ضرورة إيجاد نقابة للمطوفين تنظم شئون هذه الطائفة من الناس، وتعنى بتربية الحساسية بالكرامة والعزة في جماعة من أحق الناس بالعزة والكرامة حاولت أن أدلى برأيي في هذه المشكلة فلم يطاوعني القلم وتحرجت من الاشتراك برأيي في مسالة شائكة قد تكون وزراً فأشترك في إثمه وآثرت الصمت حتى أستمع آراء الآخرين.. وظللت خلال الشهور الماضية أستمع إلى آراء مختلفة في هذه النقابة، واستحالة تحقيقها عند فريق آخر ولكل من الفريقين وجهة نظره وبراهينه التي يراها قوية بيد أني حتى الآن لم أقنع بطريقة عملية لتحقيق هذه النقابة وإن كنت مؤمناً بإمكانية تحقيقها لو خلصت النية ودرست المشكلة من جميع النواحي.. وكنت أنتظر من المطوفين أو غيرهم التعليق على ما جاء بكتاب الأستاذ السباعي- تأييداً أو اعتراضاً - باعتبار الفكرة التي يدعو إليها فكرة اجتماعية تهم أكثر المواطنين كما أن التهم التي حملها الكتاب أو نعاها- على الأصح - على هذه الطائفة من المواطنين تهم خطيرة إما أن تكون صحيحة فالواجب يقتضينا جميعاً محاربة أسبابها، وإما أن تكون غير صحيحة فلابد من تقرير الواقع. نعم انتظرت..وطال انتظاري ولم يعقب أحد وكنت مؤثر السلامة بالصمت ولم يكن في حسباني أن مشكلة الطوافة والمطفوفين ستزداد تعقيداً والحالة سوءاً حتى جاء موسم سنة 1373 فسمعت ما سمعت.. ورأيت ما رأيت سمعت كثيراً من قصص المطوفين وما يبذلونه من مال وما يركبونه من صعاب في سبيل زيادة عدد حجاجهم حتى أصبح المطوف لا يأخذ حقه الصريح إلا بالرجاء والإلحاف وكأنه يستجدى أو يتقاضى حسنة.. ورأيت ما أعلنه مطوف من المطوفين في الصحف المصرية – وهي بادرة جديدة تستحق التسجيل - عن استعداده لقبول أي حاج وإسكانه بمكة بجوار المسجد الحرام وفي منى وعرفات مع إمداده مدة إقامته بموسم الحج - مهما طالت – بالماء والنور والثلج والمرطبات (والشيشة) مقابل خمس جنيهات فقط.. أي والله خمس جنيهات فقط أي خمسين ريالاً عربياً مقابل أجرة دار مكة وحوش وخيمة بمنى وعرفات مع الماء المثلج والمرطبات والماء العادي والنور (والكيف) لمدة لا تقل عن شهر بحال - وقد تزيد!! فكم منها لبيت مكة بجوار المسجد؟! وكم للماء؟ وكم للخيمة؟! وكم للمرطبات؟! وكم للثلج؟! وكم للشيشة؟! لقد حاولت أن أوزع هذا المبلغ على هذه المستهلكات فلم أستطع بحال حتى اتهمت نفسي بالضعف في مادة الحساب وجهل الأرقام وانتهيت إلى أمرين أحلاهما مر.. فإما أن يكون هذا المطوف مخادعاً لا يفي بتعهداته وإما أن يدفع من جيبه الخاص تكملة التكاليف.. وويل للمطوف الفقير.. ومطوف آخر داره قريبة من المسجد الحرام طلب من حجاجه ثلاث جنيهات فقط للسكن بمكة والخيمة بمنى وعرفات والماء والنور هنا وهناك طيلة أيام الموسم. وثالث تقاضى أربع جنيهات على ذلك كله وهكذا يتراوح ما يتقاضاه المطوفون بين الثلاثة والخمسة الجنيهات - والخمسة نادراً - وكلها في رأيي لا تفي بالمصاريف ولكنها المنافسة والتهافت على استجلاب الحجاج وإلتماس رضاهم بأي وسيلة وليقال – في مجال التفاخر – أن فلاناً حجاجه ألف وفلان حجاجه نصف ألف أو يزيدون. وفئة من المطوفين تستعين على جلب الحجاج بالسماسرة فتشترى الحاج من السمسار بجنيهين أو ثلاثة وفئات من الحجاج والهيئات تشترى المطوفين فتتعاقد معهم على قبول الحاج بجنيهين أو ثلاثة مقابل السكن والماء والنور وكافة الخدمات منذ وصوله مكة إلى خروجه منها.. وإذا قارنا بين الطريقة التي يستقبل بها المطوفون هنا حجاجهم والأسلوب الذي يتقاضون به حقوقهم وبين طريقة وأسلوب أصحاب اللوكندات والفنادق في البلاد العربية الأخرى نجد أن الفرق شاسع والبون بعيد.. فالمطوف في مكة يستقبل الحاج ويتولى خدمته وإسكانه وينفق على تنقلاته دون أن يتفق معه على أجر معين فإذا أراد مغادرة البلاد جاءه يتلطف في طلب حقوقه إلى درجة الاستجداء وقد يدفعها له كاملة وقد يدس يده في جيبه ليخرج له النصف أو أقل من النصف قائلاً: كل سنة وأنت طيب.. ويشفع ذلك بمعسول الوعود من قدوم جميع أهله وأقاربه ومعارفه في العام القابل للسؤال عن هذا المطوف وما أحلا هذا الوعد في قلوب المطوفين. أما صاحب الفندق في أي بلد فإنه يجابه النزيل بالمطلوب منه وهو عند باب الفندق فلا تطأ قدمه المسكن حتى يعرف ماله وما عليه فهل أصبح المطوفون أقل شأناً من أصحاب الفنادق؟! ولماذا كل هذا الهوان؟ وهل يستطيع أحد ذهب إلى أي بلد عربي أن يجد مثل ما يجده الحاج هنا، وبنفس القيمة مع الفارق الكبير في تكاليف الحياة عندنا وعندهم؟؟ هل يستطيع أحدنا أن يجد سكناً وماء وثلجاً ومرطبات وشيشة لمدة شهر فقط مقابل خمس جنيهات فقط أو ما يعادلها في القاهرة أو بيروت أو دمشق؟! في الأيام العادية فضلاً عن أيام موسم كهذا تضيق فيه البلد بسكانها وتزدحم بالوافدين إليها من كل صوب تبعاً لذلك وسائل العيش ووسائط النقل. أيها المطوفون: عجلوا بتأسيس النقابة التي تنظم شئونكم وتحفظ كرامتكم وتجعلكم على الأقل في مستوى أصحاب الفنادق وإن كنت لا أرضى لكم هذا المستوى ولن أرضاه لنفسي وأنا واحد منكم بل أحب أن تقتصر مهمة المطوف على الإرشاد والتوجيه والإشراف على تنظيم الرحلات والتنقلات فقط. أما هذا الأسلوب الذي يتخذه بعضكم في استجلاب الحجاج فاسمحوا لي أن أصارحكم أنه أسلوب غير كريم. فبادروا إلى الاجتماع – وفيكم ذوو الرأي وأصحاب الفكر – وتدبروا الأمر وادرسوا المشكلة من جميع نواحيها وتقدموا إلى الحكومة بمشروع ناضج يضمن كرامتكم مع راحة الحاج وإن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير؟

معلومات أضافية

  • العــدد: 1655
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: البلاد

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا