من هو نيرون الجديد
لقد أحرق نيرون روما ثم جلس يتفرج عليها.. هذا ما تقوله الأسطورة أو الحقيقة لا أدري بالضبط فمن هو نيرون الذي أحرق وما زال يحرق بيروت جوهرة الشرق الأوسط اقتصادا وجمالا ويجلس الآن كالمتفرج الوحيد لا يحاول أي عمل يوقف امتداد النيران أو يطفئها؟
أمريكا! إسرائيل؟! فرنسا! بريطانيا! في نظري أنا ولا واحد من هؤلاء فكلهم لم يلجأ أن يقدم على هذه الجريمة النكراء تحسبا للرأي الدولي العام.
ولكن – والقلب يتقطع حزنا – الذي فعل هذا وما زال يفعله هم فريق من اللبنانيين أنفسهم أعماهم بريق السلطة وسحرتهم لعبة الكراسي.. يجتمعون ويتفرقون.. يتفقون وينقضون.. يتحاربون.. ويتهادنون.. ويحتمون ويتحصنون.
والضحية الوحيدة هي الوطن.. هي لبنان هي شعب لبنان البائس.. هي اقتصاد لبنان الذي كان في قمة الازدهار هي أرض لبنان التي كانت جوهرة متألقة في الشرق الأوسط.
قنابل واغتيالات وتدمير واختطاف وقتل على الهوية كلها تسجل ضد مجهول وكان لبنان ذلك البلد المتحضر أصبح غاية.. أي نعم والله غاية وكل أهل بلد عربي أو غير عربي يبكي لبنان وأهل لبنان أو على الأصح من بيدهم الأمر في لبنان يتفرجون وربما يضحكون كما فعل نيرون.
آخر الانفجارات التي لم يعثر على فاعلها الاعتداء على بيت من بيوت الله أثناء صلاة الجمعة في طرابلس كان ضحيته سبعين قتيلا وجريحا من المصلين وانهيار جزء من المسجد ومبنى مجاور كان يشغله عدد من الأسر اللبنانية المهجرة التي فرت من الموت في مناطق أخرى فوقعت في الموت هنا.
وكم من الانفجارات سبقت هذا الانفجار ولم يعرف الفاعل وظل يسرح ويمرح دون أن تطوله يد ومثله من الاختطافات والاغتيالات دون أن يحل بفاعلها العقاب.
فهل يمكن أن نتوقع لهذه الأعمال من توقف أو انحسار؟! لا نظن لأن من أمن العقوبة أساء الأدب وما دامت الجرائم ترتكب دون زاجر وربما تحت حماية وتحريض بعض الزعامات لأنها لو كانت فردية لاستطاعت الدولة السيطرة عليها ودفعها.
لقد كانت بيروت ملجأ الأحرار من العرب يلجأ إليها كل من ضاقت به سبل الحياة في بلده واليوم أصبح أهل بيروت بل لبنان كله يبحثون لهم عن ملاجئ في شرق الدنيا وغربها ولولا بقية من بطولات في جنوب لبنان نقرأ عن زلزلتها لإسرائيل التي استطاعت بفضل هذه الخلافات وهذه النزاعات أن تحتل جزءاً من لبنان.. لولا هذه البقية لصلينا على لبنان وبكيناه. ولولا ثقتنا في شعب لبنان وقدرته على التعايش لا فرق بين مسيحي ومسلم لفقدنا الأمل في عودة لبنان.
فيا حكام لبنان ويا زعماء لبنان ويا رجال لبنان أما آن لقلوبكم أن تخشع لهذه المآسي التي أدمت قلب البعيد قبل القريب؟! أين حبكم للوطن؟! أين ولاؤكم له؟! أين عواطفكم نحو إخوانكم من اللبنانيين الذين قتلوا أو خطفوا أو دمرت ممتلكاتهم وضاعت أموالهم وقطعت أوصالهم وشرد أطفالهم؟!
وماذا دهاكم حتى أخلدتم إلى هذا الوضع البئيس المظلم وارتحتم له ولم تعودوا تفكرون إلا في غنائم ما بعد الحرب وحصة كل حزب حتى أصبح غنائم ما بعد الحرب وحصة كل حزب حتى أصبح انسحاب إسرائيل من وطنكم ينذر بمذبحة لا تعرفون كيف تتقونها؟!
صحيح أن هذه أمور داخلية لا حق لنا في التدخل فيها ولكن لبنان عربي ونحن عرب ولأرض لبنان، وجبال لبنان، ومياه لبنان، علينا حقوق طالما نعمنا بالحياة فيها وتمتعنا بمناظرها وأمضينا لحظات سعيدة في زحلة ونبع الصفا ونبع الباروك وآثار بعلبك وجبال الأرز وغير ذلك مما يطول ذكره فهل يصح أن نكون نحن أوفي منكم وأحنى على لبنان.
اللهم اهد اللبنانيين إلى الصواب ووفق بينهم لصالح عبادك المؤمنين.
معلومات أضافية
- العــدد: 6817
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.