الطمع.. وبئس المصير
عندما فاجأنا صدام حسين بتهديد إسرائيل بل بتهديد أمريكا وأوروبا والاتحاد السوفيتي بالقدرة على حرق نصف إسرائيل – ولم نعرف يومها تفسيرا لهذا النصف فقط ولماذا لا يكون الكل – استبشرنا وحمدنا الله أن وجد بين العرب من يستطيع توجيه مثل هذا التهديد والإنذار وكنا ننتظر ذلك اليوم الذي نضع يدنا في يده ونصف كتفنا إلى كتفه لنعلن الجهاد في سبيل الله لاسترجاع الوطن السليب فلسطين الحبيبة.
فإذا بها فقاعة هواء ورصاصة فشنك أتاحت لإسرائيل فرصة لتزويدها بالمزيد من الأسلحة والذخيرة ووسائل الدفاع لحمايتها من الحريق "الوهمي" الذي هدد به صدام حسين.
وبينما نحن نعيش أحلام غزو إسرائيل واسترجاع فلسطين نفاجأ بكابوس مزعج أيقظنا بفزع على غزو العراق للكويت غزوا وحشيا خداعيا يحتل الأرض ويطرد الشعب ويدمر الحياة ويهدم ويسرق ويقتل ويغتصب وبصورة ينكرها الإسلام حتى مع اليهود والنصارى.
غزو عدو حاقد وليس غزو صاحب حق يريد استرجاع حقه كما يزعم – لأن صاحب الشئ يحافظ عليه بقدر الإمكان ليستعيده سليما بأقل خسارة وخاصة أنه لم يقابل بمقاومة أو دفاع إذ كان الغزو مباغتا وأثناء مفاوضات تجرى وتعهد بعدم الاعتداء وثقة فيمن لا يستحقها.
وبعد أن تكشفت الحقائق ووضحت الأمور ظهر أنها مؤامرة دنيئة شاركه فيها شرذمة من قادة الدول العربية الذين أحسنت إليهم الكويت ومدت لهم يد العون مراراً وتكراراً وفتحت بلادها لهم يسرحون ويمرحون فيها ويكونون الثروات.
مؤامرة هيئوا لها الأجواء فيما بينهم وبعيدا عن عيون الدول العربية الأخرى ووزع عليهم صدام مقدما غنائم هذه المؤامرة الدنيئة ووعدهم بالإغداق عليهم ملايين الدولارات من أثمان بترول الكويت وغيرها المنهوب فصدقوه وتلك بعض صفات الطماعين – ورحمة الله على سيدهم وإمامهم أشعب – مع أن من بينهم من يعدون من دهاة الحكام العرب المحنكين والبعض الآخر من البلهاء الذين ركبوا الموجة في غفلة من الزمن.
وفوجئ الغزاة بالموقف الصلب الذي وقفته أكثرية الدول العربية الحرة ودول العالم ورفض الاحتلال ووجوب الانسحاب فاسقط في أيديهم ولكن الغرور والكبرياء والحماقة التي أعيت من يداويها جعلهم يستمرون في طغيانهم يعمهون ويصمون أذانهم عن نداءات الخير والحق ويتمادون في الضلال والخداع والجعجعة والأكاذيب لعلهم يستطيعون بالإرجاف والإرهاب الحصول على أية مكاسب يحفظون بها ماء وجوههم الذي اهريق في التراب ولكن دون جدوى فالهزيمة النكراء مصيرهم وبئس المصير.
معلومات أضافية
- العــدد: 8965
- الزاوية: شمس وظل
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.