حديث الخميس
"الحرية الشخصية" عبارة يستغلها كثير من الناس أسوأ استغلال، متناسين أن للحرية حدودا يجب ألا تتخطاها، فالإنسان حرفي أن يعمل ما شاء وأن يقول ما شاء إلا إذا كان في عمله أو قوله إيذاء للآخرين.
فهذا رجل آتاه الله مذياعا "راديو" يرى أن من تمام الجاه أن يمتن على جيرانه الأقارب والأباعد فيشنف آذانهم – على كره منهم – بنغمات مذياعه المقبولة أحيانا والمنكرة في أكثر الأحيان، مطلقاً العنان لصوت هذا المذياع أن يرتفع ما شاء غير مكترث بما يلحق هؤلاء الجيرة – لاسيما الأدنون منهم – من أضرار الإزعاج والإقلاق، وفيهم العامل الذي يكدح خلال النهار في سبيل العيش وينتظر الليل بفارغ الصبر كي يعطي جسمه وعقله الراحة والهدوء عوض ما فقدا في النهار.
فإذا قلت له يا سيدي الكريم: تفضل فاغضض من صوت مذياعك؛ واكتف بإسماع نفسك ومن حولك من أهلك ودع جيرانك ينعمون بالنوم الهنئ والراحة الجميلة؛ انتفخ كما ينتفخ الهر، وصاح في وجهك حانقاً: ماذا تريد مني؟ أتريد أن تسلبني حريتي الشخصية؟ إنني في داري ولي كامل الحرية في أن أعمل ما أشاء!!
وهذا جار آخر أو لعله في حكم الجار يقارف الإثم ويزاول المنكر ويترك الصلاة على مرأى ومسمع من جيرانه فإذا نصحوه ورجوه الكف أو الاستتار على الأقل أخذته العزة بالإثم وأجاب: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) فإذا قلت له: إن هذه الآية لا تصلح للاستدلال في هذا المقام، ألم تسمع إلى قول الرسول عليه السلام: أن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يده أوشك الله أن يعمهم بعقابه إذا قلت له هذا انتفخ هو الآخر وقال لك: أني حر وليس من حقك أن تسلبني حريتى فدعني وشأني ولن يحاسبك الله على عملي..
فيا أيها "الأحرار" من هذا الصنف قدروا شعور غيركم عندما تريدون الاستمتاع بحريتكم ويا جيرة هؤلاء "الأحرار" لا ترعوا لهم حرمة واضربوا على أيديهم ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أولئك هم المفلحون.
معلومات أضافية
- العــدد: 21
- الزاوية: حديث الخميس
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: البلاد
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.